حملة البيان لتوطين المصارف: الخبير الاقتصادي محمد الرميثي.. التوطين عملية وطنية تتعلق بسيادة الدولة وليست فقط لحل مشكلة البطالة

ت + ت - الحجم الطبيعي

فرضت قضية التوطين نفسها على طاولة الحوار الرسمي وغير الرسمي في كل انحاء الدولة ونجحت حملة (البيان) في ان تدق ناقوس الخطر وان تعيد كثير من المؤسسات بالدولة حساباتها بشأن هذه القضية الهامة وخاصة في قطاع من اهم القطاعات بالدولة وهو القطاع المصرفي, وبعد هذه اللقاءات والحوارات مع عدد كبير من البنوك الرئيسية في الامارات كان لابد لنا من وقفة مع الخبراء ورجال الاقتصاد لنتعرف على وجهة النظر العلمية فيما يجري وما يقال: ماهو تقييمهم لقضية التوطين؟ وماهو رأيهم بالنسبة التي حددتها لجنة الموارد البشرية وموقف البنوك منها, ماذا يمكن فعله تجاه البنوك اذا لم تلتزم بعملية التوطين؟ التدريب مسؤولية من وهل اصبح المواطن عبئا؟ الدكتور محمد ابراهيم الرميثي الخبير المصرفي ومدير عام دائرة التنمية الاقتصادية برأس الخيمة كان شديد الانفعال تجاه هذه القضية التي اعتبرها (قضية وطنية) وقال ان التوطين ليس قضية توفير فرصة عمل لمواطن وانما يتعلق بسيادة الدولة, وطالب بضرورة اجبار البنوك على التوطين او توقيع عقوبات عليها تصل الى حد سحب الترخيص كما طالب بجهاز اداري له سلطات وصلاحيات تشريعية يفرض عملية التوطين. واعتبر د. الرميثي ان نسبة 4% التي حددها مجلس الوزراء متدنية جدا ولاتفي بالغرض.. وان النسبة المعقولة كحد ادنى سنويا يجب ان تكون 10% واعتبر ايضا ان تدريب المواطن هو مسؤولية البنوك التي تربح كثيرا جدا ولايريد بعضها ان ينفق شيئا مشيرا الى ان كل دول العالم لايتخرج المواطن من جامعاتها خبيرا جاهزا ولكنه يتخرج من الجامعة ليدخل مراكز التدريب على العمل الذي سيشغله بعد ذلك. نسبة متدنية سألت د. محمد الرميثي: ماهو رأيكم في قضية التوطين في قطاع البنوك بوصفكم احد الخبراء في قطاع المصارف الاسلامية؟ ماهو تقييمكم لردود البنوك من خلال متابعتكم لحملة البيان؟ ــ اولا النسبة التي تم تحديدها وهي 4% سنويا كنسبة للتوطين هي نسبة متدنية جدا, وفي رأي ان النسبة التي تمثل الحد الادنى لاتقل عن 10% سنويا لاسباب عديدة اولها: ان هذا القطاع حيوي جدا وهام جدا وثانيها ان لدينا اعدادا كبيرة من المتخصصين في هذا المجال, فنحن عندنا اقتصاديين وعندنا محاسبين وعندنا خبراء في ادارة الاعمال وعندنا كليات كثيرة وجامعات تخرج اصحاب هذه التخصصات التي تعمل جميعها في قطاع البنوك, وكل هؤلاء الخريجين بلا عمل ويريدون العمل في البنوك وهم قادرون ومؤهلون لهذا العمل ولايحتاجون الا لفترة تدريب بسيطة. المواطن استثمار لكن يادكتور بعض البنوك تحتج بأن المواطنين غير مؤهلين ويحتاجون مرتبات عالية؟ ــ بدت على الدكتور الرميثي علامات الانفعال ورد قائلا: هذه كلها حجج واهية ليس لها معنى فالمواطن استثمار واستثمار طويل الاجل وليس استثمارا خاسرا كما يرددون الامر الأهم انه في كل دول العالم ليس هناك خريج جاهز او خبير فالجامعة تؤهله بالعلم وتصقل مواهبة وتبرز قدراته واستعدادته ثم يأتي دور البنوك التي تقع عليها مسؤولية التدريب فلابد من ان تتحمل البنوك دورها في هذا الصدد لان التدريب مسؤوليتها بالدرجة الاولى وعلى البنوك ان تتخذ المثل من (ادنوك) و (اتصالات) التي لديها مراكز لتدريب الموظفين وتأهيلهم للعمل بها, وعلى البنوك ان تبادر بانشاء اقسام للتدريب. الامر الثالث الذي يؤكد ان كلام هذه البنوك حجج واهية انها تقوم بالفعل بتدريب موظفين اجانب وتدفع لهم مرتبات خيالية وهنا نتساءل: اذا كان الاجنبي والمواطن كلاهما يحتاج الى تدريب ويحتاج الى مرتبات كبيرة فمن الاولى؟ انني اؤكد للمرة الالف البنوك قادرة وتحقق ارباحا كثيرة وحجة ان المواطن ليس عنده خبرة ماهي الا اسطوانة مشروخة انتهى عصرها وعليهم ان يدركوا ان هناك متغيرات كثيرة والدنيا تتغير ولم يعد المواطن اليوم مثل المواطن امس. مثال عملي هل يوجد مثال عملي على ان المواطن قد اثبت قدرة في العمل المصرفي من خلال المواقع التي تولاها حتى يكون ذلك ردا عمليا على هذه الحجج؟ ـ اعطيك مثالا واحدا بالبنك المركزي وهو بنك البنوك, ان نسبة التوطين به عالية جدا تصل 80% تقريبا او يزيد ليس فيه اجانب الا في بعض الاقسام الفنية المتخصصة جدا والاستشارية رغم ذلك البنك متميز واثبت المواطن الذي يحتل المواقع القيادية بالبنك جدارته وحقق ارباحا كثيرة فلم يقولون ان التوطين عبء. يتعلق بهذا أمر غاية الاهمية على الجميع ان يدركه ان التوطين (عملية وطنية) هو في الاساس حرص على سيادة الدولة وعلى اسرارها ومقدراتها وليس فقط مجرد توفير فرصة عمل لمواطن لايجد عملا, انما هي قضية وطنية قومية تتعلق بسيادة الدولة وترتبط بها هذا هو البعد الهام. ولهذا فإن معظم دول العالم لديها قوانين تمنع ان يكون مديرو فروع البنوك الاجنبية بها غير مواطنين ومستحيل ان يوجد بها مدير بنك اجنبي, البنك الاسلامي في الدانمارك مديره دانماركي رغم انه بنك اسلامي وبنك البركة في بريطانيا مديره انجليزي.. وهذا قانون وهذا يستهدف مصلحة البلد لان المواطن حريص على مصالح بلده والبنوك مثل الكشاف يكشف الاقتصاد ويعرف حركته اذا كانت قوية او ضعيفة واسباب ذلك لان الاعتمادات والتحويلات وكل ذلك يتم عن طريق البنوك وعندما يتولى الاجنبي ذلك يتحكم في اقتصاد البلد وسياساته ويعرف عنه اكثر من المواطن. أين يذهب؟ نسبة الـ10% التي تقترحها الاترى انها نسبة عالية خاصة في ظل حالة الاحجام من جانب بعض البنوك؟ ــ هذه ليست نسبة عالية كما اوضحت سلفا واضيف الى الاسباب التي تدعوني لاقتراح هذه النسبة ان هناك نموا في القطاع المصرفي سنويا بنسبة عالية جدا, هناك نمو في عدد الفروع وفي احجامها وهذا دليل على الارباح فلو كان حجم القطاع بدون نمو كنا التمسنا لهم الاعذار لكن هناك نسبة عالية وشاملة ولهذا انا ارى ان نسبة الـ 4% متدنية وظالمة كذلك وهي نسبة ظالمة لانني اظلم المواطن واهضم حقه. ويتساءل د. الرميثي: اذا لم يوظف المواطن في بلده فأين يذهب) ؟ ان التوطين حق للمواطن ومن حقه ان يحصل على وظيفة في بلده خاصة اذا كان هذا البلد يفتح ابوابه للاجانب ويأنيخ الناس من كل جانب فكيف لايحصل المواطن فيها على فرصة عمل, لدينا الان خريجون من اربع وخمس سنوات لم يتحصلوا على وظيفة خاصة من العنصر النسائي وهذا وضع سيء جدا نحن لانريد شعارات ولكن نريد خطوات عملية. سحب الترخيص كيف تحول هذه الشعارات الى خطوات عملية؟ ماهي الوسائل من وجهة نظركم الكافية لوضع هذا الشعار موضع التنفيذ؟ ــ لابد من الضغط على البنوك والقطاع الخاص كله حتى لو بلغ الامر الى حد سحب الترخيص ولابد من جهاز اداري يتابع ويراقب تنفيذ عملية التوطين لان تحديد نسبة من دون متابعة ومراقبة فهذا يعني ان كل هذه الجهود تذهب سدى. واقترح ان يتكون هذا الجهاز الاداري بالتنسيق بين وزارة الاقتصاد ووزارة العمل والمصرف المركزي ومعهد الامارات للدراسات المصرفية والمالية ولابد ان تعطى لهذا الجهاز سلطات تشريعية وصلاحيات تمكنه من فرض قراراته لانه جهاز بلا سلطة فهو جهاز بلادور لابد ان تكون عنده سلطة فرض التوطين على البنوك ومعاقبتها اذا خالفت وتكون العقوبة بحجم المخالفة. ويضيف: انه لابد من اعمال مبدأ الثواب والعقاب بمعنى فرض العقوبة اذا خالف البنك وفي الوقت نفسه المكافأة لمن يلتزم بتطبيق القانون والالتزام بعملية التوطين فهذه المكافأة حافز حتى لو كانت معنوية في صورة شهادة تقدير مثل جائزة دبي للآداء الحكومي المتميز التي تنظمها حكومة دبي فهي تشجع الجميع على العمل والانجاز والتميز وكذلك جائزة دبي للجودة التي تسعى اليها كل الشركات لانها تحقق لها سمعة كبيرة ودعاية واسعة وهذا مايسعى اليه القطاع الخاص انه في حاجة الى مثل هذه المكافآت. ويختم د. محمد ابراهيم الرميثي حديثه في هذه الجزئية قائلا انه مالم يكن هناك جهاز يجبرهم على التوطين فلن يفعلوا ذلك وسيبقى الامر مزاجيا لانه ليس هناك تشريع ملزم وليس هناك جهة تراقب وتتابع. بل انني اقترح ان هذا الجهاز الاداري يتولى هو بنفسه عملية التوطين بمعنى ان يتسلم الاوراق من المواطنين الراغبين بالعمل في البنوك ويتولى الاشراف على تدريبهم من قبل البنوك حتى يتسلموا اعمالهم, ولابد ان يكون هناك جدول زمني لدى البنوك والشركات تلتزم فيه بعملية التوطين. الشركات الكبيرة وقبل ان يختتم حديثه قال د. محمد ابراهيم الرميثي ان هذا الحديث ينطبق على كل الشركات المساهمة الكبيرة وليس فقط على البنوك انما على شركات التأمين والبنوك وغيرها. اما الشركات الصغيرة المحدودة او الشركات العائلية الصغيرة فهذه مايجب ان تضغط عليها لانها شركات صغيرة تنافس من اجل الربح وغير معنية بالامر بل ربما تغلق بسبب التوطين فكثير منها غير قادر على دفع المرتبات العالية بعكس الشركات الكبيرة والبنوك التي تدفع بالفعل مرتبات عالية جدا للأجانب وبالتالي فالمواطن اولى. ويمكن ان يضاف الى هذه الشركات المساهمة الكبيرة والبنوك بعض الشركات العائلية الضخمة ذات الاسم والشهرة ولكن بدرجة اقل حسب حجم كل شركة ولايتم الضغط عليها بنفس الدرجة. واشاد الرميثي بالبنوك الاسلامية وقال انها الافضل في قضية التوطين مشيرا الى ان بنك دبي الاسلامي من اعلى النسب في قضية التوطين حيث تصل نسبة المواطنين به الى 20% كما ان نسبة التوطين في مواقع الادارة العليا 100% وطالب بقية البنوك ان تفعل على الاقل هذا الحد الادنى. اجرى الحوار ــ عبدالفتاح فايد

Email