اتجاهات: المياه:بقلم- حسن العالي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشير كافة الاحصائيات والتقارير الحديثة الى تدهور مشكلة المياه في الدول العربية, حيث اصبح لزاما على هذه الدول ان تتعامل مع المياه على انها مورد شحيح وثمين له قيمة اقتصادية مرتفعة لا يقتصر قياسها على الاحتياجات بل يشمل الضرورات اللاحقة وحقوق الاجيال المستقبلية, وتؤكد هذه الاحصائيات والتقارير ان استمرار ارتفاع قيمة الواردات الزراعية العربية يعبر عن عجز حقيقي في المياه وكذلك يعبر عنه بصورة خاصة حجم الواردات من الحبوب والواردات الزراعية التي سجلت زيادة بنسبة 27 بالمائة من 19.4 مليار دولار عام 93 كما ان البلاد العربية استوردت عام 95/94 اكثر من 21 بالمائة من واردات العالم من القمح واكثر من 17 بالمائة من التجارة الدولية من الحبوب, وتؤكد مصادر البنك الدولي انه منذ عام 60 وحتى عام 2025 تنخفض المياه العذبة المتجددة للفرد في السنة في دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا بنسبة كبيرة تتجاوز 8 بالمائة وذلك من حوالي 3300 متر مكعب في السنة فقط. وهنا يقول تقرير زراعي عالمي ان فترة الخمسة والعشرين عاما الماضية والتي استطاعت دول الشرق الاوسط خلالها ان تتجنب مسألة الصراع على المياه كانت فترة تمتعت خلالها المحاصيل المستورده بدعم كبير, وخلال الثمانينات تراوحت اسعار طن الحبوب في حدود 100 دولار رغم ان تكلفة انتاجه الحقيقية تصل الى 200 دولار, ومنذ عام 1995 تغير هذا الوضع بصورة دراماتيكية, فقد ارتفعت اسعار الحبوب بشكل متسارع وبلغت في ربيع عام 1996 نحو 250 دولارا للطن وقد تراجعت الاسعار خلال صيف عام 1996 الا انها ووفق تقدير منظمة الاغذية العالمية لن تعود ابدا الى مستوياتها خلال عقد الثمانينات. ان اولويات سياسات تأمين احتياجات المياه يجب ان تكون بالفعل واضحة, فاولى هذه الاولويات هي ضرورة ان تلجأ هذه الدول الى وضع استراتيجيات موحدة لمواجهة تحدي احتياجات الغذاء لان هذه الدول سوف تظل في المستقبل المنظور من المستوردين الرئيسيين للحبوب في العالم, وبالتالي فان بامكانها ان تلعب دورا مؤثرا في صياغة نظام التجارة العالمي للحبوب, اما التحدي الاستراتيجي الآخر فهو تحسين استخدامات المياه في دول المنطقة ويطلق على هذا المفهوم (ادارة الطلب) من قبل واضعي سياسات المياه بدول المنطقة, وفي الحالات التي لايكون فيها توفير المياه لا يمثل مشكلة, يقترح الاقتصاديون ان يتم توجيه استخدامات المياه للمصادر القادرة على استخدامه بشكل اكفأ, ففي الحقل, يجب توجيه المياه للمحاصيل التي تحقق افضل استخدام للمياه وبنفس الوقت اعلى منفعة للاقتصاد ككل مثل الخضروات ذات القيمة العالية بدلا من الاعلاف والاغذية الحيوانية, وعلى مستوى القطاعات الاقتصادية الاولوية يجب ان تعطى للصناعة قبل الزراعة, وبالنسبة للتحدي الثالث هو زيادة كفاءة استخدام مصادر المياه الحالية لزيادة العوائد المتحصلة منها, ويمكن تحقيق ذلك من خلال توظيف الاستثمارات الضرورية في تقنيات استخدامات المياه والادارة البشرية. واخيرا فانه من الضروري بالفعل اعتماد استراتيجية عربية للزراعة والتنمية والاهتمام بتحسين البيئة والمحافظة على الموارد وعلى التوازن الطبيعي لها وعلى انتهاج النظم الزراعية والمائية والسمكية التي تضمن تحقيق الاهداف الانمائية دون الحاق اضرار لا يمكن تداركها.

Email