الراوي

مريم علي أحمد النقبي.. ذاكرة غزيرة بمفردات التراث

من إبداعات مريم النقبي| من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

الراوي، زاوية تبرز الرواة ممن توارثوا مهارة السرد ونقل المضامين من الذاكرة إلى الواقع، وذلك عبر المجالس والاجتماعات والفعاليات، متناولين التراث المحلي الإنساني عبر السنوات أباً عن جد، ومعالجين عدداً من القضايا الاجتماعية، ليسلطوا الضوء على التراث والشخصيات والقبائل، خاصة أن لكل منهم أسلوبه المميز للحديث عن الأماكن والقبائل. وفي الشعر والقصص والمواقف البطولية، يعتبر الراوي الذاكرة الحية التي تضيء لمن أُشكل عليه أمر أو معلومة ما، وهو المعلم في مجال سرد المعلومات التي تناقلتها الأجيال. ليكون الراوي بذلك الوجهة التي يقصدها الباحث للحصول على أصل المعلومة، فضلاً عن الجهات الرسمية التي تقصده في مناسبات كثيرة لذات الهدف، ولكن اليوم ومن هنا نتوجه للرواة لنقدم نبذة عن حياتهم؛ توثيقاً لسيرة مختصرة عن كلٍ منهم، تكريماً لهم ولدورهم الإنساني.

 

مريم علي أحمد النقبي من أهالي منطقة اللؤلؤية بمدينة خورفكان، وتحمل الكثير من المواهب والخبرات والعديد من الحرف اليدوية ومهارة السرد في أي محفل، وقد عملت في صغرها بمهارة في استخراج السمن ومنتجات الألبان، ومثل المئات من السيدات الإماراتيات أعطت الكثير من وقتها في ممارسة كل ما تقتنص من مهارات، حيث كانت ربة بيت وأماً وتقوم بكل الأعمال المنزلية، وتوجد لنفسها وقتاً للمتعة وتلك المتعة تجدها في الجلوس للتعامل مع خوص النخل لتكون سعفات النخيل صديقها الدائم، والأكثر قرباً منها في ساعات كثيرة، تارة تفصلهن عن بعضهن وتارة تحوّل السعف إلى ما يشبه الخيوط، وفي أوقات أخرى تبحث عن الألوان الطبيعية لأجل إضفاء شيء من الجمال على ما تبدعه أناملها، والأجمل أنها من الأمهات اللاتي عرفن البيئة المحيطة بهن، واغتنمت الفرص للتزود من تلك البيئة بتلك الألوان التي يفوح الكثير منها بروائح عطرية، مثل تلك التي تستخرج من النباتات.

وجدت الراوي مريم نفسها تدخل إلى مركز التنمية الاجتماعية لتمارس الحرف التقليدية، كما استفادت الكثير من المشاركات مع فرق العمل، لأنها تتشارك مع السيدات المعلومات والتجارب التي مررن بها، وتنقل ما اغتنمته من العمل جنباً إلى جنب مع الحرفيات إلى الأجيال. وترى أن مهارة الحديث إلى الآخرين تأتي مع الوقت وتتزين بالممارسة بحلو الكلام، وتغوص مريم في عالم مليء بحكايات تلاقي النساء مع بعضهن بشكل شبه يومي، ليتناقلن مع بعضهن الحكايات الملهمة عن تجاربهن، من تلك اللقاءات تتولد الدروس الكثيرة وتوثق المعلومات. وترتبط حياة مريم مع من حولها لأنهم جزء من تلك اللحظات التي تمدها بما تصنعه من منتجات، وأيضاً لأن من حولها هم مرآة للبيئة التي تعيش فيها، لأن الحرفيات والراويات من النساء هن حاضنات التراث عبر الزمن والتاريخ.

مريم النقبي هي جزء من مجموعة مترابطة كما هي الأيام والسنين مع الكثير من السيدات، وترى أن ما تقدمه من خلال نقل ما تحفظه في ذاكرتها ووجدانها ما هو إلا خلاصة حياة تبدأ يومياً مع كل صباح وتمدها بالكثير من الكنوز من مفردات التراث، ومنه العلاقات الإنسانية ونقل المعلومة الحقيقية. وتتحدث مع الآخرين عن قصة كل قطعة عرفتها أو صنعتها بذكر حكايتها وأهميتها في حياة كل من يقتنيها، خاصة أن أكثر ما تحب هو تصنيع المنتجات من سعف النخيل، ولذلك لا بدّ أن تشارك الأجيال حكاياتها وذكرياتها.

Email