باتفاق جميع الجهات المعنية ، إعطاء الأولوية لتنمية الصادرات الوطنية وسط أجواء التنافس العالمية توجه لإنشاء هيئة اتحادية لدعم منتجاتنا والترويج لها في الأسواق الخارجية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا خلاف على أن تنمية وتشجيع الصادرات يعدان أحد الأهداف الرئيسة لاقتصادات دول العالم المتقدمة والنامية, ليس فحسب لما تمثله من مصدر دخل يسهم في الإقلال من الفجوة والخلل في الميزان التجاري, وخاصة بالنسبة للدول التي لاتزال تعتمد في تلبية احتياجاتها على الواردات من الخارج بنسبة تصل لأكثر من 90% كما في الإمارات, وإنما بالأساس لدورها في إنشاء قاعدة صناعية وإنتاجية تسهم بدورها في إنتاج السلع والمنتجات التي تحتاج إليها السوق المحلية وتحل محل الواردات, وتساعد على تشغيل الأيدي العاملة الوطنية والمقيمة ونقل وتوطين التكنولوجيا الحديثة بالدولة, والأهم من ذلك تشجيع رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية على الدخول إلى قطاع الصناعة, الذي ظل يعاني لسنوات طويلة عزوف رجال الأعمال والمستثمرين عنه لضيق السوق المحلية غير القادرة على استيعاب ما تنتجه المصانع الوطنية, وذلك يرجع لعدم وجود دعم وتشجيع وحوافز للمصدرين المحليين من أجل مساعدتهم لتصدير إنتاجهم الوطني. الأمر إذن يتطلب ضرورة البحث عن آلية ما من أجل تحقيق هذا الهدف. وخلال اللقاءات والحوارات التي أجريناها لإعداد هذا التحقيق, علمنا أن هناك حاليا توجها لدى وزارة المالية والصناعة لإنشاء هيئة لتنمية الصادرات الصناعية بالدولة, من أجل تشجيع ودعم الصناعات الوطنية والمصدرين المحليين للخروج إلى الأسواق العالمية, بعد أن وصلت صناعتنا الوطنية إلى مستويات متطورة تستطيع أن تنافس في تلك الأسواق من حيث الجودة والأسعار. ويأتي هذا التوجه متناسقا مع التطورات التي سوف تشهدها الأسواق العالمية, من الانفتاح على بعضها البعض, وإزالة الحواجز فيما بينها, خاصة بعد تطبيق كافة القوانين التي تسير منظمة التجارة العالمية. وعلمت (البيان) أن الهيئة المقترحة والتي لاتزال في طور الدراسة الأولية, ستكون معنية بكافة الأمور المتعلقة بدراسة الأسواق الخارجية المتاحة للصناعات المحلية والترويج لمنتجات الصناعة الوطنية, في إطار التوجهات التي تتطلب دعم التصدير وإيجاد أسواق جديدة لمنتجاتنا الوطنية. وبالطبع فإن الهيئة ستكون بمثابة داعم رئيس لعملية التصدير, نظرا لأنها ستعمل على تذليل العقبات التي تواجه هذه العملية, لاسيما ما يتعلق بجانب النوعية والمواصفات والمقاييس, أو من حيث التكنولوجيا المستخدمة في العمليات الإنتاجية. كما أنها سيكون لها دور فعال في حصر السلع القابلة للتصدير ومراقبة أسعار بيعها عالميا, والتعاون مع شركات التسويق المتخصصة القائمة ومع غرف التجارة والصناعة, وبحث ومناقشة سبل تمويل الصادرات مع المؤسسات المعنية. وستقوم الوزارة بدراسة تجارب الدول الأخرى في هذا المجال, وخاصة في المملكة العربية السعودية, والتي كان لها دور رائد في إنشاء مركز لتنمية الصادرات السعودية العام ,1986 وهذا المركز يقدم المعلومات والدراسات والمؤشرات الخاصة بالأسواق التصديرية القائمة والمقترحة وتنمية الصادرات مع الدول المختلفة, إضافة إلى إقامة المعارض للتعريف بالمنتجات السعودية. وقد اقترحت منظمة الخليج للاستشارات الصناعية, في دراسة لها, برنامجا لتنمية الصادرات يتضمن ثلاثة محاور رئيسة من السياسات التنفيذية, المطلوب من دول مجلس التعاون تحقيقها للوصول إلى تطبيق هذا البرنامج المقترح. ويتعلق المحور الأول بتقييم الحوافز الحالية للإنتاج, وإكمالها بحوافز أخرى لتشجيع الصادرات عن طريق الإعانة والضمان والتمويل. وعلى الرغم من أن دول المجلس تقدم الكثير من الحوافز لتشجيع إقامة المشروعات الصناعية, إلا أن هذه الحوافز تتباين من دولة لأخرى تبعا للإمكانيات الاقتصادية لكل دولة, ولذلك فإن أية محاولة لتوحيد هذه الحوافز على أسس علمية تصبح ضرورية في هذه الحالة. إضافة إلى ذلك فإن هذه الحوافز تخلو جميعها وفي كل دول المجلس من فقرة واضحة لتقديم إعانة للصادرات, التي تعتبر ضرورية لتنمية وإيجاد أسواق جديدة, ومساعدة للمنتج على خفض تكاليف إنتاجه وأسعاره في الأسواق ذات المنافسة العالمية, فضلا عن ذلك فإن هذه الإعانة تعتبر ضرورية في حالة توفر أو عدم توفر الحماية الجمركية للمنتج الوطني. وفيما يتعلق بعمليات الضمان والتمويل فإنه رغم اشتراك دول مجلس التعاون في بعض المؤسسات والبنوك والصناديق العربية والإسلامية, كالمؤسسة العربية لضمان الاستثمار وصندوق النقد العربي والبنك الإسلامي, فإن هذه البرامج غير كافية لضمان وتنمية صادرات دول المجلس, الأمر الذي يستوجب في هذا الصدد تأسيس بنك للصادرات والواردات على غرار الدول الصناعية الكبرى, والدول الصناعية الناهضة ككوريا الجنوبية وسنغافورة, أو مثيله الموجود في بعض الدول النامية كالبرازيل والهند. ويقوم هذا البنك بعمليات التمويل فقط, أو عمليات الضمان فقط, أو الاثنين في آن واحد. ولابد من فتح فروع له في كل دولة من دول المجلس ليستطيع المصدرون تمويل وضمان صادراتهم في أية دولة من دول المجلس, ولابد من تحديد الأسس التي يستطيع هذا البنك العمل وتقديم التمويل بموجبها, إذ إن هناك حاجة كما ظهر من تجارب الدول الصناعية لتمويل الصادرات قبل الإنتاج وقبل التصدير, والذي يسمى بالتمويل قبل شحن البضاعة, كما أن هناك حاجة للتمويل بعد شحن البضاعة من أجل تمويل العمليات اللاحقة لعمليات التصدير. كما يمكن للبنوك التجارية أن تخفض من كلفة اعتماداتها المستندية وصناديق التنمية الصناعية في بلدان المجلس, وأن تلعب دورا رئيسا آخر في عمليات الضمان والتمويل. ويبرز هنا كذلك دور الحكومات في تشجيع استهلاك منتجات دول المجلس عن طريق شراء المنتجات الوطنية, وتقديمها كجزء من المنح العينية التي تقدمها لبعض الدول. ويتناول المحور الثاني تقديم المساعدة الفنية لكل ما يتعلق بعمل وكفاءة المشروع قبل وأثناء وبعد عملية الإنتاج, أي بناء استراتيجية إنتاجية وتسويقية متكاملة للمشروع. وتعتبر تجارب الشركات الكبيرة في دول المجلس, كالبتروكيماويات والأسمدة والحديد والصلب والألمنيوم, من الأمثلة الناجحة في مجال التسويق المتطور التي يمكن الاستفادة منها لتأسيس شركات تسويقية متخصصة ومشتركة لمجموعة من المصانع المتشابهة القائمة, لكي تأخذ على عاتقها تسويق منتجاتها محليا وخارجيا. فتأسيس شركات تسويقية مستقلة سوف يمكن هذه المصانع من تخصيص مبالغ كافية لإجراء البحوث وإدخال التطويرات اللازمة للارتقاء بعملية التسويق, ومبالغ أخرى لأجل تدريب الكوادر التسويقية اللازمة. وقبل التأكيد على تنمية وتطوير القدرات التسويقية للمشروع لابد من معالجة جذرية لارتفاع تكاليف الإنتاج في المشروع الصناعي في الخليج, وذلك عن طريق خفض كلفة استيراد المواد الأولية والوسيطة باستيرادها بصورة جماعية, أو عن طريق تصنيعها محليا إذا كان ذلك ممكنا. ولابد من الإشارة في هذا المجال إلى ضرورة عمل دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية للمشروع الصناعي بصورة أدق وبتكاليف أقل, وهنا يأتي دور المؤسسات والسياسات الحكومية في تقديم المساعدة الفنية الضرورية للمصانع الوطنية. مع التأكيد على عوامل التنسيق بين المصانع المتشابهة القائمة, والحد من ترخيص المزيد منها في المنطقة, خاصة تلك التي تشكو من طاقات عاطلة حاليا. ويتضمن المحور الثالث السياسات المتعلقة بإنشاء الاتحادات والشركات والمؤسسات, وتنفيذ الاتفاقيات المساعدة على تنمية صادرات دول المجلس, كإنشاء الشركات التسويقية المشتركة بين الدول العربية ودول المجلس أو بين الأخيرة ودول أخرى أو بين قطاعات متخصصة عائدة لعدة دول أو بين دول المجلس نفسها, وقيام الاتحادات الجمركية والمناطق الحرة بين دول المجلس ودول أجنبية أخرى, وإنشاء مراكز متخصصة لخدمات تجارة الصادرات وتعزيز دور الغرف التجارية والصناعية في هذا المجال, وتنفيذ الاتفاقية الاقتصادية للمجلس والاتفاقيات الاقتصادية العربية وتذليل عقباتها. * ويقول محمد عمر عبدالله, مدير عام غرفة تجارة وصناعة أبوظبي, إن تشجيع وتنمية الصادرات يحتل أحد أهم الأولويات بالنسبة للغرفة, ومن هنا فقد رأينا أن يكون هناك دور فعال للقطاع الخاص في هذا المجال, وذلك من خلال فتح قناة موازية يستطيع من خلالها أن يؤكد دوره كمصدر للصناعات والمنتجات الوطنية وليس مستقبلا لها فقط, حتى يستطيع أن يتعامل مع محيط يقوم على بناء المصالح واستقطاب المنتجات ذات الجودة. وقد قطعت الغرفة شوطا طويلا في سبيل تحقيق ذلك, حيث قامت بإجراء مسح ميداني للصناعات القائمة بالإمارة, وتحديد المنتجات التي تتمتع بمزايا نسبية ولها إمكانيات تصديرية قائمة على الجودة التنافسية, وذلك حتى تسهم في فتح الأسواق لها من خلال العلاقات الثنائية والمتعددة مع الأطراف الخارجية. ويضيف أن المسح أظهر وجود منتجات كثيرة ذات قدرات تنافسية وجدت لها طريقا في بعض الأسواق, وما حققته هذه الصناعات يعتبر قفزة جيدة, ولكننا نرى أن هناك مساحة كبيرة أمام تحقيق المزيد لكي نتمكن من الوقوف بصلابة في معترك التنافس. وأنه لايزال هناك قصور واضح في مجالات عديدة, يمكن بعد معالجتها أن نشهد تقدما حقيقيا للأمام, ويمكن حصر هذه العوامل في عدة أمور: أهمها توفير الدعم المادي بتكلفة مناسبة, إضافة إلى ضرورة وجود تعاون أكبر بين المؤسسات ذات العلاقة للاتفاق على استراتيجية محددة لدعم تلك الصناعات الموجهة إلى التصدير. ويرى عبدالله أن تحقيق الوضع المثالي بشأن إحلال المنتجات الوطنية محل الواردات هدف غير سهل لطبيعة الظروف والخصائص التي تتميز بها الدولة بشكل عام, وذلك أن معظم الصناعات حتى الآن تعتمد على الكثافة العمالية, وبالتالي فإن الإحلال لم يتحقق بصورة كاملة ومثالية, ولكن كهدف متوسط الأجل يجب التركيز للاستغلال الأمثل للصناعات ذات المزايا الخاصة النسبية, التي تمكن من الاستجابة إلى طلبات السوق وتحقيق وفرة للتصدير, مما سيخدم في النهاية عملية تنوع الناتج المحلي وتنويع مصادر الدخل. ويدعو إلى ضرورة وجود استراتيجية بين مختلف الجهات المعنية تخدم الأهداف الخاصة بالتصنيع, بما ينعكس على تنمية الصادرات والاقتصاد الوطني من مختلف الجوانب. ويقول إننا لا يجب أن ننظر إلى الإحلال محل الواردات كهدف في حد ذاته, ولكن من أجل بناء صناعات تستغل الموارد الوطنية وتؤهل لاستخدام الكفاءات الوطنية, والتركيز في الاستثمار في صناعات ذات كثافة رأسمالية. ويشير مدير عام غرفة تجارة وصناعة أبوظبي إلى أن العولمة تقوم أساسا على فتح الأسواق أمام البضائع والسلع والخدمات بشروط تتفق وأحكام اتفاقيات منظمة التجارة العالمية, وستستمر في ظلها القيمة التنافسية التي تتميز بها كل صناعة وكذلك عنصر الجودة والسعر المناسب. وإذا ما روعي في صناعتنا الوطنية تحقيق هذه الأهداف فإنه بلاشك سيكون من المأمول الوقوف أمام المنافسة الخارجية, ولكن لن يتحقق ذلك إلا بتضافر الجهود لإعداد استراتيجية متكاملة بعيدة المدى, تأخذ في الاعتبار الأولوية الاقتصادية ومتطلبات التعامل مع المناخ الجديد السائد بسبب العولمة. ويقول إن القطاع الصناعي الخاص اتجه بعد الطفرة النفطية التي شهدتها الدولة وتنامي الدخل القومي إلى تبني سياسة تعويض الواردات كمدخل للتنمية الصناعية, وتركزت حركة التصنيع في البداية على بناء قطاع صناعي يلبي الاحتياجات الأساسية للسكان, وبعد أن شهد القطاع الصناعي تطورا في مراحل متقدمة اتجهت حركة التصنيع إلى إقامة صناعات أخرى أساسية موجهة للتصدير مثل الألمنيوم والأسمنت والبتروكيماويات, ولكن مع ذلك لم يحقق هذا القطاع نموا ملحوظا في عمليات التصدير نظرا لحداثة هذا الاتجاه, وعلى الرغم من الاهتمام المتزايد الذي توليه الحكومة, وقيام الغرف والبلديات بدور فعال في تطوير قطاع التصدير. وتخطط غرفة أبوظبي لإنشاء وحدة متخصصة لتشجيع وتنمية الصادرات الوطنية إلى الأسواق العالمية, ويأتي تأسيس الوحدة بهدف تعريف الشركات والمؤسسات الوطنية بالفرص التسويقية المتاحة أمام منتجاتها في الأسواق العالمية, وستقوم الغرفة في سبيل تحقيق هذه الأهداف بعقد وتنظيم ندوات تدريبية للعاملين في الشركات الوطنية حول تسويق المنتجات وترويجها وإيجاد أسواق جديدة للمنتجات الوطنية في العديد من دول العالم. وستسهم الوحدة المقترحة في توفير كافة المعلومات التي يرغب رجال الأعمال في الحصول عليها بالنسبة إلى النشاطات التجارية والاستثمارات الصناعية والقوانين والأنظمة التجارية والمعارض المتخصصة والدولية وغيرها, والقيام بعملية الترويج للمنتجات والصناعات من خلال أكبر مراكز تنمية الصادرات في أنحاء العالم, وتوجيه رجال الأعمال والمنتجين إلى وضع خطة تصديرية طموحة لتطوير تجارتهم وتوسيعها, إضافة إلى تزويدهم بأحدث المعلومات التي يحتاجون إليها لاتخاذ القرارات التسويقية التي تأخذ بعين الاعتبار العوامل السياسية والاقتصادية والثقافية, والتي يمكن أن تؤثر على منتجاتهم وعملياتهم التجارية في الأسواق العالمية. كما يمكن لهم الترويج لمنتجاتهم من خلال موقع الغرفة على شبكة الإنترنت. * ويرى الدكتور محمد إبراهيم الرميثي, مدير عام الدائرة الاقتصادية برأس الخيمة, أن الدولة توجد بها بعض الصناعات الموجهة للتصدير, ومنها على وجه الخصوص الألمنيوم, وهناك كذلك صناعات البتروكيماويات والملابس الجاهزة والمنتجات الغذائية وبعض الصناعات المرتبطة بالتشييد والبناء مثل الأسمنت والزجاج. مشيرا إلى أن أية صناعة يمكن أن تكون موجهة للتصدير وموجهة أيضا للسوق المحلية, ولكن هذا يخضع للسياسة الاقتصادية التي تتبعها الدولة, ويتوقف أيضا على استراتيجية التصنيع التي لابد وأن تراعي أمورا كثيرة, من أهمها سهولة الحصول على المواد الأولية اللازمة للصناعة, مثل البتروكيماويات التي تتوفر المواد الخام اللازمة لها بكثرة مثل النفط والغاز, وكذلك سهولة الحصول على التقنية اللازمة. ويقول إن أهم مشكلة تصطدم بها الصناعة في الوقت الحاضر, سواء وجهت للسوق المحلية أو للتصدير, في أغلب دول العالم النامية ومنها الإمارات, هي التسويق. فإذا كانت المنتجات للسوق المحلية فلابد أن تستوعب هذه السلع, إضافة إلى ضرورة بحث توفير الحماية المطلوبة لها من السلع المستوردة, مثل مشكلة صناعة الألبان, حيث عانت صناعاتنا الوطنية من إغراق واضح من قبل منتجات بعض الدول المجاورة. أما إذا كانت الصناعة موجهة بشكل أساسي للتصدير, وخاصة تلك التي لا يسمح لها بالدخول إلى السوق المحلية وتوجه فقط للتصدير, فمثل هذه الصناعات تحتاج إلى جهد تفاوضي كبير في البلاد التي تذهب إليها, مثل تدخل من الحكومات على المستوى السياسي, واستخدام دبلوماسية المعاملة بالمثل مع بعض الدول والتي تعد ضرورية جدا. إضافة إلى تفعيل دور الغرف التجارية, وأن يتم تحديد وظائفها في المجالات التجارية فقط. ويتابع أنه من المفترض أن تلعب الغرف دورا أكبر مما تقوم به حاليا في الترويج للصادرات المحلية, وأن تساعد على فتح الأسواق الخارجية أمامها, حيث يكاد يكون لا دور لها يذكر في هذا المجال, ويقتصر دورها على إصدار شهادات المنشأ فقط وتسجيل العضوية, ولكنها لا تخرج إلى العالم الخارجي للترويج للصناعة المحلية ولتظهر إيجابيات المناخ الاستثماري والمقومات الصناعية المحلية, وتظهر كذلك ما لدينا من جوائز للجودة والتميز الإداري والقوانين والتشريعات التي تحمي المستثمر الأجنبي وتحمي المنتجات من الغش التجاري. ويوضح الدكتور الرميثي أن القطاع الخاص يقع عليه عبء كبير في القيام بعملية الإنتاج من أجل التصدير, وخاصة في ظل الظروف العالمية والتطورات التي تشهدها الاقتصادات العالمية, سواء أنتج هذا القطاع للسوق المحلية أم للسوق الخارجية, بعكس ما كان يعتقد سابقا أن هذه الأمور تدخل ضمن صلاحيات الدولة وحدها. ويضيف أن القطاع الخاص عادة ما يتجه إلى المنتجات التي يرى أنها تحقق مصلحته بالدرجة الأولى, ويدرس ما إذا كانت السوق المحلية تستوعب إنتاجه من السلع الاستهلاكية والاستثمارية, فإذا كانت تستوعبها فإنه يكون من الأفضل له الإنتاج للسوق المحلية, لأنه إذا واجهته بعض المشكلات يستطيع أن يحلها أو يلجأ للجهات الرسمية طلبا للحماية والدعم, في حين أنه إذا كانت المنتجات معدة بغرض التصدير إلى الأسواق الخارجية, فإن الوضع يكون أصعب كثيرا, مثل صناعة البتروكيماويات التي تحتاج طاقات إنتاجية ضخمة وكبيرة وذات تكنولوجيا وخبرة عالية, ولا يستطيع القطاع الخاص الاعتماد على السوق المحلية في تسويقها, وبالتالي فهي تستهدف الأسواق الخارجية, ومن ثم يجب إقناع هذه الأسواق بأن هذه المنتجات منافسة في السعر والجودة, إضافة إلى ضرورة توفير ميزانيات إعلانية ضخمة للترويج والدعاية لها حتى تثبت وجودها. ويؤكد الدكتور الرميثي ضرورة إنشاء أقسام أو إدارات متخصصة للترويج للصادرات تكون تابعة لغرف التجارة, وأن يعمل بها موظفون مدربون وعلى دراية تامة بالقوانين الاستثمارية والمنظمات الدولية وقوانينها ولوائحها, حتى تستطيع هذه الإدارات مساعدة رجال الأعمال من أجل اقتحام منتجاتهم للأسواق الخارجية. مشيرا إلى أن الصعوبات والمشكلات التي تتعرض لها المنتجات الوطنية في الأسواق الخارجية تفوق ما تجده منتجاتنا الوطنية في الأسواق المحلية. ويقول إن المنطق يستوجب التصدير للأسواق الخليجية لأنها الأقرب, ولما يربطنا بها من اتفاقيات وعلاقات تجارية واقتصادية, ولكن مع ذلك تبقى هذه الأسواق ضيقة لا تستوعب المنتجات الضخمة ذات التقنيات المتطورة والتكاليف والاستثمارات المرتفعة, ولكنها ربما تستوعب منتجات المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تنتج بطاقات إنتاجية قليلة. أو أن الإنتاج قد لا يتناسب مع أذواق المستهلكين بدول الخليج, لأنه معد أصلا للتصدير, مثل صناعة الملابس الجاهزة التي تصدر إلى الولايات المتحدة وأوروبا والتي تصنع بمواصفات خاصة وطرق لا تتلاءم مع السوق المحلية أو الخليجية. ويوضح أن التسويق يعد من أهم الصعوبات والمشكلات التي تواجه عملية التصدير, ويرجع ذلك إلى عدم وجود سياسات إنتاجية وترويجية واضحة للمصانع الوطنية. ليس هذا فحسب بل إن لدينا مصانع كثيرة متشابهة, وبالتالي يصعب عليها أن تنافس بإنتاجها في السوق المحلية والخارجية, وهناك كذلك مشكلات إدارية في دراسات المنشآت قبل تأسيسها, أو أن تنشأ مشروعات صناعية دون أن تدرس جدواها بشكل كاف من جميع الجوانب فتتعرض للفشل ربما قبل أن تبدأ في ممارسة نشاطها, مثل (إطارات) التي تمت تصفيتها أخيرا بسبب قيامها على دراسة جدوى غير دقيقة. وينبغي هنا تأكيد أن الإمارات تستطيع أن تنتج للتصدير, ويلاحظ في الآونة الأخيرة أن هناك الكثير من المؤسسات الصناعية حصلت على شهادة الأيزو, وهذا خير دليل على أننا بدأنا نتطور صناعيا. وأصبحت منتجاتنا ذات جودة مقبولة في الأسواق المحلية والعالمية, الأمر الذي يشير بوضوح إلى أن كل الصناعات الوطنية قادرة على الحصول على شهادات الأيزو وأنها تستطيع المنافسة. ولا يرى الرميثي أن انفتاح الأسواق والعولمة قد يؤدي إلى حدوث المزيد من المشكلات لصناعاتنا الوطنية, حيث إنها ليست ضد الدول النامية. وأنه لن تفشل منتجاتنا في المنافسة بسبب العولمة, بل على العكس ستجد منتجات جميع الدول أسواقا مفتوحة أمامها, لأن هناك الكثير من المستهلكين يلجأون إلى المنتجات والبضائع ذات الجودة المتوسطة خاصة في السلع التي تحظى بطلب كبير مثل الأغذية والملابس, وهناك فئات عديدة من المستهلكين حتى في الدول الصناعية تقبل على مثل هذه البضائع والسلع. أي أن المجال سيكون مفتوحا أمام جميع الدول للإنتاج والتصدير, ولكن يجب إزالة المعوقات التي تعترض طريق التصدير, وإسهام الجهات الحكومية وشبه الحكومية والقطاع الخاص معا من أجل عملية الترويج لهذه المنتجات في الأسواق الخارجية. تحقيق ممدوح عبدالحميد

Email