تعديلات قانون الشركات كما تراها الفعاليات الاقتصادية ــ 1, خطوة مهمة لجذب الاستثمارات الأجنبية للدولة

ت + ت - الحجم الطبيعي

اعتبرت فعاليات اقتصادية ومالية التعديلات المقترحة على قانون الشركات الاتحادي والتي تسمح بزيادة نسبة المساهمة الاجنبية لأكثر من 49% خطوة جيدة هدفها الأساسي جذب استثمارات من الخارج وخبرات وتكنولوجيا متطورة. وأبدت بعض هذه الفعاليات عدم الممانعة من وصول نسبة الاستثمار الاجنبي في مشاريع ذات طبيعة خاصة الى 100%, مشيرة الى ان ذلك سيساهم في تدفق رؤوس أموال أجنبية كبيرة الى الدولة وخلق قاعدة اقتصادية متنوعة لكنها أكدت على ضـرورة توجيــه هـذه الشـركات الى استخدام نسـبة من العمـالة الوطنيـة وتدريبها في مجالات فنية وتخــصصات نـادرة حتى لــو تطلــب الأمر تقديم حوافز حكومية لهذه الشركات. كما لفتت الى ضرورة وضع نظام شبيه بـ (الأوفست) يلزم الشركات الاجنبية المستثمرة أو المنفذة للمشاريع الاستراتيجية باعادة استثمار جزء من ارباحها في الامارات أو الدخول في شراكة معها. ورأت بعض هذه الفعاليات ان مساهمة المستثمر الأجنبي مهمة جداً ووجود قوانين تساهم في دخول هذه الاستثمارات من الأمور التي ينبغي دراستها والوصول الى صيغة مناسبة لها, الا انها دعت في الوقت نفسه الى تفعيل الاستثمار الداخلي بهدف الحد من هجرة الاموال الى الخارج. وفي هذا الاتجاه, قال جوعان سالم الظاهري وكيل مالية أبوظبي: إن قانون الشركات الاتحادي الحالي يحدد وكما هو معلوم نسبة الشراكة بين المواطن والأجنبي بـ 51% و49%, ومن وجهة نظري, فإن التطورات التي طرأت خلال السنوات القليلة الماضية وما أفرزته اتفاقيات منظمة التجارة العالمية والانفتاح الاقتصادي العالمي والعولمة انعكست على الأوضاع الاقتصادية للعديد من دول العالم ــ ونحن منها بطبيعة الحال ــ واستدعت وضع آليات للتعامل مع هذه التطورات ومنها اجراء تعديلات على بعض القوانين المنظمة للحياة الاقتصادية. ويضيف: في اعتقادي ان الوضع الحالي يتطلب مرونة أكبر في موضوع فتح الباب أمام المستثمرين الاجانب لتأسيس شركات أو مشروعات جديدة في الدولة, والتعديلات التي سمعنا ان وزارة الاقتصاد والتجارة قد أدخلتها على قانون الشركات التجارية ورفعتها الى لجنة التشريعات والتي تسمح بزيادة نسبة مساهمة الأجنبي على 49% خطوة جيدة ومن الأجدى ان تصبح هذه النسبة بعد الآن مفتوحة وخاضعة للاتفاق بين الاطراف المعنية المؤسسة للشركة أو المشروع بحيث يمكن ان تكون نسبة مساهمة الاجنبي 70% أو 60% أو أية نسبة اخرى يتم تحديدها في العقد, ولا مانع ان تصل هذه النسبة الى 100% في مشاريع ذات طبيعة خاصة, وخاصة تلك المشاريع التي تحتاج الى تكنولوجيا متقدمة جدا. وفي المقابل لمشروعات صغيرة الحجم تحتاج الى رعاية مباشرة من المستثمر الاجنبي بسبب طبيعة المشروع وخصوصيته والذي تكون مساهمة المواطن في رأسماله غير ذات جدوى. ويشير وكيل مالية أبوظبي في هذا الخصوص الى ان العديد من الشركات الأجنبية الراغبة في الاستثمار بالدول الأخرى لا تحبذ مشاركة جهات غير ملمّة بالتكنولوجيا وتخاف من تسريب معلومات عن هذه التكنولوجيا الخاصة بها الى منافسين داخل أوخارج الدولة, وبالتالي فإن هذه الشركات ترغب في الاستثمار بنسبة 100% وبدون مشاركة مستثمرين محليين. ويضيف: قد يعتقد البعض بوجود تأثيرات سلبية لهذا النوع من الاستثمار, ولكن من وجهة نظري فإن هناك ايجابيات مهمة في المقابل, من بينها ان هذه الشركات ستخلق فرص عمل للمواطنين ليس ضروريا ان تكون في الادارات العليا, بل يمكن ان تكون في مستويات اخرى وأقل من درجة مدير عام في كل المراحل. كذلك سيساهم تأسيس مثل هذه الشركات في تدفق رؤوس أموال أجنبية كبيرة في سوق الامارات وبالتالي في خلق قاعدة متنوعة وواسعة, كما ان هذه المشاريع والتي تؤسس برؤوس أموال أجنبية سوف تخدم مؤسسات ومنشآت قائمة في الدولة عن طريق تزويدها بالخدمات أو بقطع الغيار أو المواد التي تحتاجها بدلا من استيرادها من الخارج بأسعار باهظة. ويمكن لهذه الشركات ـ كما يقول جوعان سالم ــ أن توجه انتاجها للتصدير الى الأسواق الخارجية, وهذا سيساعد على جلب عملات أجنبية يمكن تدويرها في الاقتصاد الوطني, وهناك ميزة اخرى مهمة وهي ان هذه الشركات التي تؤسس برأسمال اجنبي سواء كانت فردية أو جماعية تجلب معها بالضرورة مؤسسات اخرى تريد تزويد هذه الشركات بمنتجات مكملة, وهذا من وجهة نظري حافز جيد سوف يستفيد منه الاقتصاد الوطني والعمالة الوطنية. ويعتقد وكيل مالية أبوظبي ان العمالة الوطنية مرشحة للعب دور مهم جدا في الاقتصاد الوطني, وفي القطاع المصرفي على وجه التحديد حددت توجيهات بالوصول بهذه العمالة تدريجيا الى ما نسبته 50% خلال سنوات محددة, وعليه فإن الشركات التي يمكن ان تؤسس بدولة الامارات في ظل التعديلات الأخيرة على قانون الشركات يمكن توجيهها الى استخدام بعض العمالة الوطنية وتدريبها حتى ولو تطلب الأمر تقديم حوافز اضافية لتلك الشركات لتدريب المواطنين في مجالات فنية متخصصة أو تخصصات نادرة. وفي المقابل يجب ان تراعي هذه التوجيهات ظروف صاحب المشروع أو المستثمر وتراعي التكلفة التي سوف يتكبدها نتيجة استخدامه عمالة قد لا تناسب المتطلبات الفنية للمشروع, وهنا تأتي أهمية تقديم حوافز لهذه الشركات التي تعيّن نسبة من العمالة الوطنية, كما حاصل حاليا في بعض الدول المجاورة. وهذه الحوافز قد تكون بتخصيص مبلغ محدد أو جزء من راتب الموظف المواطن تتحمله الحكومة بهدف تقليل التكلفة الانتاجية وهذا في النهاية سيعود بالنفع على الاقتصاد الوطني برمته. ويعتقد جوعان سالم ان السماح لشركات أجنبية بالاستثمار في الدولة بنسبة 100% سيؤدي الى جلب عمالة متخصصة ماهرة تستخدمها هذ الشركات في بلدانها الأصلية وسوف تعمل هذه العمالة المؤهلة في تدريب المواطنين بصورة عملية وعلمية ويقول أريد التأكيد على ان اقتصادنا الوطني مستقبلاً يحتاج الى تدريب جيل فني متخصص في التكنولوجيا المتقدمة جداً في ظل التغيرات المتسارعة اقليمياً ودولياً ولابد من التركيز على اعادة تأهيل المواطنين في التخصصات التي يحتاجها سوق العمل. وفي المقابل يرى جوعان سالم ان كثيراً من المستثمرين الأجانب يحتاجون الى خدمات المواطن في الدولة المضيفة وبالتالي الدخول في شراكة مع المستثمر المحلي, وبالطبع هناك حوافز تقدمها الدولة لهذه الاستثمارات المشتركة منها الايجارات الرمزية للاراضي الصناعية بالاضافة الى توفر بنية تحتية متطورة تخفض من تكلفة الاستثمار علاوة على التسهيلات التي يقدمها المصرف الصناعي والتي قد شجع على الدخول في شراكات بين المستثمر الاجنبي والوطني لانشاء مؤسسات أو مشاريع جديدة وكذلك وجود نظام الأوفست الذي يعتبر احد العوامل المساعدة في قيام شراكة مع الأجانب وجلب خبرات وتكنولوجيا متطورة ورؤوس أموال الى الدولة. ويرى جوعان سالم في هذا الخصوص أهمية وضع نظام مشابه للاوفست تشترط الجهات المختصة على الشركات الأجنبية المستثمرة أو تلك المنفذة اعادة استثمار جزء من أرباحها خاصة في المشاريع الاستراتيجية المهمة ذات الحجم الكبير ومنها مشاريع الكهرباء والماء والنفط والغاز وتحلية المياه أو الدخول في شراكة مع هذه الشركات في مجال تصنيع قطع الغيار للقطاعات المهمة وخاصة في المجال النفطي مشيراً الى ان الدول المنتجة باستثناء أمريكا وبعض الدول الأوروبية تستورد قطع الغيار لتشغيل حقول النفط التي تعتبر سلعاً استراتيجية يعتمد عليها هذا القطاع واسعارها تتحكم بها شركات أجنبية في الخارج. وهذا الوضع ينطبق ايضا على مجالات اخرى مثل الادوية والمواد الطبية وغيرها ويمكن التنسيق بين دول مجلس التعاون الخليجي في وضع سياسة موحدة بالنسبة للشراكة مع الشركات المنفذة. وفيما يتعلق بالشركات والمؤسسات القائمة يقول جوعان سالم ان قانون الشركات يسمح للاجنبي بتملك 49% في بعض الشركات والقطاعات لكن هذه المؤسسات ومنها المصارف والتأمين لا يسمح للاجنبي بالدخول فيها وفقاً لانظمتها الداخلية. الا ان تجربة شركة اعمار يمكن ان يحتذى بها رغم انها تجربة حديثة. ويضيف: حتى لو فتح الباب امام الاجانب فإن الاقبال قد لا يكون كبيراً لان الاجنبي يهدف إلى الربحية السريعة والعائد المنافس, وعوائد بعض الشركات السنوية غير مناسبة على الاطلاق مقارنة بالعوائد التي قد يحصل عليها المستثمر في اسواق اخرى خليجية او دولية والسبب ان كثيرا من الشركات التي انشئت حديثا لا تحقق عوائد مجدية بسبب عدم وضوح الرؤية او لطبيعة استراتيجيات هذه الشركات وقلة الفرص الاستثمارية حيث أسس بعضها على اساس مشروع واحد وليس هناك فرصة جديدة بحجم رؤوس الاموال التي حصلت عليها من السوق المحلي وبقيت هذه الشركات اسيرة لفرص محدودة جداً كذلك فإن ادوات هذه الشركات لم تصل إلى مرحلة متطورة وعليه فإن دخول الاجانب قد يساهم في اعادة هيكلة هذه الشركات وتنشيطها بطريقة فعالة وفي ايجاد فرص استثمارية داخل الدولة وخارجها بالاضافة إلى تقليل التكلفة حتى لو تطلب الأمر دمجها مع شركات اخرى داخل الدولة. وحول واقع الاستثمار الاجنبي في الدولة يقول جوعان سالم انه يتركز على وجه الخصوص في المناطق الحرة, اما بقية الاستثمارات فهي بسيطة جداً باستثناء القطاع النفطي. ونحن نحتاج الآن إلى استثمارات ليس فقط في المناطق الحرة بل في كافة القطاعات بالدولة. ولاشك ان المناطق الحرة تلعب دوراً مهماً في التصدير وتشغل نسبة من العمالة الوطنية لكن لابد من تشجيع الشركات على ان تندمج في اقتصادنا الوطني مباشرة وهذا ما يجب ان نركز عليه بالنسبة للاستثمار الاجنبي مستقبلاً. وبالنسبة لحاجة الدولة إلى اصدار قانون منفصل للاستثمار الاجنبي يرى جوعان سالم عدم وجود حاجة ملحة لمثل هذا القانون في الامارات ذات السوق المفتوحة والتي لا تضع اي قيود على تحويلات العملة وليس هناك اي مخاطر غير تجارية على الاستثمار. واذا كانت هناك بعض المتطلبات التي قد يحتاجها المستثمر فإن تعديلات قانون الشركات تلبي احتياجاته. صيغة مناسبة ويرى محمد عمر عبدالله مدير عام غرفة تجارة وصناعة ابوظبي ان مساهمة المستثمر الاجنبي مهمةجداً ووجود قوانين تعطي الفرصة لدخول هذه الاستثمارات يعتبر من الامور التي يتحتم دراستها والوصول الى صيغة مناسبة لها في اقرب فرصة ممكنة. ويضيف: الانفتاح القادم على الاسواق سوف يوجه الاستثمارات الاجنبية الى افضل بيئة مناسبة تحقق لها الحماية والنمو والتشجيع اللازم لكننا في الوقت ذاته يجب ان نهىء لتفعيل الاستثمار الداخلي بهدف الحد من هجرة الأموال الى الخارج وتوظيفها في الداخل. خاصة وان لدينا امكانيات وفرص كثيرة. أما بالنسبة لنسبة المشاركة المطلوبة بين المستثمر الاجنبي والمحلي فانني اتوقع انها ستدرس على ضوء المصالح الوطنية والاولويات التي تفرضها حاجة الاقتصاد الوطني. ويقول محمد عمر: زيادة نسبة المساهمة الاجنبية مرغوب فيها ولكن ينبغي ان يتم في اطار تحقيق التوازن مع مصلحة العنصر الوطني ويجب ان يعتمد على تحقيق قيمة ملموسة من جلب الخبرات والتقنيات الخارجية التي تعزز مكانة الاقتصاد الوطني وتتيح له ان يمارس دورا اقليميا ودوليا يستحقه خاصة واننا نرتبط بعلاقات مهمة مع جيران لنا في آسيا واستراليا وافريقيا اضافة الى الشرق الأوسط. الشركات الصورية ويقول حسن درويش الرئيس التنفيذي لمجموعة مشاريع البواردي قد يكون لاي تعديلات جديدة ايجابيات وسلبيات.. وما احب ان اشير اليه هو ان غالبية والشركات الاجنبية والتي ترغب احيانا بالاستثمار في دول اخرى تتخذ شكل الشركات المساهمة بلدانها الاصلية وهذه الشركات او فروعها او الشركات التي تشارك فيها بالخارج يجب ان تخضع للتدقيق المالي في تلك البلدان لذلك تحرص على ان تكون نسبة مشاركتها اكثر من الشريك المواطن وتشترط في غالب الاحيان ان يكون لها الاشراف الاداري والفني. ويضيف ان المستثمر الاجنبي يكون في حالات عديدة قادر على تحقيق قيمة اضافية من حيث الانتاج والتسويق والادارة, كذلك يمكن القول ان عصر الدعم والحماية قد انتهى وجاء عصر العولمة ولا نستطيع ان تحتكر منطقة لنفسك.. لابد من الانفتاح علي العالم واعتماد مبدأ المعاملة بالمثل, حيث انني استطيع على سبيل المثال الاستثمار في أوروبا بنسبة 99% من رأس المال. كذلك فان فتح مجالا اوسع للمستثمر الاجنبي سيلغي الشركات الصورية وهي ظاهرة سلبية تشكل مساحة كبيرة في هموم واهتمامات الجهات المختصة منذ سنوات عديدة. تحـقـيـق: أحــمــد محـســن

Email