خبراء دوليون يحذرون : 2006 سيكون عاماً صعباً على الدول الكبرى

توقع خبراء أن يكون العام الجديد صعباً بالنسبة للدول الكبرى وحذروهم من أنه لابد أن يعتادوا على أن المال لن يكون سهلاً في العام الجاري وقد رفع البنك الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة إلى أقصى حد حتى الآن في الولايات المتحدة، ورفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الشهر الماضي لأول مرة من 5 سنوات.

ويحتمل أن يرفع السعر مرة أخرى وبعد سنوات من سعر فائدة يقارب الصفر في اليابان من المتوقع أن تشدد اليابان السياسة النقدية وليس بالضرورة من خلال رفع أسعار الفائدة بل من خلال خفض مشتريات سندات الحكومة من البنوك التي تضخ الين في الأسواق.

وسوف يكون لهذه السياسات عواقب بعيدة المدى على الاقتصاد العالمي وأسواق المال. وكان النشاط الاقتصادي في أميركا وأوروبا يسيراً بفعل إطلاق حرية الإقراض منذ 2001، عندما أدى انهيار شركات التقنية إلى تسهيل السياسات المالية.

وسوف تكون إزالة هذه الدفعة القوية بدون خفض النمو في أوروبا واليابان أو تحييد أثر سوق المنازل في أميركا مهمة صعبة إن لم تكن محفوفة بالمخاطر، كما تقول صحيفة نيويورك تايمز.

وقال توماس ماير الخبير الاقتصادي في دويتشه بنك في لندن إن هذه سياسة عليا، فقد كان الاقتصاد العالمي غارقاً في السيولة النقدية والسؤال هو كيف نأخذ هذه السيولة من الاقتصاد العالمي دون حدوث أي انهيار.

وقد تكون الإجابة لدى البنوك المركزية في أميركا وألمانيا واليابان فلا يتخذ أي من هذه البنوك سياسات عدوانية جريئة ويبدو أن البنك المركزي الأوروبي والمركزي الياباني مستعدان لمراجعة نواياهما إذا تدهورت الأوضاع الاقتصادية فجأة .

وفيما ترك البنك المركزي الأميركي الفرصة لمزيد من رفع أسعار الفائدة من المعتقد أنه سيصل إلى نهاية الدورة بعد رفع أسعار الفائدة إلى 25 ,4% من خلال رفعاً للسعر في كل مرة بنسبة ربع نقطة مئوية. لكن المحللين يقولون إن النبأ السار هو أن العالم لديه قوة دفع قوية .

وهو يدخل العام الجديد مدفوعة بالنمو السريع في آسيا واستمرار النمو الأميركي، وبالتالي يستطيع الاقتصاد العالمي أن يسجل نمواً بنسبة 5 ,4% في العام الجاري، وفق توقعات دويتشه بنك، أي ما يعادل نمو العام الماضي تقريباً.

* أميركا

وقد تصل أسعار المنازل في أميركا إلى الذروة ولا يزال الاقتصاد هناك قوياً، ويحتمل ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي على خلفية انخفاض أسعار البترول نسبياً.

وتوقع دويتشه بنك أن يسجل الاقتصاد الأميركي نمواً بنسبة 9,3% في العام الجاري، فيما بعد بنفس قوة نمو العام الماضي تقريباً وتوقع اقتصاديون آخرون أن يكون الاقتصاد الأميركي أقل قوة من العام الماضي ليصل إلى 3,3% مقارنة بنسبة 7,3% العام الماضي.

* آسيا

ومن المتوقع أن يتسارع النمو في آسيا بفضل استعادة الاقتصاد الياباني شبابه واستمرار الطفرة في الصين وتوقع الخبراء أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 9% في العام الحالي، أي أقل قليلاً من العام الماضي وفق توقعات بنك التنمية الآسيوي.

* أوروبا

حتى في أوروبا التي خيّبت آمال التوقعات في العام الماضي، قد تسجل نمواً جيداً في العام الحالي بفضل استمرار الطلب القوي على صادراتها، من الصين ومن أسواق تقليدية مثل أميركا.

وهناك إشارات على أن يصحو الاقتصاد الألماني من سباته الطويل. وهناك عوامل قد لا تجعل هذه التوقعات تحقق مثل الانخفاض الحاد في أسعار العقارات في أميركا بدلاً من أن يكون الانخفاض تدريجياً، مما يحجم الإنفاق الاستهلاكي. وسوف يؤدي ذلك، لو حدث، إلى الإضرار بكل من أوروبا والصين، اللتين تصدران 40% من منتجاتهما إلى أميركا.

ولو حدث انخفاض في معدل النمو الاقتصادي في الصين، سواء بسبب الضغط السياسي الداخلي أو المقاومة من الخارج، فسوف ينعكس ذلك سلباً على الاقتصاد العالمي. فقد ساهم انخفاض تكلفة التصنيع في الصين في قوة الاقتصاد العالمي بطرق عدة، لا سيما خفض معدل التضخم.ويقول ستيفن روسن الخبير الاقتصادي الأول في مورجان ستانلي:

إن الاقتصاد العالمي كان مدفوعاً خلال السنوات الثلاث الماضية بمحركين هما الإنتاج الصيني والاستهلاك الأميركي، ومن المتوقع أن يبطئ المحركان حركتهما، والسؤال ما إذا كانت سفينة الاقتصاد العالمي سوف تبطئ بسبب ذلك. ولا يتوقع روسن أن تحدث هذه الكارثة، لكنه يقول إن هناك مخاطر.

فإذا استمرت طفرة الصادرات الصينية ستواجه الصين تزايداً في الضغوط من أميركا لرفع سعر عملتها المحلية، مما قد يعيد توجيه اقتصاد الصين من التصدير إلى السوق الداخلية.

ويقول روسن إن الجميع يعترف بقوة نمو الاقتصاد الصيني، لكن العام الحالي سوف يشكِّل تحدياً. وسوف تشكل عودة انخفاض الدولار الأميركي، التي توقعها روسن لهذا العام، ضغطاً على المستهلك الأميركي لأنه سيرفع من تكلفة الواردات. وسوف يهدد هذا بدوره سوق المنازل التي ترتفع كالصاروخ.

والمتوقع أن تعود العلاقة التجارية غير المتوازنة بين الصين وأميركا للظهور في العام الحالي وتطلب دوراً حيوياً في قيمة الدولار. وثبت أن مرونة الدولار من المفاجآت في العام الماضي. فقد انخفض بحدة أمام اليورو والين وعملات أخرى في 2004، وتوقع روسن وغيره أن يستمر الهبوط في 2005.

لكن أميركا بعد كل شيء تعاني من عجز في الحساب الجاري، يُقدَّر بنحو 200 مليار دولار ويرى غالبية خبراء الاقتصاد أنه عجز غير مستقر. لكن الدولار ظل قوياً وعاد للارتفاع لأسباب منها اتساع الفجوة بين أسعار الفائدة في أميركا وأوروبا واليابان.

وكان اليورو أيضاً أضعف بسبب ضعف الأداء الاقتصادي الأوروبي وأزمة الانتخابات الألمانية ورفض الدستور الأوروبي المقترح في فرنسا وهولندا. والآن مع انتعاش أوروبا واليابان واقتراب البنك المركزي الأميركي من نهاية دورة رفع أسعار الفائدة، يتوقع المحللون أن يعاود الدولار الانخفاض أمام اليورو والين الياباني. ويشير الخبراء إلى أن عجز الحساب الجاري الأميركي سوف يعود لبؤرة الضوء.

وقال مايكل شوبرت محلل العملات في كوميرز بنك إن المستثمرين سوف يأخذون هذا الخطر في الاعتبار والشيء الوحيد الذي نعرفه عن عجز الحساب الجاري الأميركي أنه قد يستمر إلى الأبد. ويقول ماير إن انخفاض الدولار قد يساعد الأسهم الأميركية لأنه سيرفع القدرة التنافسية للصادرات الأميركية.

لكن غموض مستقبل الإنفاق الاستهلاكي قد يجعل من الصعب على الأسواق الأميركية أن تعود لسابق نشاطها في السنوات الأخيرة.

ومن جانب آخر، لن ترحِّب أوروبا بارتفاع سعر اليورو لأنها تعتمد على الصادرات. وتوقع مورجان ستانلي لأسواق الأسهم الأوروبية ركوداً هذا العام، خاصة ان أرباح الشركات مرتفعة بالفعل وترتفع أسعار الفائدة.

وسيكون تكرار ما حدث في 2005 صعباً في ألمانيا، فقد ارتفع مؤشر داكس، الذي يشمل شركات مثل ديملر كرايزلر وفولكس فاجن وسيمنز، بنسبة أكبر من 30% على عكس اتجاه الاقتصاد الألماني.

ورغم قوة اليورو في العام الماضي، ظلت صادرات السلع المصنعة من ألمانيا قوية، وساعد في ذلك ارتفاع الطلب على الآلات الثقيلة ومنتجات أخرى من جانب الصين، لكن المحللين قالوا إن الشركات الألمانية حسَّنت من قدرتها التنافسية بتخفيض التكلفة وعدم رفع الأجور.

وقال كنيث روجوف أستاذ الاقتصاد والسياسة العامة في جامعة هارفارد إن الصين جعلت كل شيء يسير بشكل أفضل، فإذا انهار هذا الوقع قد يكون البنك المركزي الأوروبي في وضع غير مريح باضطراره لرفع أسعار الفائدة أكثر من المتوقع.

ترجمة: أشرف رفيق