اتجاهات:تحديات البنوك الخليجية، بقلم حسين محمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

على الرغم من ان دول المجلس لم تلق صعوبات حقيقية في جعل البنوك تلتزم بالمعايير المذكورة, نظرا للاستعدادات السبعة لدى البنوك للالتزام بهذه المعايير وثانيا لوجود فترة زمنية كافية للتكيف مع القرارات الصادرة بهذا الشأن . فإن المتغيرات الاقتصادية العميقة التي تمر بها دول مجلس التعاون سوف تفرض على البنوك العاملة فيها وخلال المرحلة المقبلة التعامل بحذر أكبر مع هذه المعايير. فعلى سبيل المثال يبرز اتجاه متزايد لدى البنوك الخليجية لتنويع مصادر تمويلها وخاصة من خلال اسواق المال العالمية وذلك بعد تراجع معدلات نمو ودائع العملاء الخليجيين. هذا في الوقت الذي توجه فيه هذه البنوك لتقديم تمويلات اكبر للاقتصاد الوطني سواء من خلال الاقراض الحكومي أو المساهمة في مشاريع تنموية رئيسية. ان هذه التوجهات تعني بصورة مباشرة تقليل نسبة حقوق المساهمين الى مجموع المطلوبات. كما تعني زيادة الموجودات ذات المخاطرة. وثانيا, فإن ازدياد المنافسة بين البنوك في الاسواق المحلية مع تراجع معدلات نمو فرص الاعمال المتوفرة يعني ضرورة ان تتجه البنوك لتنويع مصادر دخلها وخصوصا من خلال المصادر غير المعتمدة على الفوائد. وبالنسبة للعديد من البنوك فإن هذا التوجه قد استلزم التوسع بصورة كبيرة في الالتزامات خارج الميزانية سواء الالتزامات الائتمانية او الاستثمار في مشتقات المنتجات الاستثمارية كالخيارات والعقود الآجلة وغيرها من الالتزامات التي ادت الى زيادة حجم الموجودات ذات المخاطرة مقارنة بحجم رأس المال المتوفر. وثالثا, فإن التقلبات الشديدة في اسواق المال العالمية سواء في اسعار العملات أو الفوائد, مع ازدياد اتجاه البنوك المحلية لفتح مراكزها الخارجية سواء في جانب الاقتراض او الاقراض قد استلزم ان يلجأ العديد منها ايضا الى اجراء عقود ضخمة متعلقة بأسعار الفائدة وأسعار الصرف وذلك لحماية مراكزها تجاه هذين العنصرين مما ساهم في تضخم الالتزامات خارج الميزانية بصورة ملحوظة خلال العام الماضي وهذا العام. ان هذه الامثلة التي سقناها هي نماذج لضغوط قد تتزايد خلال الفترة المقبلة مما يبرز مسألة الالتزام بمعايير كفاية رأس المال كتحد جدي امامها. لقد سبق ان قامت السلطات النقدية بدول المجلس بطرح ملاحظاتها على هذه المعايير, الا ان المطلوب حاليا ان تأخذ هذه الملاحظات شكل مطالبات محددة من اجل ان تلقى البنوك في المنطقة معاملة اكثر عدلا ومساواة فيما يخص التزامها بتلك المعايير. ففيما يخص الأسس التي اتبعتها لجنة بازل في تقسيم دول العالم من حيث المخاطر يلاحظ انها لا تنطبق على جميع الدول وان هناك العديد من الدول ذات اداء اقتصادي افضل بكثير من مستواه في الدول الصناعية, ومع ذلك صنفت على اساس انها ذات مخاطرة مرتفعة. كما ان هذه الاسس قد ساوت بين دول المجموعة الواحدة رغم انها تشمل دولا على طرفي نقيض من حيث المخاطر. كذلك لم تميز تلك الاسس بين مخاطر الدولة ذاتها ومخاطر بنوكها اذ كثيرا ما يلاحظ ان بنوكا في دول ذات المخاطرة المرتفعة افضل اداء من بنوك في دول ذات المخاطرة المنخفضة. كما ان تقسيم البنوك على اساس تواجدها الجغرافي وجنسيتها داخل وخارج OECD قد تجاهل تماما مستويات الاداء وسلامة الاوضاع المالية لكل بنك على حدة. كذلك فإن تلك الاسس لم تعط أي امتيازات اضافية للبنوك التي تتجاوز نسبة كفاية رأس المال النسبة المطلوبة. وبالتالي فإن مخاطرة الدولة التي تقع فيها سوف تبقى دون تغيير على الرغم من تحسن اوضاع هذه البنوك. وبالمحصلة فإن عدم مراعاة الاسس التي وضعت بها تلك المعايير للمعطيات السابق ذكرها يعني ارتفاع كلفة حصول بنوك الدول ذات المخاطرة المرتفعة على الاموال, كما يعني زيادة الفجوة القائمة في البنية الاقتصادية بين دول المجموعتين والتي سوف تنجم عن حركة الاموال. لقد لاحظت مؤسسة نقد البحرين وعلى سبيل المثال المساوىء الناشئة عن هذا التمايز على المقترضين في دول الخليج, لذلك فلقد لجأت الى اعطاء وزن متساو للمطالب على المقترضين سواء في دول الخليج أو اوروبا وهذا الاجراء هو احد الامثلة لما يمكن للسلطات النقدية ان تنفذه او تطالب بتنفيذه ليس حماية للبنوك العاملة في دولها فحسب بل ولتحفيز هذه البنوك لمواصلة لعب دور نشط في التنمية الاقتصادية, ولكي لا تتحول تلك المعايير الى مبرر للتردد أو التحفظ.

Email