الراوي

عبدالرحمن بوشبص.. عمر مع البحر

بوشبص يروي قصصاً عن البحر والصيد | تصوير: إبراهيم صادق

ت + ت - الحجم الطبيعي

الراوي، زاوية تبرز الرواة ممن توارثوا مهارة السرد ونقل المضامين من الذاكرة إلى الواقع، وذلك عبر المجالس والاجتماعات والفعاليات، متناولين التراث المحلي الإنساني عبر السنوات أباً عن جد، ومعالجين عدداً من القضايا الاجتماعية، ليسلطوا الضوء على التراث والشخصيات والقبائل، خاصة أن لكل منهم أسلوبه المميز للحديث عن الأماكن والقبائل. وفي الشعر والقصص والمواقف البطولية، يعتبر الراوي الذاكرة الحية التي تضيء لمن أُشكل عليه أمر أو معلومة ما، وهو المعلم في مجال سرد المعلومات التي تناقلتها الأجيال. ليكون الراوي بذلك الوجهة التي يقصدها الباحث للحصول على أصل المعلومة، فضلاً عن الجهات الرسمية التي تقصده في مناسبات كثيرة لذات الهدف، ولكن اليوم ومن هنا نتوجه للرواة لنقدم نبذة عن حياتهم؛ توثيقاً لسيرة مختصرة عن كلٍ منهم، تكريماً لهم ولدورهم الإنساني.

 

الراوي عبدالرحمن سالم عبيد بوشبص، هو أحد أهم الرواة عن عالم البحارة في إمارة الشارقة، وربما يكون أصغر بكثير عن غيره من الرواة من أهل البحر، ولكنه يملك الكثير مما يقال بحكم قضائه الكثير من الوقت وبشكل يومي، داخل القارب الذي كان يجلب بواسطته الرزق الوفير، وأصبح فيما بعد يشارك في الفعاليات لتدريب الطلاب على فنون التعامل مع البحر، وهو أحد النواخذة وقادة السفن، ويشغل حالياً منصب رئيس مجلس إدارة جمعية الصيادين بإمارة الشارقة، ولا ينسى تلك المرحلة عندما كان في مرحلة من مراحل الطفولة، وجد نفسه وسط كوكبة من أهل البحر، يكادون لا يتركون البحر يوماً إلا للضرورة، ومن ضمنهم أعمامه وأبناء عمومته.

كانوا رجالاً برتبة قادة في البحر، ولذلك كان لهم الأثر الإيجابي، حيث تعلّم منهم عبدالرحمن أهم الأدوات التي يحتاجها لدخول البحر، ووجد أن المنطقة أو الفريج كان غالبية رجاله بحارة، ولذلك كان يتحين الوقت لقضاء أجمل أوقاته عندما يجتمع الرجال عند العصر، ليتحدث كل منهم عن الساعات التي قضوها في البحر والأميال التي بلغها كل منهم، والبعض يتحدث عن الأوقات التي قضوها على الشاطئ مع أدواتهم، أو ما تم صيده من أنواع الأسماك والكميات، وفي فترة من فترات عمره عاش مثل بقية الصبية والشباب، حيث لم تكن هناك أية وسائل للترفيه، وكانت المتعة الكبرى هي الصيد البسيط (بالخيط وبالميدار) بالسنارة أو لعب الكرة.

كان عمر عبدالرحمن عشر سنوات عندما دخل للبحر في رحلة صيد، وفي عمر السابعة عشرة كان قد أصبح لديه (محمل) سفينته الخاصة، فأصبح يخرج للصيد الاحترافي، ولم يتوقف عن صيد الأسماك حتى العام الماضي، ما أهله أن يكون من كوكبة الرواة عن عالم البحر والصيد، وتعلّم من البحر كل أنواع الصيد كالخيط والقرقور والليخ والضغوة على السيف، والصيد بالجر وصولاً للشباك الحديثة، وهو على علم أيضاً بسفن السفر للتجارة سواء لدول الخليج العربي أو إلى الدول المجاورة.

ويرى النوخذة والراوي عبدالرحمن أن الصيد وحياته البحرية لم تكن أقل من مهنة، حيث لم يكن الصيد أو البحر مجرد هواية، فقد كان يخرج لصيد الأسماك بكميات كبيرة، وقد أصبح يشارك في المناسبات والفعاليات لينقل قصة البحر والإنسان، ومن خلال جمعية الصيادين يشارك في الورش التي تشرح عن طرق الصيد، ويتم من خلالها عرض بعض الأدوات أمام الحضور، ومنها ورش للطلاب ، ولديه مشاركات من خلال عدة وزارات وبعض الجامعات، ليروي عن أهمية البحر.

Email