الراوي

موزة راشد سيفان.. ذاكرة تختزن حكايات الفرح

ت + ت - الحجم الطبيعي

الراوي، زاوية تبرز الرواة ممن توارثوا مهارة السرد ونقل المضامين من الذاكرة إلى الواقع، وذلك عبر المجالس والاجتماعات والفعاليات، متناولين التراث المحلي الإنساني عبر السنوات أباً عن جد، ومعالجين عدداً من القضايا الاجتماعية، ليسلطوا الضوء على التراث والشخصيات والقبائل، خاصة أن لكل منهم أسلوبه المميز للحديث عن الأماكن والقبائل.

وفي الشعر والقصص والمواقف البطولية، يعتبر الراوي الذاكرة الحية التي تضيء لمن أُشكل عليه أمر أو معلومة ما، وهو المعلم في مجال سرد المعلومات التي تناقلتها الأجيال. ليكون الراوي بذلك الوجهة التي يقصدها الباحث للحصول على أصل المعلومة، فضلاً عن الجهات الرسمية التي تقصده في مناسبات كثيرة لذات الهدف، ولكن اليوم ومن هنا نتوجه للرواة لنقدم نبذة عن حياتهم؛ توثيقاً لسيرة مختصرة عن كلٍ منهم، تكريماً لهم ولدورهم الإنساني.

ولدت موزة راشد سيفان في إمارة الشارقة منطقة (فريج) الشويهين مجاورة للبحر، ولا تزال تذكر جيرانهم الذين أثروا في حياتها بطيب معشرهم ومنهم بيت راشد محمد بيات وقوم الحيري وقوم المطروشي، حيث كانت تشعر أنهم وأهلها أسرة واحدة، شأن المجتمع الإماراتي المحب للتواصل ومنهم استقت معرفتها ومعلوماتها، وشعرت أنها اكتسبت من السيدات معنى المحبة بين بعضهن البعض، والتأدب مع الكبار والاستفادة من خبرتهم، ومن تلك المعاملات الودية أخذت ما استطاعت فيما بعد أن تسرده على الفتيات خلال مشاركاتها وخلال تربيتها لأبنائها، وأكثر شخصية مؤثرة في حياتها هي العمة أخت الأب، والتي كانت تجيد الخياطة وتفصيل وخياطة البراقع والطبخ ولديها عدة مهارات، ومنها أخذت كل المميزات التي أصبحت مفاتيحها لعالم التراث الإنساني المروي والمادي.

أحبت موزة بنت راشد حرفة التلي ونقلت عنها القصص إلى الآخرين، حيث تخبر من يتحدثون إليها عن بداياتها عندما كانت لا تجد خيوطاً لصنع التلي، فكانت تلجأ لفك خيوط الفوط الكبيرة وتلفها لتشتغل بها، وكم كانت تحب أن تشارك معظم البيوت المجاورة أفراحهم، من خدمة الأمهات اللاتي يقمن بالطهي وترتيب السفرة مع الفتيات، وكل ما كبرت تكبر معها قدراتها حتى أصبحت تستطيع تجهيز الفتيات قبل الزواج، تسبقها الفطنة وسرعة البديهة وملكة الحفظ لما تراه، ولذلك كانت تسعى لأن تكون أول فتيات المنطقة حضوراً في المناسبات، وتشعر بالفخر لأن الأسر والجارات يبحثن عنها للمشاركة.

في مرحلة من المراحل لم تكن الحياة سهلة بالنسبة لتوفير مستلزمات العرائس بطرق مبتكرة، فكانت الراوية موزة  راشد سيفان مصدراً من مصادر الفرح، فهي من تقوم بخياطة أزياء العرائس وترتيب (زهبة العروس) مستلزمات العرائس وملازمتهن حتى يوم زفافهن، وتفعل ذلك عن حب، ورغم أنها عملت في أحد المستشفيات في قسم الملفات، إلا أن عطاءها لم يفتر لأنها كانت تطمح دائماً لتقديم الخدمات في وظيفتها، وأيضاً متابعة هواياتها وتطوير مواهبها، ولذلك أصبح شغفها على المشاركة في المناسبات الرسمية يزداد يوماً بعد يوم، وتمكنت من خلال تلك المشاركات من إبراز تلك المواهب، ومن أبرز ما قدمت برامج الطهي التي كانت من خلالها تسرد ما لديها خلال عملية عرض الأطباق التي تسجل للتلفزيون، وشاركت مدة ثماني سنوات في (معرض حكايات) في المغرب من خلال معهد الشارقة للتراث، كما شاركت في معارض دولية في كوريا الجنوبية والبرازيل والمكسيك ولندن وألمانيا، حيث كانت تنقش الحناء وتخبر الرواد بقصص الحناء مع الفتيات والمناسبات والعرائس، وأيضاً كان لها مشاركات في المدارس بناء على دعوة في المناسبات التي يدخل ضمن إطارها الفعاليات التراثية، فكانت ولا تزال خير راوٍ في مختلف جوانب الحياة، سواء من الماضي أو الحاضر.

Email