صعيد مصر يخرج من نفق الإهمال والنسيان الطويل، مشروعات تنموية وعمرانية بتكلفة تصل إلى 5 مليارات جنيه

ت + ت - الحجم الطبيعي

صعيد مصر لم يعد منسيا فمشروعات التنمية التي تتم على أرضه جعلت من هذا المكان الذي عانى من الإهمال سنوات طويلة عبارة عن خلية نحل مشروعات طرق تطوير المرافق زيادة الخدمات مصانع يتم إنشاؤها ومدن جديدة تستوعب آلاف من فرص العمل وتبتلع الزيادة السكانية المتزايدة ومن المشروعات الهامة التي يتم تنفيذها حاليا لإخراج الصعيد من نفق الإهمال المظلم, مشروع ربط الصعيد بالبحر الأحمر. في البداية يقول د. محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان والتعمير: كان الصعيد يعاني منذ سنوات طويلة من الإهمال لا تتخيل أن العديد من القرى والنجوع بل والمراكز والمدن كانت تخلو من مياه الشرب النقية أو الصرف الصحي أو الكهرباء بعبارة أخرى البنية الأساسية منهارة في هذه المحافظات خاصة سوهاج وأسيوط وقنا فهي التي نالت النصيب الأكبر من الإهمال وهي التي عانى أهلها من غياب الخدمات الأساسية ومن عدم اهتمام الحكومات بها خاصة بسبب بعدها عن القاهرة وتركيز خطط التنمية في العاصمة لكن الصورة اختلفت منذ أكثر من عشر سنوات وتغيرت النظرة للصعيد خلال هذه الفترة. هناك مشروعات تنمية بشرية نهضة كاملة في كل المجالات ففي مجال البنية الأساسية هناك ثلاث مشروعات عملاقة للصرف الصحي ومياه الشرب ويكفي أن تعلم أن حجم الأموال الحكومية التي تم استثمارها منذ ثورة يوليو 1952 وحتى عام 1980 لم تتجاوز 100 مليون جنيه فقط لكن هذا الرقم قفز ليصل إلى 5 مليارات جنيه في مجالات مختلفة, وهناك على سبيل المثال مشروع الصرف الصحي في محافظة سوهاج وهو مشروع ضخم جدا بدأنا المراحل الأولى منه وسوف ينتهي خلال سنوات قليلة.. كذلك مشروع توصيل مياه الشرب النقية لكل قرى ونجوع الصعيد وهو مشروع طموح يعني أننا سوف ننهي سنوات من الأمراض المزمنة التي كانت تصيب سكان الصعيد بسبب الماء غير النقي كذلك لدينا مشروعات المدن الجديدة في كل مدن الصعيد حيث قمنا باستغلال الجانب الشرقي للمحافظات والتي لم تكن مستغلة وكانت أراض مهجورة لا يسكن فيها الناس.. وعلى هذا أقمنا مدن بنى سويف الجديدة والمنيا الجديدة وأسيوط الجديدة وسوهاج الجديدة.. ولدينا خطط طموحة لإنشاء مدن صناعية متكاملة في تلك المدن الجديدة.. ففي سوهاج يوجد مدينة الكوثر الصناعية كما توجد مدينة صناعية تحت الإنشاء في أسيوط. هذه المدن الصناعية توفر فرص عمل وتعالج خلل البطالة في الصعيد لأن نسبتها مرتفعة جدا في هذه المحافظات.. والنتيجة التي نحصل عليها بعد هذا التطوير الشامل في مدن الصعيد هي تقليل نسبة هجرة أهل الصعيد إلى القاهرة.. لأن هجرتهم سببها الوحيد عدم وجود فرص عمل في محافظاتهم لهذا يتجهو للقاهرة بحثا عن أية فرصة عمل.. الأمر الذي يؤدي إلى الضغط الشديد على المرافق والخدمات في القاهرة.. ويضيف الوزير : أما أكبر مشروع نقوم حاليا بتنفيذه هو إنشاء طريق الصعيد ـ سفاجا.. وهو عبارة عن طريقين.. سوهاج ـ سفاجا.. وأسيوط ـ سفاجا.. هذان الطريقان أعتقد أنهما سيكونان مفتاح التنمية لمحافظات الصعيد.. لأن هناك مشروعات ضخمة جدا في مناطق البحر الأحمر.. مثل مشروعات السياحة في الغردقة ومشروع سهل حشيش.. وهي تحتاج لأيد عاملة قريبة ورخيصة. كان أصحاب هذه المشروعات يضطرون إلى جلب هذه الأيدي العاملة من السويس وهو أمر مكلف جدا لهم.. لكن جلب الأيدي العاملة من الصعيد أرخص وأفضل لأنهم ماهرون في هذا النوع من الأعمال وسيكون هذا الطريق هو همزة الوصل بين ربط أجزاء مصر ببعضها البعض.. ويوفر تكاليف نقل المواد المستوردة عن طريق ميناء سفاجا.. وكان المستوردون أو المصدرون يعانون بشدة حيث كانوا يتجهون من مدن الصعيد إلى القاهرة ثم إلى طرق البحر الأحمر.. والعكس وهو ما كان يرفع من تكلفة التصدير أو الاستيراد.. وهذا الطريق كان مخططا لإقامته منذ سنوات طويلة.. لكنه كان يواجه عقبات في تنفيذه بسبب رفض جهات الأمن تنفيذه نظرا لمشاكل الإرهاب في الصعيد والخوف من تصديره للمناطق السياحية في البحر الأحمر.. لكن بعد هدوء الموقف تماما وانتهاء ظاهرة الإرهاب وضرب السياحة.. لم يعد هناك مانع من تنفيذه: أما المهندس يوسف البكري رئيس جهاز تعمير جنوب الوادي فيقول: خطة التنمية في الصعيد بها أكثر من بعد.. رصدت لها الدولة نصف الميزانية العامة في الخطة الخمسية الحالية وهي تستند على أبعاد أولها تهتم بإدخال مياه الشرب النقية لكل القرى والنجوع وتوصيل الصرف الصحي لكل منزل.. أما البعد الثاني فهو يتعلق بالقضاء على الأمية المتفشية في هذه المناطق والتي تعدت نسبتها 52% تصل إلى 90% بين البنات.. لهذا توسعت الحكومة في إنشاء المدارس لتصل لأكثر من 300 مدرسة بكل محافظات الصعيد.. وهو رقم نسعى لرفعه ليصل إلى 800 مدرسة.. أما بالنسبة للنجوع البعيدة عن المدارس فقد تم التخطيط بالتعاون مع اليونيسيف التابع للأمم المتحدة ووضعنا برنامجا طموحا لنشر مدارس الفصل الواحد في هذه المناطق البعيدة.. وهذه المدارس عبارة عن غرفة كبيرة في قلب الأراضي الزراعية يتم التدريس فيها للأطفال والبنات بصفة خاصة مناهج معينة تساعد على إزالة أميتهم وفي نفس الوقت تشجع أهلهم على إدخال أطفالهم فيها أولا لقربها من المنازل والبيوت داخل القرية وكذلك لعدم تقيدها بمواعيد محددة أو أوقات صارمة.. بعبارة أخرى نقوم بالتدريس لهم في أماكن تجمعاتهم.. أما بالنسبة للمحور الثالث فهو يهتم بالتنمية الصناعية داخل هذه المحافظات.. وتشهد المناطق الصناعية الجديدة على هذا الجهد المبذول.. فقد قدمت المحافظات تسهيلات جديدة للمستثمرين لتشجيعهم على إنشاء مصانع جديدة داخل هذه المناطق.. وبالفعل توضح الأرقام حجم الإنجاز في هذا الأمر.. ففي محافظة سوهاج وصل عدد المصانع إلى أكثر من 20 مصنعا جديدا وهذا يعني أن هناك 20 ألف فرصة عمل جديدة في هذه المحافظة التي كانت بعيدة تماما عن فكر المستثمرين أو خططهم.. لكن جهاز التعمير بالتعاون مع الوزارات المختصة.. استطاع تقديم تسهيلات عديدة للمستثمرين وأسعار رخيصة جدا للفدان وإعفاء كاملا من الضرائب لعشرين سنة.. كل هذا بجانب التيسير على المستثمرين والقضاء على البيروقراطية التي كانت تؤرق المستثمرين لسنوات طويلة. أما عن الطريق الجديد الذي يربط البحر الأحمر بالصعيد فهو يتكلف حوالي مليار ونصف المليار جنيه ومن المقرر أن يتم الانتهاء منه في آخر العام الحالي ليخدم حركة التنمية في هذه المنطقة. وفي داخل موقع إنشاء طريق أسيوط ـ سفاجا.. يقول عادل توفيق المهندس بشركة المقاولون العرب المنفذة: إنشاء هذا الطريق أخذ عدة مراحل.. الأولى هي تخطيط مساره ولم تكن هناك اختلافات كبيرة في هذا التخطيط حيث أن المسار كان و اضحا ولم تعترضه إلا بعض الجبال الصغيرة وبعض التلال وقد استطعنا التغلب على هذه العقبات الصغيرة.. وبعدها بدأنا رصف الطريق الذي يبلغ طوله 250 كليومترا وقد أنجزنا حتى الآن حوالي ثلاثين كيلومترا.. أما الطريق الثاني فهو من سوهاج حتى سفاجا.. ويبلغ طوله 280 كليومترا.. والحقيقة أن التخطيط الشامل للطريقين لا يتوقف على مجرد إنشاء ورصف فقط.. بل هي تشمل كذلك إنشاء مناطق تنموية حول الطريقين.. ولك أن تتصور تعمير الصحراء الشرقية من خلال هذين الطريقين.. أراض زراعية سوف يتم استصلاحها وبيعها كمزارع للمستثمرين.. تخطيط لإقامة منطقة سياحية تعتمد على سياحة السفاري والمعسكرات.. وذلك لأن منطقة الغردقة القريبة بها نوع آخر من السياحة الذي يعتمد على الغطس والاستمتاع بالبحر.. لكن السياحة الخاصة بالإقامة في الصحراء وصيد الحيوانات المسموح بصيدها.. لا تتوفر إلا في هذه المناطق.. كما أن هناك تخطيطا لإقامة مناطق صناعية تعتمد على الصناعات الصغيرة غير الملوثة للبيئة.. كذلك سوف تتم إقامة قرى لشباب الخريجين حول الطريق بحيث لا يسكن فيها أو يمتلك مشروعا بها سوى سكان المحافظتين.. والحقيقة أن البعض كان يتخوف من السيول باعتبارها تأتي كل عام ولها مخرات تنزل من فوق الجبل حتى تصل إلى نهر النيل لتصب فيه.. وهذه نقطة هامة جدا فقد راعينا عند التصميم الكامل لمناطق التنمية حول الطريق أن تبتعد بقدر كبيرعن مخرات السيول.. وبالتالي فإن الأمان متوافر بنسبة 100% ولا خوف على الطريق أو المشروعات من السيول.. حتى لو جاءت عنيفة في إحدى السنوات وخرجت عن مسارها. أخيرا أسأل اللواء أحمد همام محافظ أسيوط.. ماذا يعني هذا الطريق الجديد للمحافظة.. ما هي الإضافة المتوقعة لحركة التنمية العمرانية بعد إنشائه؟ يقول اللواء همام: الطريق الجديد.. شريان جديد لمحافظة أسيوط.. وهو يعني ببساطة أننا خرجنا من عصر المحافظة التي لا تعرف سوى محافظتي المنيا وسوهاج إلى محافظة لها ظهير تنموي عمراني يمتد 240 كليو مترا حتى يصل إلى البحر الأحمر.. وهو ليس ارتباطا عاديا.. بل إنه يرتبط بميناء هام هو سفاجا.. فنحن لسنا مضطرين لأن ننقل بضاعتنا التي نريد تصديرها للقاهرة لكي تقوم هي بتصديرها عبر أي موانئ أخرى.. إننا الآن يمكن أن نعتبر أنفسنا محافظة ساحلية بها ميناء على البحر الأحمر يمكنها في أي وقت من تصدير أي شيء تريده إلى الأسواق العربية القريبة.. ليس فقط إنتاجنا بل أيضا إنتاج المحافظات القريبة.. إذن هو صحوة جديدة لميناء سفاجا وكذلك فرصة لاستيراد أي شيء تحتاجه مشروعات التنمية في جنوب مصر.. فمعدات مشروع توشكي أو شرق العوينات يمكن أن تأتي عبر الميناء ثم إلى الطريق الجديد.. كذلك الخبراء والفنيين الأجانب يمكن أن يفعلوا نفس الشيء.. لقد سهل الطريق علينا الكثير والقضية ليست في الطريق فقط. بل تمتد كذلك لمناطق التنمية من حوله التي تستوعب البطالة بالمحافظة وتمنع سفر أبنائها إلى الدول العربية بحثا عن عمل أو الهجرة للقاهرة وزيادة المشكلة السكانية.. فطوال عمر محافظة اسيوط وهي محافظة طاردة للسكان بسبب قلة فرص العمل وزيادة عدد السكان الأمر الذي يدفعهم للبحث عن هذه الفرص خارجها.. لكننا بعد اكتمال منظومة التنمية بالمحافظة سوف نكون جاذبين للسكان من باقي المحافظات الأخرى لأن المشروعات المخطط لها بعد إنشاء الطريق تحتاج لآلاف الأيدي العاملة سواء في إنشائها أو العمل بها.. وسوف يتزامن مع هذه المشاريع تطوير مطار أسيوط وتحديثه بحيث يمكنه استقبال حركة الملاحة الدولية مثل مطاري الأقصر وأسوان وهي خطوة مهمة نسعى لمناقشتها مع وزير النقل حيث أبدى استعدادا مبدئيا لتطوير المطار. القاهرة ـ البيان

Email