تقهقر فرنسا أمام نموذج الشركات البريطانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

السؤال المطروح حاليا امام الاوساط السياسية والاقتصادية الفرنسية هو : لماذا تخاف فرنسا من نموذج الشركات البريطانية ؟ ان موضوع نموذج الشركات البريطانية يطرح باستمرار في فرنسا من اجل المطالبة بالاصلاحات الضرورية على البنية القانونية لعمل الشركات التي تبدو متخلفة بالمقارنة مع الشركات البريطانية. فقد نشرت مؤسسة INSEE للتحقيقات والاحصاءات مقالا هاما حول (الشركات البريطانية والفرنسية منذ 25 عاما عشية مؤتمر القمة الفرنسي - البريطاني. وقد بلغت هذه الدراسة 200 صفحة اجابت على معظم الاسئلة التي تتعلق بعمل النموذجين الفرنسي والبريطاني من الشركات, وخصوصا اختلافاتهما الثقافية والمؤسساتية. وقد ساهم في هذه الدراسة خبيران من مؤسسة INSEE واختصاصيان من (الدائرة الوطنية للاحصاء) البريطانية دون ان يحاكموا النموذجين بل اعطوا لمحة عن تطورهما منذ السبعينات, في ميادين: العمل, الصحة, الضمان الاجتماعي, التربية, السكن. وكشفت هذه الدراسة عن ان الاختلافات بين البلدين عميقة الجذور ... ففي سنوات حكم الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران ركزت الدولة على النظام المركزي. بينما في السنوات التي حكمت فيها رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تاتشر عملت الحكومة انذاك على تقليص تأثيرات النقابات, وتأميم القطاعات التي تربك السوق وهي : قطاعات المياه, والطاقة, والسكك الحديد. وهذه الاختيارات ظلت سليمة حتى الآن ولم يعترض عليها احد. وفي الوقت الذي اختارت فيه فرنسا الطريق التشريعي لاصلاح النظام الاجتماعي مثل خطواتها في توظيف الشباب وتقليص فترة العمل الى 35 ساعة في الاسبوع, فان بريطانيا فضلت الطريق الواقعي في حل مشاكلها. ونظام العمل هو الفارق الاكثر بين البلدين. وتعاني فرنسا من قضية الحماية الاجتماعية لقوانين العمل والرواتب ذات الحد الادنى او ما تسمى بـ SMIC. ومنذ عام 1994 ازدادت المشاكل في فرنسا اكثر من بريطانيا مدة العمل في بريطانيا تفوق مدة العمل في فرنسا. اذ ان العمل الاضافي يلزم اصحاب العمل بدفع استحقاقات اضافية, وكذلك العمل في يوم العطلة الرسمية, يوم الاحد, الذي لا تركز عليه الشركات البريطانية. يضاف الى ذلك السكن الاجتماعي, اي تقديم السكن الى ذوي الاجور المتدنية. اما فيما يخص التربية اخذت استقلاليتها في بريطانيا, وهكذا في مجال الصحة. وبصورة عامة فان الدولة ما تزال مهيمنة على هذه القطاعات في فرنسا على العكس من بريطانيا. وتلاحظ الدراسة ان الفروقات في مستوى الحياة قد ازدادت في بريطانيا في العقدين الاخيرين. باريس - شاكر نوري

Email