جذوع الاشجار تحتفظ بتاريخ تلوث الجو

معروف ان الحرب شيىء قذر لكن مدى قذارة الحرب بدأ يتبدى للعيان بوضوح اكبر الآن, فبدراسة جيوب التلوث في الاشجار, تمكن علماء مدينة شيفيلد الانجليزية من اثبات ان مصانع الاسلحة خلال الحرب العالمية الثانية خنقت هواء المدينة بالمعادن التي وصلت معدلات تواجدها في الجو الى مستويات اعلى من اي وقت آخر خلال هذا القرن . وقد استطاع كاميرون مكلويد وآلاند كوكس وزملاؤهما في جامعة شيفيلد ان يبحثوا في ماضي المدينة السمي من خلال تفحص الاشجار الساقطة, ويعتبر اسلوب قياس مستويات الملوثات في حلقات الاشجار طريقة معتمدة في هذا المجال على ان ينطوي على احتمالات خطأ لايمكن اهمالها. حيث يقول كوكس ان الملوثات مع مرور الزمن تنتشر خلال الشجرة وتخفف قوتها. وهكذا اتجه فريق شيفليد الى استخدام اسلوب جديد طوره شريكهم كنشي ساتيك من المعهد الوطني للدراسات البيئية في تسوكوبا باليابان, الذي لم يعد يثق في التقنية القياسية بعد ان اكتشف انه اليورانيوم لم يظهر في حلقات الاشجار حول ناجزاكي الا بعد 15 عاما من القاء القنبلة النووية. وقد انكب ساتيك على البحث في جيوب لحاء الشجر وهي عبارة عن ندوب صغيرة بحجم حبوب البازلاء تتشكل كلما تأذت الشجرة, ربما بفقدان احد اغصانها وتتحول هذه الندوب اخيرا الى جزء من جذع الشجرة ويقول كوكس : (نحمي الشجرة نفسها لتغطي جرحها, لذلك يتم احتجاز اية مواد ملوثة داخل هذه الندوب والاحتفاظ بها هناك حيث لاتتعرض الملوثات للامتصاص او الترشيح. وبذلك تلعب الندوب دور الكبسولات الصغيرة. وبتبخير المواد المخزنة في جيوب اللحاء هذه استطاع فريق شيفيلد قياس تركيز المعادن المحتجزة داخلها, وفي شجرة زاد عمرها 100 عام وجدت على اطرف مدينة شيفيلد, عثر الباحثون على مستويات عالية جدا من الرصاص واليورانيوم والكوبالت والفاناديوم والكروميوم والزئبق من مخلفات الحروب وربما نجم هذا التلوث عن صهر خامات الحديد لانتاج الفولاذ. وقد صدم فريق الباحثين لدى اكتشاف هذه المستويات المرتفعة من الملوثات حتى ان كوكس يقول: (لقد اخذنا عدة عينات لاننا لم نستطع ان نصدق ان مستويات الرصاص كانت عالية الى ذلك الحد. لكن علينا ان نتذكر ان جميع القنابل الضخمة مثل قنابل (تولبويز) و (جراند سلامز) كانت تصنع في شيفيلد, لا بد ان تصنيعها كانت تتطلب كميات هائلة من الفولاذ. ويعتزم باحثو شيفيلد الآن تفحص حبوب اللحاء في اشجار مدن اخرى مثل لندن وبرمنجهام وكوفنتري بالاضافة الى دراسة جيوب اللحاء في اشجار نمت في بيئة نقية نسبيا على جزر سيلي وذلك للخروج بالمقياس الذي يمكن ان تقاس عليه مستويات التلوث في باقي المدن. الندوب على جذوع الاشجار اظهرت ماضي شيفيلد المسموم.