التكيف مع البيئة في الإمارات.. ثقافة عريقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تميز الآباء والأمهات والأجداد والجدات في الماضي بقدرتهم على التكيف مع جميع المواسم وفصول السنة، سلاحهم الصبر والإرادة لا يستسلمون بسهولة ويبحثون عن الأمل والمستقبل الذي أوصلهم إلى توحيد شعب وبناء دولة قوية، وفطرياً استغل أهل الإمارات الظروف المناخية والبيئية أحسن استغلال، فصادوا الأسماك من البحر في فصل الصيف وجففوا أنواعاً معينة على الشاطئ مباشرة تحت أشعة الشمس ليحضروا منها «السحناه» سمك العومة المجفف ثم يطحن بودرة وأخذوا الأنواع الأخرى ليحضروا منها وجبات غذائية معروفة لديهم يجهلها أغلب جيل اليوم مثل «العوال» نوع من أنواع سمك «الجرجور والجاشع» مثل السحناه ولكن يطحن بدرجة أقل والمالح.

وتحمل الأيام الماضية ذكريات وبصمات جميلة لا يستطيع الإنسان نسيانها مهما مر من وقت أو زمن، فما أجمل تلك الأيام التي عاشها أهالي الإمارات قديماً، حيث وجدوا الحل لحرارة الصيف برحلاتهم السنوية إلى المزارع الخضراء وتجمعات المياه، التي كانت تحتوي على أماكن معدة للسباحة من المياه العذبة.

وأوجدت ظروف الحياة والطقس في دولة الإمارات قديماً نظماً وأنماطاً حياتية متكاملة تؤثر وتتأثر حسب الوقت والمكان فأوجد الصيف بحره اللافح أنماطاً وسلوكاً بشرياً متكاملاً خاصة فيما يتعلق بالغذاء والطعام في المجتمع الإماراتي.

ذكريات

طقس الصيف الحار لا يكاد يشعر به الرعيل الأول من أهل الإمارات حتى يتذكروا الماضي فهو يعود بهم إلى ذكريات «من الزمن الجميل» وتذهب بهم بعيداً عن حياة الحاضر ومكملاتها المعاصرة ويرتبط الصيف في أذهان الإماراتيين بأمور عدة ربما لها تاريخ طويل وقد تطرأ تغيرات جديدة كل عام إلا أن الإماراتيين سرعان ما «يتحايلون» عليها ليظل الصيف هو الصيف.

رحلة المقيظ

مع بداية فصل الصيف قديماً، كانت تنشط حركة السفر والترحال من أجل المقيظ «المصايف» والمعروفة عند سكان الإمارات قديماً بـ«الكيظ» أو«القيظ»، وهو الموسم الذي ترتفع فيه درجة الحرارة، إذ غالباً ما تتجاوز 40 درجة، كما ترتفع نسبة الرطوبة، خصوصاً على السواحل، ويبدأ موسم القيظ في الإمارات تحديداً مع دخول شهر مايو وظهور نجم الثريا أول نجوم الصيف «القيظ»، وما يلحق بها من ظواهر أخرى مثل انتشار الرطب منها النغال والصلاني، وينتهي موسم «القيظ» في شهر سبتمبر وتحديداً وقت دخول «الأصفري»، أي فصل الخريف عند طلوع نجم سهيل.

وتتجه العائلات إلى المقيظ في رأس الخيمة ومسافي ودبا وكلباء، حيث الهواء البارد المنعش والطقس المعتدل والماء العذب وثمار الفواكه اليانعة، وهرباً من الحرارة المرتفعة والرطوبة العالية بحثاً عن النسمات الباردة.

وكانت الرحلات تبدأ بالتزامن مع رحلات الغوص التي تستمر خلال أشهر الصيف من يونيو وحتى أغسطس، حيث تتولى النساء أمر رحلة القيظ بالاتفاق مع صاحب ومؤجر الإبل «الكري» على موعد ومسار الرحلة، فيما كان الرجال يشدون أشرعة السفن للدخول إلى البحر والغوص في أعماق البحر بحثاً عن «اللؤلؤ».

ألعاب شعبية

لا تزال ألعاب الأمس حاضرة في الوجدان، وقائمة الألعاب الشعبية كبيرة، وقد سطرت فيها الكتب والدراسات والمقالات، ولكن الجميع يعلم أن الأطفال في الماضي لم يكونوا يلعبون كل تلك الألعاب، فهي لا تعنيهم في مجملها، وكانت كل مجموعة أو على الأقل كل فريج له ألعابه وله اهتماماته، كما أن بعض الألعاب كانت موسمية من دون جدل، كـ «لعبة الطّيّارات» «الطائرات الورقية» كان موسمها هبوب رياح الشمال، ولعبة التّيلهْ تلك البلّورات الزجاجية الملونة والجميلة لها موسمها أيضاً، وكذلك الألعاب الأخرى لها مواسمها كلعبة عْظيم سرا أو كما يسميها البعض «عظيم لوّاح» لا تلعب إلا في شهر رمضان المبارك، وأحياناً لها أماكنها كالمزارع التي تزدهر فيها لعبة خيل يريد أي خيل جريد النخل، ولكن يبقى للفتيان والفتيات ألعابهم الدائمة التي تلعب في كل وقت وكل مكان، وأحياناً يختلف هذا التعميم من مكان لآخر.

وفي فصل الصيف، خصوصاً في أماكن المقيظ، تكثر ألعاب بعينها، لكن ما يميز ألعاب القيظ أنها ذات علاقة بالزروع ومياه الري والسباحة في البحر أو في الأحواض، ومن الألعاب «ديك وديايه، الصقله، القحيف، قرقعانه».

كما يلعب الأطفال ببعض الحشرات، منها «الصرناخ» وعند البعض يسمى «سرّاح» وهو أهم حشرة صيفية على الإطلاق، والصرناخ هو زيز الحصاد، الذي ما أن يولد حتى يطلق صفّارة طويلة كبشرى للصيف الطويل، يعمد الأطفال إلى الإمساك بالصرانيخ ووضعها في علب فارغة للاستئناس بصوتها والتسلي بذلك كما يلهو الأطفال أيضاً بحشرة «بو بشير» وهي حشرة اليعسوب، واليعسوب عاشق للماء يحوم حول البرك والأحواض وجداول المياه، ومنه ألوان كثيرة الأخضر والأحمر والأزرق وغيرها من الألوان.

Email