البريطاني كان له السبق في الاحتكار: البنوك الاجنبية احتكرت العمل المصرفي بالامارات 17 سنة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يستعرض هذا الباب بدايات عمل المصارف التجارية في دولة الامارات وتطورها وذلك منذ ما قبل قيام الدولة حينما كانت تسمى هذه المنطقة بالامارات المتصالحة الى يومنا هذا , حيث اخذت المصارف التجارية والمصارف الاستثمارية والوحدات المصرفية الاخرى اهميتها ودورها في مسيرة التنمية الاقتصادية في الدولة , وكيف استطاعت هذه المصارف والوحدات المصرفية الاخرى ان تتوسع وتتفرع خاصة المصارف الاجنبية التي سجلت بدايات العمل المصرفي في الدولة . لقد استطاع القطاع المصرفي التجاري في الدولة ان يحقق توسعاً ملحوظاً خلال السنوات الماضية سواء من حيث عدد فروع هذا القطاع او حجم عملياته واستطاع هذا القطاع ان يغطى كافة مدن ومناطق الامارات من خلال شبكة من الفروع واجهزة الصراف الآلي التي سمح بها المصرف المركزي ليتم تركيبها في المناطق التي ترغب المصارف ان تفتح فيها اضافة الى تلك التي تم تركيبها في مباني المصارف . ولم يقتصر نشاط القطاع المصرفي التجاري على داخل حدود الدولة فحسب وانما تنامى ليصل الى خارج الدولة من حيث عدد الفروع التي تم تأسيسها من قبل المصارف الوطنية في الدول العربية والاجنبية وذلك لما تتمتع به هذه المصارف من قدرة مالية جيدة وعلاقات مصرفية متشابكة , ورغبة من اداراتها في توسيع رقعة عمل القطاع المصرفي التجاري الى خارج حدود الوطن . ويستعرض هذا الباب كذلك التنوع في القطاع المصرفي والعلاقة المتطورة مع السلطة النقدية في الدولة , وكذلك المؤسسات الحكومية والقطاع العام , فضلاً عن قطاع الافراد . ساعده في ذلك التنوع في نوعية الخدمات المقدمة وتطورها لتضاهي ارقى الخدمات المصرفية في العالم . ولقد استطاعت الامارات ان تكون مركزاً مالياً ومصرفياً ضخماً خلال سنوات قياسية وهذا مايؤكده حجم وعدد المصارف والمؤسسات المصرفية المالية الراغبة في فتح فروع لها في دولة الامارات... ذلك ان الامارات من خلال السلطة النقدية قامت بتنظيم وصياغة العمل المصرفي واسهمت في ايجاد وعي مصرفي متميز بين جمهور المتعاملين مع القطاع المصرفي فضلاً عن اتباع الامارات لسياسة الحرية الاقتصادية من حيث حرية التحويل سواء من عمله الى اخرى او من داخل الدولة الى خارجها والعكس وقداوجد ذلك سمعة عالمية طيبة للامارات بين دول العالم واستقطبت الامارات بالتالي من خلال القطاع المصرفي حجماً من رؤوس الاموال والاستثمارات التي جاءت الى الامارات وحققت عوائد جيدة . المصارف التجارية النشــأة والتركيبــة لما كانت الامارات العربية فيما قبل تدفق النفط وتصديره تفتقر الى المدخرات , وحيث ان النشاط الاقتصادي في الدولة يقتصر على بعض المهن والحرف وكان النشاط التجارى محدوداً , فقد كانت الحركة المصرفية محدودة ايضا . وكانت منطقة الخليج تقع تحت الانتداب البريطاني آنذاك وتسمى المنطقة التي تشمل الامارات وقطر والبحرين وعمان والكويت , بالامارات المتصالحة . وكانت العملـة المتداولة آنذاك هي الروبـية الهندية تبعتها الروبية الخليجية , حيث كانت الهند تقع تحت الانتداب البريطاني ايضا. المرحلـة الاولى : تمثلت البداية الفعلية للقطاع المصرفي في منطقة الامارات في افتتاح اول فرع لمصرف تجارى في الامارات وهو البنك البريطانـي للشـرق الاوسـط حيث فتح هذا البنك أول فـرع له في الامارات ليمارس الاعمال المصرفـية ومع افتتاحه بدأ سكان الامارات والمقيمون فيها استخدام خدماته المصرفية . لقد كان افتتاح البنك البريطاني للشرق الاوسط فرعاً له في دبي في عام 1946 بداية النشاط المصرفي في الامارات , ولقد اختار البنك امارة دبي لما تمثله من ثقل تجاري متميز في المنطقـة آنذاك بالرغـم من ان اكتشاف النفط بدبي جاء في عام 1969 , وتركز نشاطه في دبي مقارنة بالامارات الاخرى لميزات دبي الجغرافية والمؤسسية وسياستهـا التشجيعـية للتجار الاجانب فضلاً عن كون دبي تمثل مركز النشاط التجارى في منطقة الخليج العربي ولاسيما تجارة الترانزيـت . اما الفرع الثاني للبنك البريطاني للشرق الاوسط فقد تم افتتاحه في امارة الشارقة في عام 1953 ويعـزى ذلك لقرب الشارقة من دبي حيث النشاط التجاري. ولكون الشارقة مقراً للقاعدة العسكرية البريطانية , وبعد ذلك انتشرت المصارف في الامارات الاخرى اذ افتتح البنك البريطاني فرعة الاول في ابوظبي في عام 1958 , ثم افتتح البنك الشرقي في عام 1961 وادمج بعد ذلك مع تشارترد بنك وفي العام التالي افتتح البنك العماني فرعاً له في امارة ابوظبي الذي سرعان ماادمج في بنك كرندليز في عام 1962 . ونظرا لأهمية البنك البريطاني للشرق الاوسط في المرحلة الاولى من العمل المصرفي فلا بد من الاشارة التاريخية الى نشاط هذا البنك حيث احتكر العمل المصرفي في دبي منذ عام 1946 الى عام 1963 وقد لعب دوراً بارزاً في تجارة دبي , بل لعب دوراً مهما منذ نهاية الخمسينات في خطة حاكم دبي التطويرية . وكان لارتباط البنـك الوثيق بحاكم دبي الاثر الكبير والعامل الاهــم في نمـو هذا البنـك , ومن العوامل التي ساعدت ايضاً على نمو هذا البنك ان الحكومة الهندية الجديدة والمستقلة اصدرت في اغسطس 1947 قانوناً جديداً خاصاً بالعملات الاجنبية والذي تطلب فيه من تجار الخليج ان يدفعوا قيمة البضائع التي يستوردونها من الهند من خلال بنوك مسموح لها ببيع العملات الاجنبية للهند . تشير ارقام الودائع لدى البنك مدى تطور هذا البنك في امارة دبي اذ بلغ حجم الودائع في مارس 1947 بنحو 813462 روبية هندية اي مايوازي 61024 جنيه استرليني بينما سجل حجم الودائع في عام 1950 نحو 2,6 مليون روبية هندية اي مايعادل 195049 جنيه استرليني , ثم في مارس 1960 حيث بلغ حجم الودائـع نحو 12,4 مليون روبـية هنديـة . وكـان ثلاثة ارباع تلك الودائع في عام 1960 مودعة في الحـساب الجاري دون ان تحمل فوائـد للمودعيـن . ولقد احتفظ البـنك فقـط بنسبة 25 بالمائة من هذه الودائع على هيـئة سيولـة لدى فروعه في الامارات بينما قام باستثمار الباقي 75 بالمائة منها لدى فروعه في لندن وبومباي . وفي شهر ديسمبر من عام 1960 استثمر فرع البنك في دبي بنحو 1,1 مليون جنيه استرليني في الخارج اي مايعادل 60 بالمائة من الودائع , بينما استغل هذا الفرع هذه الودائع في منتصف الستينات . اما من جانب قروض البنك البريطاني للشرق الاوسط في الامارات فقد كانت محدودة وبالرغم من عدم وجود ديون معدومة آنذاك إلا ان ثلثي قروض البنك كانت مؤمنة عام 1960 مقابل العقارات , وقد بلغت قروضه في عام 1950 بنحو 760,000 روبية هندية (57014 جنيه استرليني ) سجلت قفزة في عام 1960 اي بعد عشر سنوات لتصل نحو 7,4 ملايين روبية هندية اي (555139 جنيه استرليني). اما الارباح المتحققة فقد كان البنك يحصلها من فروق العملات ( بيع وشراء العملات ) وكذلك العمولات على الصفقات الصغيرة والمتوسطة وبالذات على الكمبيالات والاعتمادات المستندية حيث وصل اجمالي الاعتمادات والضمانات في عام 1950 بنحو 1,4 مليون روبية هندية , ويلاحظ ان ارباح البنك كانت محدودة نوعا ما في فترة الخمسينات ويعزى ذلك الى زيادة التكاليف حيث يوجد عدد كبير من الموظفين يقومون بانجاز صفقات صغيرة . لقد حدث تطور في عام 1959 يتمثل في الاتفاق الذي تم ابرامه بين حكومة دبي والبنك البريطاني والذي بموجبه تم تمديد الاتفاق الذي به يحتكر البنك البريطاني العمل في هذه الامارة لمدة ثمانية اعوام بحيث ينتهي في عام 1974 مقابل قيام البنك بدفع نسبة 20 بالمائة من ارباحه لحكومة دبـي . من خلال استعراضنا للدور الذي قام به البنك البريطاني للشرق الاوسط يتضح لنا بأن المرحلة الاولى من النشاط المصرفي التجاري في الدولة قد اتسمت باحتكار المصارف الاجنبية للنشاط المصرفي ولمدة سبعة عشر عاما قبل ان تبدأ المصارف الوطنية بالظهور , إذ بعد قيام البنك البريطاني للشرق الاوسط بافتتاح فرعه الاول في دبي , (1946) ثم الثاني في الشارقة (1953) فالثالث في ابوظبي (1958) ثم انشأ فرعاً ثالثا له في دبي عام 1961 كما افتتح البنك العماني فرعا له في ابوظبي (1962) الذي اندمج كما اشرنا مع جريندليز بنك وكذلك البنك الشرقي (1961) الذي ادمج مع تشارتردبنك . ولم يقتصر احتكار هذه المصارف للنشاط المصرفي في دبي فقط وانما في الامارات الاخرى حيث استمر احتكار البنك البريطاني للنشاط المصرفي في ابوظبي لفترة حتى افتتاح فرع للبنك العماني, ثم البنك الشرقي بينما استمر احتكار البنك للنشاط المصرفي في الشارقة حتى عام 1957 عندما فتح البنك الشرقي فرعاً له مع الاشارة بأنه لم يكن في الشارقة سوى جزء من فرع , كما ان البنك فد سجل خسائر في ابوظبي خلال الفترة من 1959 ـ 1965 , إلا انه مالبث ان سجل ارباحاً لاول مرة في عام 1966 . المرحلـة الثانية : بدأت المرحلة الثانية من عمر النشاط المصرفي التجاري في الامارات العربية مع تأسيس اول بنك تجاري وطني وذلك حينما قررت مجموعة من تجار دبي في عام 1962 انشاء مصرف وطني حيث اعتبر ذلك صدمة لادارة البنك البريطاني للشرق الاوسط في الامارات التي لم تستطع منع ذلك بسبب الظروف السياسية ورغبتها بالحفاظ على علاقة جيدة مع حاكم الامارة . لقد كان بنك دبي الوطني المحدود هو أول بنك محلى تم تأسيسه في دولة الامارات العربية المتحدة بموجب مرسوم اميري صادر من المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي لمجموعة من تجار دبي البارزين , وبدأ عملياته في دبي يوم التاسع من مايو عام 1963 وكان المؤسسون للبنك هم سلطان علي العويس , الذي تولى رئاسة مجلس ادارة البنك منذ تأسيسه في عام 1963 , و ناصر عبداللطيف نائباً للرئيس , و محمد سعيد الملا , ومير هاشم خوري ويوسف حبيب ومحمد مهدي التاجر اعضاء مجلس الادارة . بدأ البنك اعماله المصرفية برأسمال مشترك وطني واجنبي مدفوع بالكامل قدره 13,500,000 روبية وحقق ربحاً متواضعاً حسب تقريره الاول الصادر في 30 نوفمبر 1964 وقدم البنك خدماته المصرفية العادية منذ بداية عملياته . لقد قدمت حكومة دبي دعماً جيداً للبنك , وكذلك رجال الاعمال , وبدأ البنك في تأسيس مزيد من الفروع بدأت بافتتاح فرعه الاول بمنطقة العبرة ببر دبي عام 1963 , وامتدت نشاطاته الى ابوظبي حيث افتتح فرعه فيها في يونيو 1968 , ثم في مارس 1969 حيث افتتح البنك فرعه الاول بأم القيوين , وفي عام 1971 بدأ ايضا نشاطه للمسافرين من مطار دبي الدولي حيث اخذ في تقديم خدماته المصرفية المتواصلة على مدار الساعة . لقد شهـدت تلك الفتـرة احداثـاً عديـدة هامـة ساهمت في تطويـر وتنمـية نشاطات البنك حيث اصبح بنك الكويت الوطني مساهماً في راسمال البنك في عام 1963, وكذلك بنك كرندليز في عام 1966 , وبنك أوف امريكا في عام 1967 , وساعدت هـذه البنـوك في توسيع نشاطاتـه الدولـية بدرجـة كبيــرة . * بعد ان اصبح ريال قطر ودبي العملة المتداولة في دبي منذ اكتوبر 1966 تم تكليف بنك دبي الوطني بالقيام بمهمة الوكيل نيابة عن مجلس النقد لقطر ودبي وحتى تأسست أول سلطة نقدية في دولة الامارات في عام 1973 بقيام مجلس النقد بالامارات اصدار درهم الامارات باعتباره العملة الرسمية المحلية حيث اصبح بنك دبي الوطني مراقباً ومشرفاً بالنيابة عن مجلس النقد بالنسبة للامارات الشمالية الست . ومنذ ذلك التاريخ قام البنك بالمساهمة في دعم النشاط التجاري وتمويل المشروعات وتشييد المنازل, كما كان مرتبطاً إرتباطاً وثيقاً بتنفيذ مشروعات التنمية التي قامت حكومة دبي بتنفيذها. وللحفاظ على هذا النمو والتطور تمت زيادة موارد البنك المالية بشكل مطّرد من 35 مليون درهم في عام 1973 إلى 3447 مليون درهم في عام 1990, وبالرغم من ان الفترة الماضية قد شهدت توسعاً في المصارف التجارية الوطنية إلا أن بنك دبي الوطني حافظ على مركزه القيادي بين المصارف. وتنفيذاً للسياسة المصرف المركزي نحو تشجيع المواطنين للمساهمة في المصارف الوطنية وذلك بأن يمتلك المواطنون مالا يقل عن 80 بالمائة من أسهم المصارف قام بنك دبي الوطني بإعادة شراء الأسهم الأجنبية ومنذ عام 1982 أصبح أكثر من 80 بالمائة من أسهم البنك يمتلكها المواطنون. وفي عام 1986 بدأ البنك سياسته التوسعية في فتح فروع له خارج الدولة حيث أسس فرعه الأول في لندن ثم في جيرسي بجزر القنال الإنجليزي. واستطاع بنك دبي الوطني ان يحقق ربحية عالية ونمواً حيث زادت الأرباح من 111 ألف روبية في عام 1964 إلى 466 مليون درهم في عام 1990 . كما زادت قيمة الأصول الإجمالية من 39 مليون روبية إلى 24 مليار درهم في 1990 . وتشير بيانات الميزانية العمومية للبنك لعام 1992 إلى أن إجمالي أصوله قد سجل إرتفاعاً ليصل إلى 25,4 مليار درهم, فيما بلغت في عام 1998 إلى 24,4 مليار درهم. وبلغ إجمالي ودائع البنك نحو 20,8 مليار درهم كما في نهاية ديسمبر 1992 ووصلت إلى 11,3 مليار درهم في عام 1998 . بينما بلغ إجمالي القروض والسلف في نفس الفترة نحو 2,2 مليار درهم وارتفعت في نهاية 1998 إلى ستة مليارات درهم. كما بلغ حجم الإعتمادات المستندية 510 ملايين درهم ووصلت في نهاية ديسمبر 1998 إلى 296 مليون درهم. وفي المقابل تشير بيانات حساب الأرباح والخسائر إلى أن إجمالي إيرادات الفوائد على الودائع بلغ مليار درهم وعليه فقد بلغت أرباح البنك في نهاية ديسمبر 1992 نحو 338,8 مليون درهم وارتفعت في نهاية ديسمبر 1998 لتصل إلى 401,5 مليون درهم. وفي العقد الذي تلا افتتاح بنك دبي الوطني بالاضافة الى فرعي تشارترد بنك وكرندليز القائمين في دبي افتتحت ثمانية فروع لمصارف تجارية في دبي , كما تم تأسيس اربعة مصارف وطنية اخرى ساهمت رؤوس الاموال الاجنبية فيها بنسب متفاوته . ويعزى هذا الاهتمام من قبل المصارف التجارية الاجنبية لفتح فروع لها بدبي الى المركز التجاري المزدهر الذي بدأ في منتصف الستينات مما جذب المصارف العالمية لفتح فروع لها في دبـي . اما امارة ابوظبي فكما اشرنا الي ان اول بنك قام بافتتاح فرع فيها هو البنك البريطاني للشرق الاوسط في عام 1958 , ثم كان هناك البنك الشرقي في عام 1961 الذي تم دمجه مع تشارترد بنك , وفي عام 1962 افتتح البنك العماني فرعاً له سرعان ماتم دمجه في بنك كرندليز . ومع اكتشاف النفط وبكميات تجارية في الامارة , ومع البدء في التصدير الى دول العالم منذ اواخر عام 1962 شهدت الحركة المصرفية تطوراً وتوسعاً في خدماتها المصرفية ولاسيما مع زيادة الكميات المصدرة من النفط وبالتالي زيادة الايرادات النفطية التي انعكست على حركة التشييد والعمران التي شهدتها امارة ابوظبي خاصة مع تولى صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لمقاليد الحكم في الامارة في عام 1966 الذي بدأ حكمه بالاهتمام بوضع اللبنة الاولى من مشاريع البنية الاساسية . ومن هنا كان لابد للمصارف التجارية وفروع المصارف التجارية الاجنبية ان تتحرك مع هذا التطـور السريـع الذي تشهـده الامارة , فقد قفز عدد المصـارف العاملـة في ابوظبـي الى خمسة عشـر مصرفاً فـي ابوظـبي في عـام 1972 بعد ان كان ثلاثـة مصارف فقط في عام 1963 , اضافة الي تسعة فروع اخرى في مدينة العين . اما اول مصرف وطني تم تأسيسه في قطاع ابوظبي فقد كان بنك ابوظبي الوطني الذي تأسس برأس مال وطني بلغت نسبته 85 بالمائة وكانت النسبة البالغة 15 بالمائة من نصيب شركاء اجانب وعرب . لقد جاء تأسيس هذا البنك في عام 1968 بموجب مرسوم اميري صدر عن صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم امارة ابوظبي ضم اول مجلس ادارة له معالى خليفة بن يوسف رئيسا ومعالى احمد خليفة السويدي ممثلا لحكومة ابوظبي وعضوية كل من احمد بن محمد المسعود , وعبدالجليل محمد عبدالجليل وخلف العتيبة وهامل بن خادم الغيث و محمد علي شلبي مديراً تنفيذياً . والبنك كما جاء في مرسـوم تأسيسه مؤسسة محدودة المسؤولية تمتلك حكومة ابوظبي اغلبية اسهمها . ولقد تم افتتاح البنك وبدأ في ممارسة عملياته المصرفية بصورة رسمية في 23/12/1968. وتشير بيانات أول تقرير سنوي أصدره البنك عن السنة المالية المنتهية في 31/12/1969 الى أن اجمالي أصول البنك بلغ 210,6 ملايين درهم , وبلغ اجمالي الودائع نحو 193 مليون درهم كما في نهاية ديسمبر 1969 . لقد اشار التقرير الى الدور الرائد الذي لعبه البنك في مسيرة التنمية التي شهدتها الامارات حيث بلغ اجمالي القروض والسلف 24,6 مليون درهم خلال تلك الفترة ووصل اجمالي الاعتمادات المستندية 1,5 مليون درهم . ومن ناحية اخرى تشير بيانات حساب الارباح والخسائر عن السنة المشار اليها الى ان اجمالي الدخل لعام 1969 بلغ 6,3 ملايين درهم وبلغ اجمالي الفوائد التي تم تحصيلها عن الودائع نحو 2,8 مليون درهم بينما في المقابل بلغ اجمالي مصروفـات التشغـيل 1,5 مليون درهم وعليـه بلغ صافي ارباح البنك نحو 2 مليون درهم . لقد تبوأ بنك ابوظبي الوطني مكانته الحالية المتميزة عقب سنوات قليلة من تأسيسه واصبح البنك الاول في امارة ابوظبي , وانتشرت فروعه في كافة انحاء الدولة واتسعت خدماته المصرفية واعماله تبعاً لذلك . وخلال سنوات قليلة اكتسب البنك شهرته كأحد البنوك الرائدة في العالم العربي حيث اصبح له وجود بارز ومؤثر في دول عربية عديدة , ففي جمهورية مصر العربية مثلاً اعتبر البنك احد اكبر المصارف الاجنبية العاملة فيها , فضلا عن نشاطه الملحوظ في كل من البحرين وسلطنة عمان , وتواصل توسع البنك ليتجاوز الحدود العربية ويؤسس لنفسه وجوداً فاعلاً في العاصمة البريطانية لندن من خلال فرعي "وست اند " وفرع المدينة , ثم ارسى قدمـه فـي السوق الفرنسية من خلال فرعـه فـي باريس, ولدى البنك مؤسسة تابعة له ومملوكـة له بالكامل هي بنك ابوظبي الدولي في مدينة واشنطن بالولايات المتحدة , ثم بدأ البنك في التوجه نحو الشرق حيث القارة الاسيوية واستراليا واليابان, يبلغ عدد فروع البنك حتى نهاية عام 1998 نحو (49) فرعــاً في الإمارات منها (19) مكتب صرف. الميزانية العمومية لبنك أبوظبي الوطني: سجل حجم الميزانية العمومية للبنك في نهاية عام 1998 إرتفاعاً بلغ نحو أربعة مليارات درهم أي بنسبة 12,8 في المائه عن العام السابق, ليصل إلى 35,13 مليار درهم مقابل 31,13 مليار درهم في نهاية 1997 ويعزى هذا الإرتفاع إلى حجم الودائع ولا سيما ودائع القطاع العام إذ بلغ حجم الودائع 27,7 مليار درهم في عام 1998 مقابل 24,6 مليار درهم أي بزيادة بلغت 3,13 مليار درهم عن عام 1997 . وفي ضوء ذلك ومن خلال قراءتنا للميزانية في جانب الموجودات نجد إن حجم الأصول قصيرة لأجل قد بلغ في نهاية عام 1998 إلى 14,3 مليار درهم مقابل 11,8 مليار درهم أي بزيادة بلغت 2,5 مليار درهم. كما إرتفع حجم السلفيات في نفس فترة المقارنه ليبلغ نحو 1,86 مليار درهم. أما بالنسبة للأرباح الصافية المتحققة في سنة 1998 فقد سجلت إنخفاظاً قدره بمقدار عشرة ملايين عن العام السابق إذ بلغ حجمها 399,2 مليون درهم في عام 1998 مقابل 409,2 ملايين درهم في العام السابق أي بنسبة 2 في المائه فيما خصص البنك 60 مليون درهم في عام 1998 كمخصصات لتغطية الديون المعدومة والأوراق المالية. وهو نفس الرصيد المعتمد في العامين الأخيرين.

Email