المحفظة الاستثمارية المثلى

المحفظة الاستثمارية المثلى

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك متغيران يحكمان قوة سهم الشركة في السوق المال، هما العائد والمخاطرة. المشتري سيتجه نحو الشركة ذات العائد الأكبر، وهذا أمر منطقي، أما إذا تساوت أكثر من شركة في العائد فإن الكفة سترجح الشركة ذات المخاطر الأقل. وإذا أراد المستثمر شراء أسهم وسندات متنوعة المخاطر والعائد،

وهو ما يعرف بالمحفظة الاستثمارية، فعليه التأني في إدارة هذا المحفظة. المحفظة الاستثمارية هي مصطلح يطلق على مجموع ما يملكه الفرد من الأسهم والسندات. والهدف من امتلاك هذه المحفظة هو تنمية القيمة السوقية لها، وتحقيق التوظيف الأمثل لما تمثله هذه الأصول من أموال.

والعوامل التي تؤثر في نوع المحافظة الاستثمارية للفرد هي: العمر، والوضع والمسؤوليات الاجتماعية، والحالة الصحية للمستثمر، ومعدل الدخل الحالي واستقراره، وطبيعة النظام الاقتصادي ونظام الضمان الاجتماعي، والأفق الزمني للمحافظة، العادات الاتفاقية للفرد، والنظرة السيكولوجية للنقود ومدى تقبل الفرد لفكرة المخاطر.

ليست المحفظة الاستثمارية المثلى مفهوما مطلقا، وإنما هي مفهوم نسبي. لذا من الصعب تحديد نموذج عام وموحد يحدد مواصفاتها من وجهة نظر جميع المستثمرين.

لكن يمكن تعريف المحفظة المثلى من وجهة نظر المستثمر الرشيد على أنها تلك المحفظة التي تتكون من تشكيلة متنوعة ومتوازنة من الأصول أو الأدوات الاستثمارية، وبكيفية تجعلها الأكثر ملاءمة لتحقيق أهداف المستثمر، مالك المحفظة أو من يتولى إدارتها.

وإذا ما علمنا بأن للمستثمرين أنماطاً مختلفة للمحفظة المثلى. ويتحدد نمط المستثمر بشكل عام في ضوء متغيرين أساسيين يقوم عليهما أي قرار للاستثمارهما:

أولا: العائد على الاستثمار: ويقصد بعائد الزيادة الحقيقية في أصل المحفظة خلال العام منسوبة إلى قيمة هذه الأصول في بداية العام ممثلة في صورة نسبة مئوية.

ثانيا: مستوى المخاطرة المقبولة: ويقصد بمخاطرة المحفظة مقدار الانحراف المعياري الحادث في عائدها الفعلي عن عائدها المتوقع. قد وظف واضعو نظرية المحفظة مفهوما اقتصاديا معروفا هو مفهوم المنفعة الحدية في تقسيم المستثمرين عامة في فئتين وذلك وفق تقبلهم لمخاطر الاستثمار.

وهاتان الفئتان هما: فئة المستثمرين الرشيدين: المستثمر من هذه الفئة يكون بطبيعته متحفظا تجاه عنصر المخاطر، وفئة المستثمرين المضاربين: المستثمر يكون مخاطراً بطبيعته وعاشقا لها.

ووفقا لنظرية المحافظة، يحقق العائد على الاستثمار بالنسبة للمستثمرين درجات متفاوتة من الإشباع وذلك تبعا لتفاوت درجات المنفعة الحدية التي يحققونها منه، تماما مثل تفاوت المنافع الحدية للسلع الاقتصادية بالنسبة للمستهلكين.

وكما ان المنفعة الحدية للسلع تكون للمستهلك الرشيد متناقصة، فان المنفعة الحدية للعائد على الاستثمار بالنسبة للمستثمر الرشيد تكون هي الأخرى متناقصة. وتندرج الغالبية العظمى للمستثمرين تحت النمط الأول وهو المستثمر الرشيد المتحفظ تجاه عنصر المخاطرة والذي يمكن وفقا لوجهة نظره تحديد إطار عام لمواصفات المحفظة المثلى لما يلي:

أولا: تحقق للمستثمر توازنا معقولا بين عنصري العائد والأمان.

ثانيا: تتسم أصولها بقدر من التنويع الايجابي، مع مراعاة أن لا تقتصر أهداف مدير المحفظة على مجرد تنويع أصولها فقط، بل تشمل أيضا التنويع الجغرافي لأدوات الاستثمار فيها بما في ذلك آجال هذه الأدوات والعملات الأجنبية المقومة بها.

وذلك حتى يكون بالإمكان تخفيض معظم المخاطر غير المنتظمة التي تتعرض لها الاستثمارات بما فيها المخاطر السياسية، ومخاطر تقلبات أسعار الصرف الأجنبي.

ثالثا: ان تحقق أدوات المحفظة حدا أدنى من السيولة او القابلية للتسويق ما يوفر لمديرها ميزة المرونة التي تمكنه من إجراء أي تعديلات جوهرية يراها مدير المحفظة ضرورية وبأقل قدر من الخسائر.

وتقوم عملية بناء المحفظة المثلى للمستثمر الرشيد على ثلاثة مبادئ أساسية هي

(1) إذا ما خير هذا للمستثمر بين محفظتين استثماريتين تحققان نفس العائد ولكن مع اختلاف درجة المخاطرة المصاحبة لكل منهما، فانه سيختار حينئذ المحفظة ذات المخاطرة الأقل.

(2) وإذا ما خير بين محفظتين استثماريتين بنفس درجة المخاطر ولكن مع اختلاف العائد المتوقع من كل منهما، فانه سيختار حينئذ المحفظة ذات العائد الأعلى.

(3) اما اذا ما خير بين محفظتين استثماريتين وكانت الاولى منهما مثلاً أعلى عائداً وفي الوقت نفسه اقل مخاطرة من الثانية فانه سيختار المحفظة الأولى.

ويتمثل المعيار الأساسي للحكم على نجاح او فشل سياسة تنويع المحفظة الاستثمارية في مدى تحقيق الهدف الرئيسي لهذه السياسة ممثلا في تخفيض مخاطرتها المرجحة الى حدها او في ضمان تحقيق العائد المرجح المتوقع منها في الوقت نفسه وذلك يتطلب من مدير المحفظة وعيا كاملا لأبعاد سياسة التنويع والوقوف على متطلباته، ومحدداتها أيضا.

هذا يعني ان حرية مدير المحفظة في انتهاج سياسة التنويع ليست مطلقة نظراً للعقبات والقيود الكثيرة التي قد يفترض سبيله في هذا المجال، مما يفرض عليه ان يتوخى الحذر في انتهاج هذه السياسة اذ توجد حالات كثيرة قد تتقلب فيها المزايا المنتظرة من التنويع الى عواقب وخيمة على المستثمر.

وفي هذا السياق على مدير المحفظة ان يراعي ثلاثة اعتبارات مهمة هي:

الأول: تنويع المخاطر الاستثمارية : فمخاطر الاستثمار متعددة المصادر والأسباب، ومع ان رجال الأعمال يصنفونها تصنيفات مختلفة على أسس مختلفة، إلا أن التصنيف الأكثر شيوعا لها هو تقسيمها في فئتين : مخاطر سوقية ومخاطر غير سوقية.

اما المخاطر السوقية وهي ما يمكن تسميتها أيضاً بالمخاطر العادية كما هي في تلك المرتبطة أسبابها بشكل عام بظروف السوق المالية، لذا تنعكس آثارها على أسعار جميع أدوات الاستثمار المتداولة فيها ولو بنسب متفاوتة،

ولذلك في صورة تقلبات سعرية واهم مميزات المخاطر السوقية أنها منتظمة في حدوثها، لذا يمكن توقعها حسب دورات سوقية معينة كما لا يمكن تجنبها. لكن المخاطر غير السوقية والتي هي من النوع غير العادي فتحدث في أوقات غير منتظمة ولأسباب خارجة عن ظروف السوق المالية،

لذا يصعب التنبؤ بحدوثها، وفي حال حدوثها تكون آثارها جسيمة جدا على أسعار أدوات معينة من أدوات الاستثمار دون غيرها. ومن الأمثلة عليها المخاطر الإدارية التي تؤثر على أسعار أسهم شركات معينة بسبب فشل مجلس إدارتها.

ومن المهم لمدير المحفظة ان يعلم بان سياسة التنويع لا تنجح الا في تخفيض النوع الثاني من المخاطر، اي المخاطر غير السوقية فقط، لكنها لا تجدي في تخفيض المخاطر السوقية والتي تكون آثارها عامة فتصيب جميع أصول المحفظة بلا استثناء.

الثاني: عدد أصول المحفظة: فكلما زاد عدد أدوات الاستثمار التي تشكل منها المحفظة، تزايدت مزايا سياسة التنويع في تخفيض مخاطرها والعكس بالعكس. فكلما زاد عدد أصول المحفظة،

تنخفض احتمالات تركز الخسارة في أصل معين من هذه الأصول والعكس بالعكس. لكن على مدير المحفظة ان يراعي أيضاً وجود حد معقول لتعدد تشكيلة أصول المحفظة وذلك للمحافظة على جدوى سياسة التنويع، لضغط نفقات إدارتها.

الثالث: معامل الارتباط بين أصول المحفظة:

يعتبر هذا العامل من أكثر العوامل حسما في نجاح او فشل سياسة تنويع أصول المحفظة. اذ على نوع الارتباط القائم بين عوائد ومخاطر أصول المحفظة من جهة، وقوة او ضعف معامل الارتباط بينها من جهة أخرى تتوقف فعالية سياسة التنويع.

نقطة وأول السطر...

إنما أنت أيام مجموعة فكلما ذهب يومك، ذهب بعضك، وأهل الجد والنظام يدركون أن الوقت هو الحياة ولذلك يحرص كل منهم على استثمار كل لحظة من لحظات حياته في عمارة دينه ودنياه لعلمه أن الله عز وجل سائله عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه، وإذا عود الإنسان نفسه على الانتفاع بوقته، فإن ذلك سيدفعه إلى إتقان تنظيم حياته.

dr.jamal@dc.gov.ae

Email