خبيرة التعليم الأمريكية الدكتورة أسماء باميلا: وجدت في الإسلام كل وسائل الأمان الاجتماعي والنفسي

لم أشعر بالطمأنينة والأمان النفسي والاجتماعي إلا بعد أن هداني الله سبحانه وتعالى إلى هذا الدين المثالي الذي أحاط المرأة بسياج من العفة والكرامة ووفر لها كل وسائل الحماية سواء في مرحلة المراهقة، حيث تتحكم فيها النزوات والأهواء والشهوات وتكون مطمعاً للجميع, أو في مرحلة الشيخوخة حيث يتخلى عنها كل المحيطين بها. بهذه الكلمات بدأت خبيرة تطوير التعليم الأمريكية الدكتورة أسماء باميلا تروي لـ (البيان) قصة إسلامها والأسباب التي دفعتها إلى تحدي كل أفراد أسرتها بل وكل المحيطين بها في العمل داخل المجتمع الأمريكي, وتتخلى عن دين الآباء والأجداد وتعلن اعتناقها للإسلام رغم كل ما قرأته وسمعته عنه من خلال وسائل الإعلام الأمريكية والغربية لتؤكد من خلال التجربة العملية أن الحملات الظالمة التي يتعرض لها الإسلام في المجتمعات الأوروبية والأمريكية لن تصرف المرأة الغربية عن الإسلام لأنه بالنسبة لها الملاذ والخلاص من كل ما تعاني منه من مشكلات وأزمات نفسية واجتماعية. أسرار الكون ** في البداية قلت لها: كيف تعرفت على الدين الإسلامي وما الذي دفعك لاعتناق هذا الدين رغم أنك تزوجت من رجل أمريكي واستقرت حياتك الاجتماعية مثل كل السيدات الأمريكيات بعيداً عن المعاناة النفسية والاجتماعية؟ * قالت: ليس بالضرورة أن تكون هناك معاناة لكي أتعرف على الإسلام أو أبحث عن دين آخر غير الدين الذي ورثته عن الآباء والأجداد, وكلما فكر الإنسان أكثر وأكثر لابد أن يقوده تفكيره السليم إلى ما يحقق له المثالية في حياته, والكون من حولنا به الكثير من الظواهر التي تدفع الإنسان دائماً إلى التفكير العميق للتعرف على بعض أسرار هذا الكون والقوى الخفية التي تسيطر عليه وتديره بهذه الدقة المتناهية.. كل هذا يدفع الإنسان العاقل غير المتعصب إلى البحث عن المجهول بالنسبة له, وأنا كسيدة أمريكية متعلمة ومثقفة كان لابد أن أفكر وأبحث وأقرأ وكانت حصيلة ذلك المزيد من المعرفة الصحيحة والموضوعية عن الإسلام فبدأت أقرأ عنه وأتعرف عليه من خلال بعض المطبوعات المتاحة في أمريكا باللغة الإنجليزية إلى أن أراد الله سبحانه وتعالى أن أنفصل عن زوجي الأمريكي الذي عانيت معه فتعمقت معرفتي أكثر بالإسلام خاصة عندما قرأت عن حقوق المرأة المسلمة التي تفوق واجباتها فأشهرت إسلامي في القاهرة وتزوجت من مهندس مصري أقيم معه حالياً في مصر وعرفت الفرق بين الزوج المسلم الذي يضحي بالكثير من أجل الحفاظ على زوجته وحمايتها من كل وسائل الانحراف والابتذال والزوج غير المسلم الذي يتعامل مع زوجته بأسلوب (البيزنس) أي تبادل المنافع.. فالزواج في نظر الإنسان الغربي عبارة عن شركة تقوم على تبادل المصالح والمنافع, والزوجة في نظره مجرد متاع ومصدر دخل للأسرة ولو كان ذلك على حساب استقرارها النفسي والاجتماعي, أما في الإسلام فالزواج يبنى على المودة والرحمة والتعاون والتضحية بين الزوجين, ولذلك تجد الزوجة فيه كل وسائل الحماية والأمان. المرأة الغربية والإسلام ** لكن واضح أن تجربة الزواج الأولى وما صاحبها من مشكلات كانت وراء قراءتك الجادة عن الإسلام.. فهل المرأة الأمريكية أو الغربية عموماً التي لا تتعرض لمشكلات اجتماعية وتشعر بالاستقرار الأسري لديها الدافع لكي تتعرف على الدين الإسلامي؟ * مشكلتي مع زوجي الأمريكي وتجربتي القاسية معه لم تكن الدافع الأساسي للتعرف على الإسلام, لكن يمكن اعتبارها أحد الدوافع, والمرأة الأمريكية أو الغربية عموماً لا تشعر بالاستقرار الاجتماعي والأمان النفسي لأنها تعيش في ظل نظام اجتماعي واقتصادي تتحكم فيه عوامل مادية ونفعية حتى بين الأزواج.. إلى جانب طوفان القيم الهابطة التي تسيطر على هذه المجتمعات والتي تكون المرأة في الغالب هي الضحية وهي التي تدفع الثمن وحدها, فالمرأة التي تفتقد الأمان النفسي مع زوجها قد تبحث عنه عند رجل آخر, والزوج في الغالب لا يكترث ولا يهتم ولا تتحرك داخله مشاعر الرجولة عندما يرى زوجته وأم أولاده في أحضان رجل آخر وقد يلتمس لها الأعذار, ويذهب هو الآخر ليبحث عن راحته واستقراره مع امرأة أخرى قد تكون زوجة لرجل آخر, وفي ظل هذ المناخ لا يمكن أن تشعر المرأة بالأمان الذي تشعر به المرأة المسلمة, وقد مررت بالتجربتين وأدركت الفرق الكبير بين ما تشعر به المرأة غير المسلمة وخاصة في مجتمعات الغرب وما تشعر به المرأة المسلمة من أمان واستقرار اجتماعي ونفسي. صورة مزيفة ** لكن الصورة الشائعة في المجتمع الأمريكي أو المجتمع الغربي عن المرأة المسلمة والتي تجسدها وسائل الإعلام والثقافة تختلف كثيراً عن الصورة التي تتحدثين عنها.. فهم دائماً يتحدثون عن المرأة الغربية على أنها القدوة والمثل فهي تعيش حياة الحرية والاستقرار ويجسدون المرأة المسلمة في واقع متخلف.. من وجهة نظرك ما أسباب ذلك؟ * هذا أمر طبيعي, لأنهم في الغرب لا يؤمنون بالإسلام كدين سماوي خاتم كما نؤمن نحن المسلمين بالدين المسيحي, ولذلك تجدهم دائماً يحاربون الإسلام ويحاولون تشويه صورته من خلال ما ينشر ويذاع عنه في وسائل الإعلام الأمريكية والغربية ومعظمها تسيطر عليها قوى صهيونية معروفة بكراهيتها الشديدة وحقدها على كل ما هو إسلامي. والصورة التي ترسمها أو تجسدها وسائل الإعلام والثقافة الغربية للمرأة في هذه المجتمعات صورة مزيفة وغير حقيقية, والمرأة الغربية ـ كما قلت لك ـ تعاني أقسى ألوان المعاناة, تعاني وهي في مرحلة الشباب والنضج الجسماني والنفسي داخل أسرتها نتيجة التطبيق الخاطئ للحرية, وتعاني مع زوجها الذي يسيء التعامل معها ويعتدي عليها بالضرب, ولا يكتفي بها كأنثى تلبي متطلباته ورغباته, ومن الأمور الطبيعية في هذه البلاد أن تتعدد علاقات الرجال المتزوجين بعلم زوجاتهم أو بدون علمهن.. والحرية التي يتحدثون عنها في الغرب هي حرية العري وحرية العلاقات الجنسية المحرمة, وفي ظل نظام اجتماعي يحترم الخيانة الزوجية ويوفر لعناصرها كل وسائل الحماية لا يمكن أن يحدث الاستقرار الاجتماعي المنشود ولا يمكن أن تتجسد القدوة في عيون الأطفال والشباب. لقد تأثرت كثيراً بما تنشره وتذيعه وسائل الإعلام الأمريكية والغربية عن الإسلام وعن ظلمه للمرأة بالذات, وكنت دائماً أتساءل: إذا كان الإسلام بهذه الصورة.. فلماذا نجد المرأة المسلمة في البلاد العربية والإسلامية أكثر سعادة واستقراراً من المرأة في الغرب؟ ولماذا تضحي المرأة المسلمة بعد رحيل زوجها أو انفصالها عنه لكي تربي أطفالها؟ ولماذا تقل نسبة الجريمة بكل أشكالها بين النساء المسلمات عنها بين النساء الأمريكيات والغربيات؟ ولماذا لا تشكو المرأة المسلمة من الاكتئاب والأمراض النفسية والعضوية الفتاكة التي تتضاعف بشكل مخيف بين النساء في المجتمعات الغربية والأمريكية؟ كل هذه التساؤلات كانت تطرأ في ذهني وأنا أقرأ وأسمع عن ظلم الإسلام للمرأة, وعندما قرأت قراءة موضوعية محايدة أدركت مدى الظلم الذي يقع على الإسلام في الغرب ومدى التشويه الذي تمارسه وسائل الإعلام الصهيونية في الغرب تجاه هذا الدين. تشويه وتضليل ** في ظل حملات التشويه والتضليل التي تتحدثين عنها.. كيف تتعرف المرأة الغربية أو الأمريكية على الإسلام الصحيح؟ * لا ينبغي أن نقلل من تأثير هذه الحملات الظالمة على صورة الإسلام في الغرب.. فوسائل الإعلام بما تملكه من تأثير في هذه المجتمعات تتحكم في ثقافة الغالبية العظمى من الجماهير وبخاصة الشباب الذي يعتمد عليها بشكل أساسي في تكوين ثقافته والحصول على المعلومات المطلوبة.. لذلك لا ينبغي أن نعتمد على التفاؤل وحده لتصحيح صورة الإسلام في هذه البلاد, بل لابد من امتلاك وسائل إعلامية قوية ومؤثرة تستطيع أن تخترق الحواجز وتصل إلى داخل البيت الغربي أو الأمريكي وتنقل للإنسان هناك صورة حقيقية عن الإسلام.. والحمدلله المسلمون قادرون على امتلاك هذه الوسائل بفضل ما حباهم الله تعالى من ثروات وإمكانات مادية تفوق كثيراً إمكانات اليهود,.لكن المشكلة أن كثيراً من رجال الأعمال المسلمين لا يستثمرون أموالهم فيما يعود بالنفع العام على دينهم وبما يحقق مصلحة كبرى لمجتمعاتهم. أيضاً لابد من توفير كتب الثقافة الإسلامية باللغات الأوروبية وأن تشرف مؤسسات إسلامية معتدلة على إعداد هذه الكتب وأن ترك هذه المهمة للمسلمين المقيمين في هذه البلاد لا يجعلها تخرج بالكفاءة المطلوبة, كما أنها لا تعبر أحياناً عن الإسلام الصحيح, لأن المسلمين في الغرب لا يتفقون على صورة واحدة للإسلام.. وقد قرأت بعض الكتب الصادرة عن بعض الجمعيات الإسلامية في أمريكا فوجدتها منفرة, ولولا أن الصورة الصحيحة كانت موجودة لدي من قبل لتأثرت بما في هذه الكتب وانصرفت عن الإسلام. واقع المرأة المسلمة ** وماذا عن واقع المرأة المسلمة من خلال معايشتك لها في مصر وبعض البلدان الإسلامية ؟ * الصورة التي كانت عالقة في ذهني خلال مرحلة ما قبل إسلامي أنها امرأة متخلفة ليس لها دور في الحياة إلا تلبية رغبات زوجها والعمل داخل منزلها كخادمة, وهي صورة سائدة عن المرأة المسلمة في الغرب, حيث تركز وسائل الإعلام الأمريكية والغربية دائماً على تجسيد هذه الصورة, وتتناقل آراء بعض العلماء المتشددين الذين يطالبون بحبس المرأة في البيت ويحرّمون كل شيء فيها حتى صوتها, لكن بعد معايشتي للمرأة المسلمة في مصر ولقاءاتي بالعديد من النسوة من بلاد عربية وإسلامية وجدت واقعاً مختلفاً, فالمرأة المسلمة اقتحمت كثيراً من مجالات الحياة, وتقلدت مناصب كبيرة في بلادها, وبرزت في تخصصات كثيرة ونادرة, وتفوقت على الرجال في بعض المجالات وأصبحت تشارك برأيها وفكرها في مختلف المجالات, لكن اعتقد أن المرأة المسلمة في حاجة إلى اهتمام أكبر حيث لا تزال نسبة الأمية بين النساء في العالم الإسلامي تفوق كثيراً نسبتها بين الرجال, وهذا يؤثر سلبياً على المشاركة الإيجابية للمرأة في تنمية بلادها, ويؤثر سلبياً أيضاً على تربية أولادها وعلى علاقتها بزوجها, وبالمجتمع الذي تعيش فيه.. لذلك ينبغي الاهتمام بتعليم المرأة المسلمة حتى ولو كان مقرها بعد ذلك هو البيت. مجالات عمل المرأة ** كيف تنظرين إلى عمل المرأة المسلمة وهل تؤيدين رأي العلماء والتربويين وعلماء الاجتماع الذين يطالبون بعودتها إلى بيتها لاستعادة الاستقرار الأسري والاجتماعي المفقود؟ * أعيش في مصر منذ ست سنوات عايشت خلالها معظم مشكلات الأسرة المسلمة, وما يحدث من خلافات بين الأزواج بسبب العمل واعتقد أننا نبالغ كثيراً عندما نحمل المرأة وحدها مسئولية ما حدث من خلل داخل الأسرة, فالرجل مسئول أيضاً لأنه انصرف عن أهم واجباته الأسرية والاجتماعية وهو واجب الاشراف والتوجيه ورقابة سلوكيات الأبناء, وترك كل هذه الأعباء على الزوجة, وأعرف بعض الأسر التي تعاني من مشكلات كثيرة ومعقدة نتيجة غياب الأب وانشغاله بالعمل في الخارج وترك المسئولية كلها على زوجته, ومع أنها متفرغة لرعاية أبنائها إلا أنها عجزت وحدها عن مواجهة تجاوزات الأبناء. لذلك أرى أن خروج المرأة للعمل ليس السبب الرئيسي لانحراف الأبناء أو لحدوث مشكلات داخل الأسرة.. قد يكون هذا أحد الأسباب وفي بعض الأسر عندما تفشل المرأة في التوفيق بين واجباتها داخل البيت ومسئولية عملها خارج البيت. تخطيط تعليمي ** باعتبارك خبيرة في وسائل تطوير التعليم وخاصة في المراحل الأساسية.. كيف نرتقي بواقع المرأة المسلمة تعليمياً وثقافياً؟ * المرأة في ميدان العلم والثقافة مثلها مثل الرجل لا ينبغي أن نحجب عنها أي علم من العلوم.. فمن حق المرأة المسلمة أن تتعلم وتتثقف وتقتحم كل المجالات التي تتفق مع طبيعتها وأنوثتها.. وهذا يتطلب توجيه الفتاة خاصة وهي في مرحلة النضج الفكري لكي تتخصص في المجالات المناسبة لها والمفيدة لمجتمعاتها, فهناك مجالات كثيرة تناسب عمل المرأة المسلمة, فالمرأة مربية ومعلمة وداعية الى الله ناجحة وخاصة بين بنات جنسها, وهي طبيبة ناجحة جدا عندما تتخصص في أمراض النساء وفي أمراض الأطفال, وهي أخصائية اجتماعية ناجحة ايضا وهي بائعة لملابس النساء والأطفال مناسبة.. فهناك مجالات عمل كثيرة تناسب طبيعة المرأة, لكن للأسف لا يوجد تخطيط تعليمي جيد لذلك في كثير من الدول الإسلامية, ولا يوجد وعي بين النساء بهذه المجالات.. ولذلك صدمت عندما وجدت بعض النسوة في مصر يعملن سائقات تاكسي, ويعملن في صالونات حلاقة الرجال وغير ذلك من المجالات التي ينبغي أن تقتصر على الرجال فقط.

الأكثر مشاركة