الراوي

مريم النقبي.. حرفية تنسج بخيوط التراث الجمال والزينة

IMG_4164

ت + ت - الحجم الطبيعي

الراوي، زاوية تبرز الرواة ممن توارثوا مهارة السرد ونقل المضامين من الذاكرة إلى الواقع، وذلك عبر المجالس والاجتماعات والفعاليات، متناولين التراث المحلي الإنساني عبر السنوات أباً عن جد، ومعالجين عدداً من القضايا الاجتماعية، ليسلطوا الضوء على التراث والشخصيات والقبائل، خاصة أن لكل منهم أسلوبه المميز للحديث عن الأماكن والقبائل. وفي الشعر والقصص والمواقف البطولية، يعتبر الراوي الذاكرة الحية التي تضيء لمن أُشكل عليه أمر أو معلومة ما، وهو المعلم في مجال سرد المعلومات التي تناقلتها الأجيال. ليكون الراوي بذلك الوجهة التي يقصدها الباحث للحصول على أصل المعلومة، فضلاً عن الجهات الرسمية التي تقصده في مناسبات كثيرة لذات الهدف، ولكن اليوم ومن هنا نتوجه للرواة لنقدم نبذة عن حياتهم؛ توثيقاً لسيرة مختصرة عن كلٍ منهم، تكريماً لهم ولدورهم الإنساني.

نشأت مريم أحمد عبدالله النقبي في منطقة الزبارة بمدينة خورفكان بإمارة الشارقة، وكبرت وسط ذلك الجمال الكامن في الحرف اليدوية، التي تعد أحد أهم الفنون التي يستفاد بها في الحياة اليومية، وتجد نفسها بين السيدات من الأقارب والجارات وصديقات الأسرة، وكل منهن على دراية بعدة مهارات، ولذلك تمتلك مريم الكثير من الخبرة في الحرف اليدوية المتراكمة عبر السنين، ومنها صناعة التلي المتوارثة منذ القدم، وسفافة سعف النخيل ليتحول لأدوات مثل المكنسة والأطباق السعفية وفيما بعد تطور الأمر لتصنيع، ووجدت مريم نفسها منذ التاسعة من عمرها تحب تقليد الأمهات في ما يفعلن، خاصة أن ما يقمن به يصبح أكثر جمالاً بعد الانتهاء منه وإنجاز الشكل المطلوب، كما أتقنت مريم صباغة الملابس بمواد عضوية وتفصيل البراقع المتنوعة.


تقول الراوية مريم إنها وجدت في ذاتها القدرة على التحدث بشكل جيد فيما يخص كل حرفة وأدواتها، لأنها نشأت بقرب الأمهات ذوات المهارات والخبرة وتعلمت منهن الكثير، وقد صنعت مريم لنفسها قطعاً من التلي وهي صغيرة، وأهم قطعة يمكن صناعتها من التلي هي (البادلة)، خاصة أن هذه القطعة كانت تصنع خيوطها من الفضة الخالصة، وترى مريم أن التراث بكل أوجهه هو حضارة تأبى الاندثار وستبقى خالدة للأبد، بسبب شغف المرأة في الإمارات بالحرف اليدوية التي تعد جزءاً لا يتجزأ من حياة الإنسان الإماراتي، ولأنها في ذات الوقت تلبي احتياجات الإنسان.


برعت الراوية والحرفية مريم في مختلف صنوف العمل اليدوي الذي تحتاجه المرأة في حياتها، واستفادت من إنتاجها الذي تم تطويره مع الوقت، حين أصبحت تشارك في معارض مراكز التنمية الاجتماعية، وبدأت مريم في قبول الدعوات للمشاركة في المهرجانات مثل أيام الشارقة التراثية ومهرجان قصر الحصن، وقد تم منحها لقب حرفية في معهد الشارقة للتراث، كما تتم دعوتها للمشاركة لتقص على رواد المعارض والمهرجانات قصة المرأة الإماراتية مع المكتسبات الثقافية وتطويرها لتراثها، لتصبح سيرة الإماراتية مثل عبق العود والمسك يفوح بين أرجاء مختلف الأماكن.


تتحمس مريم النقبي كثيرا وهي تتحدث لزوار الأماكن والمعارض، لأنها تجد في نفسها تلك الشخصية التي تحمل رسالة عظيمة، مفادها: الحفاظ على ما تم توارثه من كنوز لا تزال تتألق ولم تتراجع، خاصة أن الكثير منها لا يزال يرتبط بمفهوم الاستدامة والمحافظة على البيئة والاستفادة من منتجاتها. وترى أن جهدها يحفز الآخرين للبحث والتعلم من خلال الورش أو الفعاليات.

Email