علي الحمادي لـ« البيان »: عزوف الشباب عن فن الخط العربي يعمق أزمته الراهنة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

الصدفة وحدها هي ما جعلت الخطاط الإماراتي علي عبدالله الحمادي يتجه لهذا المجال، وذلك حينما كان يقلد رسوم الأشكال الهندسية التي يراها، ليكتشف لاحقاً أنها مشابهة للخط الكوفي، ومع الممارسة والتكرار تطورت مهارته ليتقن خطوطاً مختلفة في الخط العربي، وليبرع في فنون الخط العربي التي يعتبرها إرثاً عربياً وإسلامياً أصيلاً، يجب المحافظة عليه ونقله للأجيال الذين عزفوا عنه بسبب التكنولوجيا التي يعتبرها الحمادي تحدياً كبيراً أمام تعلم الخط، إذ أصبحت تتسبب بتهمشيه، حيث لم يتم توظيفها الفاعل بعد في سبيل صونه وتعزيز علاقة الشباب به.

في هذا اللقاء يحدثنا علي الحمادي عن الخط العربي وأدواته وأهميته وأيضاً متحفه الشخصي الذي خصصه لهذا الفن والإرث العربي الأصيل.

متى بدأ اهتمامك بالخط العربي وكيف؟

بدأ اهتمامي بالخط العربي في مرحلة دراستي المتوسطة مصادفة، حيث كنت أهتم برسم وتقليد الأشكال الهندسية التي أراها في الصحف والمجلات وعلى عُلب المنتجات وغيرها، ومع مرور الوقت بدأت يدي بالتحسن في كتابة الخط الكوفي دون شعور أو تنسيق، فكانت هنا البداية، فقد تعلمت بداية الخط الكوفي الفاطمي والمربع من خلال التقليد وبجهود ذاتية، ثم بدأت رحلتي بعد ذلك مع الخط العربي وبدأت باستخدام قصب الخط والأدوات القديمة وتعلمت خط الرقعة ثم الديواني والديواني الجلي والنسخ والثلث وأنواعاً من الخط الكوفي وخطوطاً ابتكارية فنية وحروفية.

ما الفرق بين الخط العربي والزخرفة؟

في السابق لم يكن مصطلح الخط العربي متداولاً وإنما كان يسمى رسم الحرف العربي، إذاً فالخط العربي هو كما يعرف الخطاطون بأنه رسم الحرف العربي مع مراعاة القواعد في رسمه أو كتابته، فكل حرف له قانون في الكتابة من حيث الطول والسُمك والميلان والنسب والارتفاع وغير ذلك، وتتم عملية الكتابة باستخدام أدواته الأصيلة القديمة، أما الزخرفة فهي عبارة عن رسم يأتي مكملاً للخط العربي ويضفي عليه المزيد من الجمال.

ما أهم أدوات الخط العربي؟

لعل أهم الأدوات قصب الخط، وهو قطعة من القصب أو الخيزران يتم قصه بزاوية معينة باستخدام سكين خاص، ثم يأتي بعد ذلك الحبر أو المداد وعادة ما يكون طبيعي الصنع، ثم المحبرة أو ما تُعرف قديماً باسم «الدواة» أو الدواية وهي علبة صغيرة الحجم يصب فيها الحبر، ويجب أن تحتوي المحبرة على خيوط الحرير أو ما يسمى «الليقة»، ويأتي بعد ذلك ورق الخط العربي، وهناك أدوات أخرى مكملة، ولكن هذه الأدوات هي الأهم في تعلم الخط العربي.

ما أبرز التحديات التي تواجه الخط العربي؟

من أهم التحديات التي تواجه الخط العربي عدم معرفة الكثير من شرائح المجتمع بالخط العربي وأسراره، وأيضاً عزوف الغالبية عن تعلم الخط العربي لعدم تحملهم تدريباته، والأهم من كل ذلك لم يعد غالبية الناس يحتاجون إلى كتابة الخط العربي وبأدوات بدائية وهم يمتلكون التكنولوجيا التي سهلت لهم تلك العملية، وخاصة بالنسبة للشباب، تلك التحديات وغيرها جعلت الخط العربي مهمشاً.

حدثنا عن فن التذهيب في الخط العربي؟

فن التذهيب هو استخدام خامة الذهب في الزخرفة حيث اكتشف مع الزخرفة الإسلامية في تنميق المخطوطات والمصاحف ونفائس الكتب العربية لإضفاء المزيد من القيمة المعنوية له، وتتم عملية التذهيب بطريقة تحتاج إلى تمرين حتى يتم إتقانه، وحرص الخطاطون الأوائل على تزيين المصحف بالذهب، وما زلنا محافظين على هذا الإرث حتى يومنا الحالي.

ماذا عن تعليم الأطفال والناشئة للخط العربي؟

في العصر الحالي نادراً ما يُمسك الأطفال بالقلم، فأصبحت خطوطهم للأسف الشديد ضعيفة، نتيجة استخدامهم المتواصل للأجهزة الذكية في الكتابة، من الجميل أن نثقف الأطفال والطلبة بثقافة الخط العربي ونعوّدهم على استخدام القلم، ونحرص على غرس مفهوم ثقافة الخط العربي كفن وكتاريخ عربي وإسلامي أصيل، إذ نادراً في هذا العصر ما يمسك الأطفال بالقلم نتيجة استخدام الأجهزة الذكية ولهذا من المهم أن يتم تدريب الناشئة على الكتابة اليدوية حفاظاً عليها.

كيف بدأت إنشاء متحفك الشخصي وماذا يحتوي؟

نتيجة لدراستي الخط العربي ومن خلال علاقاتي مع الخطاطين عرفت بأن الخط العربي ليس مجرد كتابة وإنما تاريخ خلفه الرعيل الأول من الخطاطين وتركوا خلفهم جهوداً وأدوات ومقتنيات، وقد شدني هذا الأمر فقررت قبل 15 عاماً أن أهتم بجمع ما خلفه الخطاطون الأوائل من مصاحف نادرة ومخطوطات وقطع وأدوات تتعلق بالخط العربي، واليوم يحتوي المتحف الشخصي على قرابة خمسين مصحفاً نادراً ومخطوطة ومُرقّعاً يعود معظمها إلى الحقبة العثمانية، إضافة إلى مئات القطع من أدوات الخط والأنتيك والأقلام

والأوراق وغير ذلك، وأقدم المصاحف يعود إلى أكثر من 500 عام مثل مصحف الخطاط أحمد قرة حصاري والحافظ عثمان ومحمد شكر زادة، وهناك أيضاً مصحف يزن أكثر من 10 كيلوغرامات للخطاط حسن رضا، وأهدف من خلال هذا المتحف إلى تعريف الناس بتاريخ الخط والأدوات التي يستخدمها واستخدمها الخطاط منذ مئات السنين.

Email