الراوي

أحمد الشحي يبدع الحبال والسلال من ألياف وسعف النخيل

تصوير: زيشان أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

الراوي، زاوية تبرز الرواة ممن توارثوا مهارة السرد ونقل المضامين من الذاكرة إلى الواقع، وذلك عبر المجالس والاجتماعات والفعاليات، متناولين التراث المحلي الإنساني عبر السنوات أباً عن جد، ومعالجين عدداً من القضايا الاجتماعية، ليسلطوا الضوء على التراث والشخصيات والقبائل، خاصة أن لكل منهم أسلوبه المميز للحديث عن الأماكن والقبائل. وفي الشعر والقصص والمواقف البطولية، يعتبر الراوي الذاكرة الحية التي تضيء لمن أُشكل عليه أمر أو معلومة ما، وهو المعلم في مجال سرد المعلومات التي تناقلتها الأجيال. ليكون الراوي بذلك الوجهة التي يقصدها الباحث للحصول على أصل المعلومة، فضلاً عن الجهات الرسمية التي تقصده في مناسبات كثيرة لذات الهدف، ولكن اليوم ومن هنا نتوجه للرواة لنقدم نبذة عن حياتهم؛ توثيقاً لسيرة مختصرة عن كلٍ منهم، تكريماً لهم ولدورهم الإنساني.

ربما تكون بعض الألفاظ لمن لا يعرف اللهجة المحلية مثل الطلاسم، خاصة الألفاظ المتعلقة بالبحر والصيد والزراعة، وقد كبر ضيف الزاوية اليوم الراوي أحمد مبارك الشحي وهو يستمع لتلك الأصوات التي تكرر ليف الفحل وزفانة الدعون وربط شباك الضغوة والليخ والدوابي، وكل تلك المسميات كانت يستخدم لها الحبال، التي تصنع من ألياف النخل، وهم يقومون بقصها وتليينها بالماء ثم تفكيك النسيج لصنع الحبال وهو من الذين يعيدون تصنيع سعف النخل، لصناعة سلال تخزين التمر وبناء البيوت القديمة مثل الخيمة والكرين والعريش، حيث لم تندثر هذه المهنة بسبب الطلب عليها وكثرة حضورها في العروض الثقافية المتنوعة.

الحرفة التي تميز بها أحمد بن مبارك هي تصنيع الحبال، حيث يقص خطوات التصنيع ويشرحها في المحافل المحلية والمهرجانات والمعارض، واستطاع تعليم تلك الحرفة للشباب من خلال أيام الشارقة التراثية على مدى عشرة أعوام على التوالي، وأيضاً من خلال البرامج التلفزيونية في الدولة، وأيضاً الفعاليات المختلفة في الشارقة، والمكتبات وكليات التقنية العليا في إمارة الفجيرة وجامعة عجمان.

أحمد بن مبارك الشحي مولود في منطقة رؤوس الجبال عام 1959، ودرس عن المطوع عام 1968 ليتعلم تلاوة وحفظ القرآن، ثم انتقل إلى خورفكان شهر سبتمبر عام 1970 ، وسكن في منطقة الشرق، وسط مجموعة من الجيران وكانوا بمثابة الأهل ومنهم محمد جمعة المنصوري ويعقوب عبدالله المنصوري وعلي حمدان الميرزا وآخرين، وكلهم كانوا قادة في البحر (نواخذة)، ولم يكن بن مبارك يضيع أية فرصة لمتابعتهم والتعلم منهم، وفي عام 1972 التحق بالدراسة المسائية، ولكنه توقف عن الدراسة ليلتحق بالعمل في دائرة الكهرباء والماء من عام 1981 إلى 1992، ثم انتقل للعمل في وزارة الداخلية حتى عام 2019 ليتقاعد برتبة ملازم، وقد كان في كل تلك السنوات يواصل إكمال دراسته حتى أكمل الثانوية العامة، ولكنه لم يكن يتوقف عن حياة البحر ومرافقة الرجال الذين ارتبطت حياتهم بالبحر رغم وجود الوظيفة.

قصة حياته مع البحر بدأت منذ الصغر حين كان في عمر الخامسة عشرة حين كان يلحق بجده ووالده، لأنهم من رجال رحلات الغوص وصيد الأسماك، ومن هنا عشق تصنيع الحبال الطبيعية والتي تدخل في كل شيء تقريباً، وفي ذات الوقت كان يتابع الزراعة للحصول على البطيخ والقرع والبطاطس، فكان يحصل على مخزون من المعلومات المتوارثة ليستفيد منها وينقلها للغير، ولذلك يجد نفسه خبيراً بالحياة البحرية والبيئة الجبلية والزراعة، وما زال يحافظ على كل الأدوات التي تدعم الشرح وتثقيف الآخرين، ويجد في ذاته نفس الشغف يزيد ولا ينقص.

Email