كوالالمبور عاصمة التجارة في جنوب شرق آسيا

بيان 2: كوالالمبور ــ (و. ن. ل): تحتل كوالالمبور مركزا مرموقا بين مدن منطقة جنوب شرق آسيا, فالعاصمة الماليزية تشكل محطة مناسبة بين اوروبا والقارة الاسترالية الاسيوية, ونقطة استراحة للرحلات الطويلة بين لندن ونيوزيلاندا, كما تقع على مسافة قريبة من عواصم رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) ومع هونج كونج وطوكيو وهاواي ومنها الى الامريكتين. وهي ايضا محطة انتقال مناسبة نحو المناطق السياحية في المنطقة, اذ ان بالي وبروناي والعدد الكبير من الجزر التي تتشكل منها اندونيسيا والفلبين يمكن الوصول اليها برحلات مباشرة من كوالالمبور. وفي ماليزيا نفسها, تقع كوالالمبور على احدى قمم مثلث سياحي, وعلى زاويته الاخريين مالاكا جنوبا, وبيانج شمالا, اما قاعدة المثلث فهو مضيق مالاكا, الممر التجاري للسفن منذ اقدم العصور. الا ان مالاكا تستمد جاذبيتها من الحنين الى الماضي حينما كانت مدينة تجارية تقاتل عليها البرتغاليون والهولنديون والبريطانيون اما بيناج فانها تعيش على مآثر التاريخ عندما كانت مستوطنة لشركة شرق الهند. واصبحت اليوم مركزا تجاريا حيويا, وقاعدة صناعية لتجميع الاجهزة الالكترونية يساعدها وجود احد اهم المرافىء الماليزية فيها. قبل عقد واحد فقط, كانت صناعة السياحة قد الغت كوالا لمبور من قاموسها واصفة اياها بانها مجرد منطقة جذابة, ويصح القول ان سكان المدينة يتميزون بانهم ودودون ومضيافون ويتكلمون الانجليزية بشكل مقبول, ولكنها لم ينظر اليها بانها منطقة سياحية دولية .. اما اليوم فلا تزال الجاذبية موجودة, ويبدو انها تجتذب عددا كبيرا من الزوار الذين لا يشبعون من المدينة القديمة, ومن حوانيتها المزخرفة, ومن القصور القديمة والابنية الادارية ذات الهندسة القديمة من عهود المستعمرات, ومن معابدها ومساجدها, ومن مجاري المياه العميقة على حافة الطرق في المدينة, ومن اسواقها الشعبية المكتظة والطريق المؤدية الى بيناج ومالاكا محاطة بحقول الارز والمزارع الخضراء, والقرى القديمة والعربات التي تجرها الثيران. غير أن السياح اليوم اكتشفوا شيئا جديدا في كوالالمبور وهو انها مركز ممتاز للتبضع والتسوق والفضل يعود الى اليابانيين الذين اكتشفوا اهمية تبديل نقدهم القوي مقابل الدولار الماليزي, وتجد زوجة رجل الاعمال الياباني التي ترافق زوجها في سفره, سلعا جيدة وباسعار رخيصة منها ادوات كهربائية او ملابس عصرية, وتلاحظ ان الاسعار ادنى من اسعار هونج كونج وسنغافورة وبالتأكيد ادنى من طوكيو, وتقول انها تعتقد ان السبب هو سعر الصرف, ثم تتوجه الى المقسم رقم 10 لتختار بعض الثياب اليابانية الراقية. والمقسم رقم 10 هو من بين المجمعات العصرية في كوالالمبور ويقع المبنى الزجاجي الاخضر المميز في وسط الحي التجاري الراقي بوكيت بينتانج. المقسم رقم 10 وساحة كوالالمبور مشهورة بحوانيتها المزخرفة وببضائعها العالية الجودة التي تباع فيها الماركات الشهيرة التي تعرض في محلاتها والمقسم رقم 10 هو ايضا الملتقى المفضل للجالية الآسيوية التي تجتاح السوبرماركت الياباني في الطابق السفلي لشراء الطعام والاغذية, كما في المنزل, اما سكان المنطقة فيعشقون المقسم رقم 10 ليس بالضرورة للتبضع ولكن للتنزه ولعرض انفسهم كي يراهم الغير وليتفرجوا على الغير, وقد اختار المراهقون البهو الواسع والانيق فقط للتنزه علما ان بعض الماليزيين المسنين ينظرون الى هذه الظاهرة نظرة عدم الموافقة لما فيها من تضييع للوقت والنشاط. لماذا ترتاد الفتاة الماليزية من كوالالمبور المقسم رقم 10؟ علما ان المحلات فيه متخصصة .. في الواقع انها تعتبره ملتقى للاصدقاء, فيجلسون على الشرفة في مقهى, ديليفرانس, ويحتسون القهوة ويتفرجون على المارة والناس والمشاهير المحليين الذين يأتون للتبضع في المحلات الثرية. وللتبضع الفعلي تجتاز الفتاة الماليزية الجسر الى الناحية الاخرى من الطريق حيث تغوص في اروقة اكبر ساحتين في كوالالمبور: ساحة بوكيت بينتانج وسونجاي وانج ولا يعرف الا الخبراء من المتسوقين اي مجتمع من المجمعين هم فيه. فهناك صالات السينما والبنوك في هذا المجمع المزدوج كما توجد المطاعم الحديثة للمأكولات الجاهزة ومئات المحلات التي تم تزيين بعضها بذوق, والبعض الآخر تم حشوها بالبضائع حتى السقف. ولا يمكن العثور على عدد اكبر من محلات الاحذية من اثمنها الى ازهدها اسعارا كما في هذا المجمع المزدوج. اما ساحة ايمبي بلازا, التي تقع على مسافة قصيرة من بوكيت بينتانج, فقد تحولت بسرعة الى جنة الكمبيوتر في ماليزيا فجميع تقنيات الكمبيوتر والالكترونيات معروضة هناك, كما يمكن تبادل عناوين البريد الالكتروني فيها. وهناك مركز آخر للتبضع في جالان امبانج, واقدم مركز تجاري في المدينة, امبانج بارك, متصل بساحة يوشوان بلازا الجديدة وساحة الوسط التجاري بواسطة جسر مسقوف. ويحوي امبانج بارك احد الاختصاصيين النادرين في صناعة الملابس التقليدية التي ترتديها السيدات المسلمات والتي تحمل التطريز والزخرفة والتي تقفل على الصدر بواسطة ثلاث سلاسل ذهبية فترتدي السيدات فوقها السارونج ــ الشال ــ الحريري الذي يحمل الرسوم التقليدية. والى جانب الالبسة الجاهزة للسيدات والرجال هناك جنة واسعة من الاقمشة: ارخص الاقمشة تودج في امبانج بارك ــ السيكين ــ واثمنها من الحرير وغيره من محلات الاختصاصيين في الزي الاسلامي الذين يرفضون الخطأ الشائع الذي يقول ان الزي المتواضع يكون عادة سيء النوعية. ويذهب سكان الضواحي الى سوبانج باراد للتبضع, هذا المجمع هائل بكل ما للكلمة من معنى توجد فيه وسائل التسلية للاطفال, والمطاعم العديدة والاماكن للتسلية, ومحلات الالعاب (تويز ار أس). وبما ان الذين يقومون بتنظيم حملات تبضع هائلة لا يريدون حمل بضائعهم على ظهورهم فيتردد المتسوقون على الفنادق القريبة من المراكز التجارية للاستراحة, وبما ان السيدة التي اصبحت تحمل عددا هائلا من الاكياس لا تريد ان تجد نفسها اسيرة ازدحام السير او قد لاتجد سيارة اجرة تنقلها, فتحجز غرفة في الفندق تحميه من هذا الازعاج ومن الامطار الاستوائية غير المنتظرة, وتقول سيدة من سنغافورة ان بامكانها القيام بحملة تبضع تحت سقف واحد, فتضع حصيلتها في غرفة الفندق وتستريح دون ان تستقل سيارة اجرة. مركز ياوهانس التجاري مثلا يقع على بعد امتار من مجمع آخر في منطقة شاوكيت, فاذا شعر المتبضع بالتعب, ما عليه الا العودة فورا الى المجمع او ان يحجز غرفة في فندق مجاور. وعلى الرغم من الازدحام السائد في مجمعات كوالالمبور, لا تزال الاعمال سائرة في الحي الصيني وفي شاو كيت وفي الاسواق المفتوحة التي يحي منظر غروب الشمس الدفء في النفوس, وهل يفسر حب الماليزيين للمساومة التجارية هذه الظاهرة؟ فاذا اردت ان تشاهد المساومين المتخصصين يمارسون هوايتهم, ما عليك الا ان تشق طريقك في ازدحام بيتالينج ستريت ليلا. فهذه المنطقة تنعم بسحر الشرق كله. وتوصف سوق كوالالمبور المركزي بانها, عاصمة قمصان (التي شيرت) العالمية, الا انها ايضا مركز لبيع الحرير الملون باليد, وتجد هناك ايضا كميات وانواع لا تحصى من السلال والمنحوتات, وسوقا للسجاد والحصر وآخر للتحف, وسوقا للطعام الماليزي الشهير. ووجد السياح الذين زاروا ماليزيا العام الماضي وبلغ عددهم خمسة ملايين في هذا البلد النوع الصحيح للسحر والجاذبية.