«الوُعوب» حقول صغيرة تحكي قصص الشغف بالزراعة

«الوُعوب» هي الحقول الصغيرة التي تنتشر في الكثير من المناطق الجبلية ونخص بالذكر المنطقة الجبلية في شمال رأس الخيمة، التي تكثر بها هذه الحقول في وادي «غليلة» و«شعم» وغيرها من المناطق التي اشتهر أهلها بالزراعة في الجبال. ويسهم هطول الأمطار بشكل كبير بالتوسع في زراعة القمح، ويساعد في ازدهار تلك المساحات الزراعية وانتعاش الحياة فيها.

حُب الزراعة

ورث الأهالي في هذه المناطق حُب الزراعة عن الأجداد رغم الصعوبات التي صاحبت تلك المهنة وخاصة تراجع مُعدلات الأمطار، كما أن تطوّر الحياة وانخراط الكثير في التعليم وتقلد الوظائف، صرف البعض عن هذه المهنة، وأصبحت حكراً على جيل الآباء.

يبدأ الناس بتمهيد الأرض في فترة هطول الأمطار، وتسميدها بالسماد الطبيعي وتجهيز البذور المُراد زراعتها، وذلك في بداية شهر ديسمبر في كُل عام وتتم زراعة تلك البذور بعد توقف الأمطار.

حيثُ تكون التربة أكثر خصوبة، وبالانتهاء من الزراعة يتم انتظار موسم الحصاد الذي يبدأ من منتصف شهر مارس بالنسبة للأودية. أما في المناطق الجبلية فزراعة القمح تبدأ بتجهيز «الوعوب» بدءاً من شهر ديسمبر وتستمر حتى منتصف إبريل، إذن هُناك تفاوت في الزراعة بين مختلف المناطق، كما أن هناك طقوساً مُعينة للزراعة سواء كان في الأودية أو المناطق الجبلية.

5

ويحتاج القمح للري بين 4 – 5 مرات، وهناك عدة عوامل تحدد جودة المحصول في مقدمتها الأمطار ودرجات الحرارة وإعداد الحقول بطريقة جيدة قبل موسم الزراعة ومراقبة الزراعة وتنظيف «الوعوب» المزروعة من الحشائش.

موسم

وينتهي موسم جمع الحبوب الشتوية في منتصف شهر إبريل، حيثُ يتم جمع الحبوب ودّقها لفصل الحبوب عن (التبن) الذي يُستخدم كعلف للحيوان، بينما تُستخدم الحبوب لصناعة الخبز.

وهناك بعض الأهالي ممن يحتفظون بالسنابل وتتم عملية فصل الحبوب بعد ذلك في عدة مراحل حسب احتياجاتهم لها سواء استخدموا تلك الحبوب في صناعة الخبز المعروف محلياً بخبز «السفّاع» وهو من أشهر أنواع الخبز عند أهل الجبال، أو يتم استخدام تلك الحبوب في صناعة «الهريس» الذي يُعتبر من أشهر المأكولات الشعبية الإماراتية.

يُعاني المزارعون من عدم تعبيد الطرقات في المناطق الجبلية المُرتفعة، حيثُ يضطر الأهالي لقطع مسافات طويلة للوصول إلى «الوُعوب»، وغالباً ما تستغرق الرحلة للوصول إليها أكثر من ساعتين مشياً على الأقدام، كما تواجههم وقت الحصاد مشكلة أخرى هي نقل المحصول إلى أقرب مكان يمكن للسيارات أن تصل إليه.

قيمة

وتكفي «الوُعوب» التي تقع في شمال رأس الخيمة والتي تتواجد بكثرة في الأودية والمرتفعات الجبلية، لتلبية حاجة الأهالي القاطنين في هذه المناطق، وعلى الرغم من انصراف الشباب عن هذه المهنة في فترات سابقة كما ذكرنا، فإننا نلحظ الآن في الآونة الأخيرة ارتفاع معدلات اهتمام الشباب بتراث أجدادهم وآبائهم ومُساهمتهم الدائمة في إحياء هذه المهنة والحفاظ عليها من الاندثار.