الإدارة الحكومية مطلب أساسي للنمو في الجلسة الثانية، العالم الثالث لديه المقومات والإمكانيات ولا يجب الاعتماد على مشورة الغرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

الثلاثاء 23 شعبان 1423 هـ الموافق 29 أكتوبر 2002 تعتبر الإدارة الحكومية اليوم أحد عوامل التنمية الاقتصادية كما تعتبر من اهم عوامل استراتيجيات النمو، والتساؤل الذي دائما يطرح نفسه هو ما هي العناصر الرئيسية للإدارة الحكومية؟ وكيف يمكن تعزيزها؟ خلال الجلسة التي نظمها منتدى دبي الإستراتيجي أمس حول دور موضوع الإدارة الحكومية وكونها المطلب الاساسي في عملية النمو الاقتصادي اشار فهد المبارك عضو مجلس الشورى بالمملكة العربية السعودية بكونه رئيسا للجلسة إلى أهمية الموضوع لكونه احدى القضايا المهمة التي تعاصرها المنطقة اقتصاديا حيث أن النمو السكاني لدينا أصبح أسرع من النمو الإقتصادي. أكد شوكت عزيز وزير المالية الباكستاني عن التحدي الذي يفرضه الموضوع في أيامنا الحالية حيث أصبحت أساليب الحكم تحديا يتطلب النجاح، وأنه تحد فرض نفسه في أعقاب العولمة الاقتصادية وبروز القطاع الخاص الذي له الدور الكبير في النمو الاقتصادي، وكل هذه المتغيرات تدفع الحكومة إلى توقع ما يحدث وما سيحدث للمضي قدما، والإشكالية تكمن في كيفية الإدارة وهنا يرجع الدور إلى الحكومة التي تعتبر أهم عنصر في النمو الاقتصادي ومساندة القطاعين العام والخاص وكذلك العلم بما يدور في الأفق. وأضاف أن العوامل الأربعة الرئيسية في الحكم الرشيد تبدأ أولا من جانب الإدارة فيجب عليها توفير المناخ والجو القضائي المناسب بالإضافة إلى الجهات المنوطة بتنفيذ القوانين والتشريعات التي يتوجب عليها أن تعرف ان تكون قريبة من الحكومة بشكل يعرفها ويجعلها دارية عن التحديث والحاصل من أجل التطوير، كما أكد معاليه على أهمية عنصر المشاركة الوجدانيةلزيادة الوعي والذي لا يأتي إلا بوقفة الحكومة الفعلية وتكييف عملية المشاركة، ثم تأتي أهمية الشفافية التي أكد عليها بتكرار قولها طوال حديثه حيث أكد على أهميتها في نفي الشائعات والمعلومات يجب أن تكون موثوقة من أجل تواجد الشفافية، ومن منطلق الثورة الإعلامية التي نشهدها يرى أن المعلومات تؤدي لتفعيل المشاركة وتبعث الرأي العام للمساءلة وذلك يأتي من واقع غرس الشعور في المواطنين بأهمية المشاركة وتنفيذ القوانين. ومن تجربته في باكستان فهو يرى أن التحول يأتي من الأهتمام وتركيز الحكومة لهذه النقطة، فبتحقيق النتائج يأتي تقييم الأداء، وفي باكستان تواجدت الخصخصة وكان علينا متابعة الإلتزام فوجود الخصخصة سيؤدي إلى قيام نظام جديد. الرأسمالية بين النجاح والفشل ومن الجانب الآخر يعتقد هيرناندو دي سوتو رئيس معهد الحرية والديمقراطية ببيرو أن التنفيذ والتطبيق هما النقاط الأهم، ومثال ذلك تجربة أميركا الجنوبية التي فتحت الاسواق للديمقراطية وفتحت النظام للخصخصة وكذلك أعطت حريات المرأة بعدها وضحت خطى النجاح وتكمن المقارنة بين النظام الرأسمالي والنظام القديم، كما أكد سوتو على أهمية توفير الثقة والمصداقية فالنظام الإقطاعي أعطى السلطة في أيدي اشخاص معينين ثم أتت الثورة الصناعية فتطلب توفير الحريات للعمالة ومن ذلك المنطلق تطلب إيجاد التخصصات والثقة بها، وذكر أيضا أنه على الصعيد الدولي نجد أن 66% في الغرب يثقون في بعضهم البعض و45% من الموجودين في أميركا اللاتينية يثقون في أنفسهم ومن واقع الحال يجب أن نعتمد على الثقة في التطوير والتقدم وكذلك يجب أن يكون هناك ما يضمن الثقة المتبادلة بين الأطراف المختلفة قبل الشروع في العلاقات القانونية حيث أصبح العالم اليوم يؤكد على الوثائق للاعتراف بالآخرين. واستنادا إلى تجربة البيرو في الخصخصة ذكر سوتو عن عملية خصخصة شركات الهواتف والاتصالات التي استغرقت قرابة الثلاث سنوات وبتكلفة ملايين الدولارات وبعدها أتى وقت جني الأرباح حيث بدأت هذه الشركات بالتطور المذهل والملموس، فالاقتصاد اذا سمح بزيادة قيمة الملكية بايجاد القانون سنرى التطور والتوسع والا فلا زيادة ولا تطور، كما أكد أيضا عن أن أقتصاد السوق مستحيل أن يعمل بدون قانون ومثال ذلك السوق اليوم في أميركا الذي يعتبر بشكل أو آخر تمثيلا قانونيا. ومن الدول المتقدمة إلى العالم الثالث حيث يرى هيرناندو ان حماية القانون منعدمة لأسباب عدة حيث تشير احدى الدراسات التي اجريت في المكسيك ان 22% من المكسيكيين فقط هم الذين يخضعون للقانون وينصب الاغلبية في محاور خارج القانون فمنهم من لا يملك جوازات السفر وهم تجار كما ان هؤلاء الأغلبية هم الذيم يملكون ثروة الملايين في تجاراتهم الداخلية. وفي مصر تشير الدراسات ان 8% من المصريين فقط هم من يملكون ملكيات مسجلة و12% من المصريين لديهم مؤسسات مسجلة ويأتي الغالبية العظمى غير قادرين على دخول السوق الدولية لأنهم لا يملكون عنوانا رسميا، ففي مصر يأتي الفقراء والمتوسطون الحال ليملكوا اكثر عن 200 مليون دولار أو بالأحرى أكثر من 50% من الاستثمارات التي وجدت من عصر نابليون. وبشكل عام الفقراء في العالم الثالث هم من يملكون الجزء الأكبر من الأقتصاد وأنه يجب ان نعلمك أن التنمية لا تأتي من الخارج برغم حجم المساعدات فيجب الآخذ بعين الاعتبار أن العالم الثالث لديه المقومات والإمكانيات ولا يجب عليه أن يعتمد على مشورة الغرب في أخذ القرار. وخلص على أنه من أجل اعتماد النظام الرأسمالي يجب على الجميع أن يشارك في التنمية ومن بينهم النساء كما يجب الالتزام بالنظام القانوني لانه قد ينعكس في التنمية وكذلك يجب أن يكون لدينا نظام وملكية خاصة في ظل السيادة القانونية. الرأي العام والديمقراطية عقب شوكت عزيز وزير المالية الباكستاني على أن النظام لو لم يكن ديمقراطيا يجب أن تتوافر فيه أشكال الديمقراطية وكذلك شدد على تواجد الشفافية، ولنجاح النظام القانوني يرى أنه يجب أن يركز ويصب الاهتمام على التطبيق وهو الأصعب في رأيه. وكذلك أعرب معاليه عن أهمية الديمقراطية والحرية الإعلامية من أجل النمو المستديم فمشاركة الناس مهمة والديمقراطية أفضل طريقة، كما قال ايضا على انه يجب الا يشعر الاشخاص انهم مهمشون بل يجب ان يحسوا انهم جزءا فاعل من التطور، وحول الصحافة أضاف أنه يجب أن تكون حرة وغير متحيزة وهي مهمة جدا، كما أكد عن أنه لا يجب أن ننسخ الأنظمة من الغرب بل يتطلب تكييفها على حسب البلد، وبدون صحافة حرة وقوية لن يكون لدينا معلومات كافية وستتولد الشائعات التي تعيق النمو الاقتصادي للبلد. كما أضاف أنه من المهم التركيز على النتائج وليس هناك من شك على أهمية وجود النزاهة وهو أمر مسلم به فمبادئ الحكم تسهل النزاهة. وفي الجانب الأخر أكد سوتو على حديث الوزير الباكستاني وأضاف أن الديمقراطية مطلوبة للرأسمالية كما نرى في دول الغرب، والانتخابات ليست كافية حيث أن كل رئيس يصدر ويغير عددا كبيرا من التشريعات في فترته، فالنظام يجب أن يكون ثابتا ومرنا وأساس كل شئ هو المشاركة والمساءلة وهنا يأتى المعنى الفعلي للانتخابات والا فلا. ويرى أيضا على أنه يجب ألا نفكر بشكل خيالي عندما نرى نظام السوق فكل أنظمة السوق تضع يدها على الأشخاص في حال سوء الاستخدام، وفي كل مرة يجب أن تتمكن الآلية من فرض القوانين وانه كل ما وجدت هناك فضائح يمكن تعديل النظام نحو الأفضل والاحسن ومن ذلك المنطلق تصبح الحرية متطلبا رئيسيا لابد منه. الفساد وحول قضية الفساد الإداري أكد شوكت عزيز أن الفساد أمر خطير للغاية وكثير ما نلاحظ أنه منتشر في دول العالم النامية حيث تأتي كميات كبيرة من الأموال غير المشروعة من الدول الكبرى التي لها اليد الكبرى في الفساد، وذكر أن الشفافية لها دور كبير في تقليل الفساد ومن المهم تطوير القوانين والقوعد لتجنب هذه الظاهرة، وبعملية الضغط نتجنب الفساد وبذلك يكشف النقاب عن الفساد والمفسدين ولذلك أكد على أنه يجب أن يتم استغلال نظام الشفافية لكشف النقاب عن المعلومات كما ان هذه القضية ليست قاصرة على المتلقي بل على المعطي أيضا. ومن جهته ركز سوتو رئيس معهد الحرية والديمقراطية ببيرو على أنه يجب ان نركز على الاشياء التي لا نجدها في الدول المتقدمة وكل ذلك يعتمد في كيفية تشريع وتنفيذ القوانين، وقضية الفساد يجب أن تكون على رأس قائمة جدول الاعمال الخاص بالبلدان والفساد يحصل دائما حيث وجدت الثغرات القانونية. فارق الثقافة والقانون وفي الختام أكد سوتو على أنه لا قانون من غير ثقافة ولا يوجد هناك أي تحيز في الثقافة، واكد انه من الصعب تشريع قانون من غير المرجعية الثقافية وأن كل الانظمة القانونية القديمة اعيدت هيكليتها بسبب عدم وجود الملكيات سابقا لطبقات الفقراء والمتوسطة بل كانت حكرا على الطبقات البرجوازية، واضاف ايضا على انه يجب ان تتغير للمواكبة وزيادة الانتاجية، ومن ذلك الباب تطلب تجديد القوانين بشكل مستمر لتفادي البيروقراطية الادارية وتسهيل نمو الناتج، كما انه يجب مواكبة الزيادة المستمرة في الطلب، واخيرا يرى ان القضية تتعلق في كيفية بناء القانون بوضع أصغر الامور بعين الاعتبار ومتابعة شئون القانون التي يجب ان تساير العصر التي هي فيه واخيرا الشفافية. ومن الجانب الاخر يخلص شوكت عزيز على انه هناك ثلاث نقاط وهي الاستثمار في مواقف الحكم الرشيد بدلا من الاستثمارفي الامور الهيكلية والتركيز على الانظمة القضائية، كما يتطب الحكم السليم انشاء هياكل إدارية جديدة وشفافية عالية بالاضافة إلى حرية المعلومات والمشاركة من منطلق المواكبة والمساءلة في خارج الاطر القانونية، وكل ذلك من أجل حكومة أفضل ونمو اقتصادي دائم والتوفيق بين الاثنين هو النجاح المطلق.

Email