رحلات البر في الشتاء.. سحر الطبيعة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يحرص الإماراتيون على محاكاة أساليب الحياة العربية القديمة، وهذا سر تمسكهم بالخروج إلى البرّ أو ما يسمى بطلعات البرّ والصحراء، التي تعد جزءاً أصيلاً من مكونات التراث الإماراتي والماضي القريب والبعيد، والمقصود منها التمتع بأجواء الليل والبيداء برمالها وأشجار الغاف المنتشرة فيها، التي تحط فوقها الطيور وتأكل منها، وباتت الرحلات البرية من التقاليد الثابتة في حياة العائلة الإماراتية، فعندما يحل فصل الشتاء يفرح الأهالي بالطبيعة، فيذهبون ويستمتعون بنزول المطر بين الزرع والنبات، ومنهم من يقضي وقته بقطف نبات «الحميض» الصحراوي، الذي لا ينبت إلا في موسم الشتاء، ومشاهدة مياه الوديان التي تنزل من الجبال بشكلها الساحر، وهو من أجمل وأروع المناظر الخلابة، التي يمكن مشاهدتها في البرّ.

ويزداد الإقبال على التخييم في صحراء الإمارات، التي تنبعث رائحة الأرض الطيبة حاملة الراحة للقلوب والدفء للأرواح المتعطشة إلى سحر البادية بسكونها وهدوئها، فالخروج في هذه الأيام والمبيت في مخيمات بالصحراء، ليس مجرد نزهة فحسب، بل عادة منتظمة يمارسها الكبار والصغار.

وقال الدكتور راشد المزروعي، وهو من أهالي المنطقة الوسطى في الشارقة، إن رحلات البر والتخييم الصحراوي في الماضي، لم تكن موجودة بالمعنى الصحيح خاصة فترة الستينات، فكانت على مستوى محدود.

وتابع بأن ظاهرة التخييم لم تظهر إلا مع بداية السبعينات، حيث كانت الرحلات محدودة لمن يمتلك السيارات ذلك الوقت مثل كبار القوم والأعيان، وقد برع جيل الشباب في السابق برحلات القنص والصيد البري، فهي من الهوايات المحببة لدى الكثير من أبنائها.

وفي أوائل الثمانينات والتسعينات شهدت الدولة طفرة ونهضة عمرانية في التطور وتوسعاً كبيراً في الشوارع، وأصبحت تتوافد العائلات للاستمتاع بأجواء وطلعات البر، والعودة إلى الطبيعة التي عاشها الأجداد. وأضاف بأنه تتنوع مواقع التخييم على امتداد إمارات الدولة.

وقال ناصر بن خميس الطنيجي، من سكان منطقة الذيد: إذا نظرنا إلى الفترة الماضية، خاصةً فترة الثمانينات وأوائل التسعينات، سنرى مرحلة مهمة كانت تحمل في طياتها زمناً يسمى زمن الطيبين؛ لأن الأنفس كانت طيبة وكان جميع من حولنا يتمتعون بروح الأخوة والتعاون، وحب الطلعات والتخييم في أوقات الشتاء.

وعن عادة التخييم قديماً، قال محمد سعيد القابض من الذيد في الشارقة: لا يعرف التخييم في الماضي إلا البدو، إذ يشدون الرحال سعياً وراء العشب، وإذا وجدوه في منطقة ما خيموا بالقرب من آبار المياه، يروون ويسقون ماشيتهم. لكن الآن يعشقه الجميع ويستمتعون بأجواء الشتاء في مختلف مناطق الدولة.

وأشار إلى أن الترتيبات تبدأ قبل شهر أو شهرين قبل حلول الفصل، وذلك بنصب خيمة ثابتة وتجهيزها بالجلسة أو ما تسمى «البرزة»، لتتمكن العائلة من الجلوس والمبيت فيها.

وقال مسعود بن يوسف الطنيجي: بعد النهضة العمرانية والحضارية في الإمارات، ظهرت رحلات عرفت بـ «المشتى» أو ما تسمى «طلعة البر» في الصحراء والاستمتاع بالأجواء الهادئة والجلسات المفتوحة التي تجمع أفراد العائلة على أبسط الموائد وأكثرها فرحاً.

Email