مع انتهاء معرض «عالم القهوة 2023» الذي يبرز دبي عالمياً كأول مدينة تستضيف هذا الحدث خارج الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، نشرت مجلة «تيستنغ تيبل» الأمريكية مقالاً لفتت فيه إلى الأهمية الثقافية والاجتماعية للقهوة في المنطقة العربية.
وأفادت المجلة أنه وبعد تقديم الإمارات مع عدد من الدول العربية التماساً لإدراج القهوة في قائمتها التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، أقرت اليونسكو بأهمية القهوة العربية في عام 2015، مشيرة إلى أن طريقة إعدادها وتقديمها واستهلاكها كـ«تعبير عن حسن الضيافة والكرم وآداب السلوك الاجتماعي» يؤثر في شتى جوانب المجتمعات العربية.
ومنذ قرون عدة، عرف سكان المنطقة القهوة، وطوروا طقوسها على مر السنين، وأسسوا المقاهي كأماكن للالتقاء وممارسة الأنشطة الاجتماعية، وتوارثوا تقاليدها وطرق تخميرها جيلاً بعد جيل.
تجاوز التقسيمات الاجتماعية
يشير خالد الملا، أمين متحف القهوة في منطقة الفهيدي التاريخية في بر دبي، والمنسق الوطني لفرع الإمارات لـ«جمعية القهوة المتخصصة» في حديث مع مطبوعة «بيرفكت ديلي غرايند» المتخصصة بالقهوة إلى أن صنع القهوة وتقديمها يتجاوز التقسيمات الاجتماعية، وأن جلسة القهوة تشكل علامة على حسن الضيافة لأشخاص من خلفيات اجتماعية اقتصادية متفاوتة.
,يقول: «قد لا يملك الشخص أي شيء ذا قيمة كبيرة ليقدمها لضيوفه، إلا أنه لا يزال بإمكانه تقديم القهوة. إنها علامة على أن الضيف مرحب به في منزله».
وتحتل القهوة في المجتمعات العربية، أيضاً جانباً اجتماعياً مهماً خلال المناسبات الخاصة والأعياد الثقافية والدينية، ومن الشائع أن يقدمها باعة متجولون في الشارع أو يجري العثور عليها في أماكن مختلفة مثل المكاتب الحكومية والمطارات. وبالنسبة إلى الملا، القهوة فن وذوق في التجهيز والصب والتناول كما أنها رمز للألفة والسلام.
مواصفات الدلة
يتم تحضير القهوة وتقديمها في «دلة، وهي وعاء تقليدي مستدير بغطاء يُصنع عادة من النحاس أو الفولاذ المقاوم للصدأ. ويمكن أن يختلف تصميم الدلة بالاعتماد على مكان تصنيعها، فلكل من العراق والكويت والسعودية وسوريا وقطر واليمن وإثيوبيا تصميماتها الفريدة من إبريق القهوة التقليدي، وهي تمتاز بمقبض رقيق بحيث يمكن حمله بشكل مريح، وغالباً ما يكون للدلة غطاء لإبقاء القهوة ساخنة.
ومنذ سبعينات القرن الماضي، تمت طباعة الدلة على عملة الدرهم الإماراتي. ويحتفظ خالد الملا بأكثر من 150 دلة من دول مختلفة، وكلها معروضة في متحفه. ويقول إن تصميم الدلة يمكن مقارنته بشعار النبالة – الأختام والأعلام التي كانت شائعة للاستخدام في أوروبا وأمريكا الشمالية لتحديد التراث والأصل.
طريقة تحضير احتفالية
تشير اليونيسكو إلى أن عملية تحضير القهوة وتقديمها احتفالية بطبيعتها مع مراقبة الضيوف لها. ويتضمن التقليد اختيار حبوب البن، ومنحها تحميصاً خفيفاً في مقلاة على النار، وطحنها بهاون ومدقة نحاسية. ثم وضع الحبيبات داخل دلة تملأ بعد ذلك بالماء وتوضع على النار. وبمجرد أن تصبح القهوة جاهزة يجري تقديمها، وعلى مقدم القهوة أن يكون واقفاً أثناء جلوس الضيف ويسكب القهوة في الفنجال، وهي أكواب صغيرة بدون مقابض من أعلى.