الكنيسة المريمية بدمشق ترمم 10 آلاف وثيقة و100 مخطوط

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في الكنيسة المريمية، إحدى أقدام الكنائس في العالم، ومع رائحة التراث والقداسة في دمشق القديمة، تأسس مركز لترميم الوثائق والمخطوطات في الكنيسة، يعود الفضل في تأسيسه واستمرار العمل إلى وقتنا الحالي، إلى مركز جمعة الماجد في دبي، التي مولته ودربت كادره، ليتمكن من ترميم أكثر من 10 آلاف وثيقة قديمة، ونحو 100 مخطوط، ولتشكل مصدراً أساسياً للدراسات والبحوث العلمية المختلقة.

وتقول المسؤولة عن المركز، رجاء راجحة: «في عام 2003، تم توقيع اتفاقية بين بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، مع مركز جمعة الماجد، للقيام بمشروع لإنشاء مركز ترميم مخطوطات، حيث قام الأخير بتجهيز المركز وتدريب العاملين في دبي، وتم البدء في العمل في أيار عام 2004».

تسريع العمل

وأضافت: «في بداية عام 2005، زار الشيخ جمعة الماجد سوريا، وألقى محاضرات في مكتبة الأسد، وقاعة كنيسة الصليب المقدس في دمشق، وكانت أول مرة تعرض فيها المخطوطات والوثائق المرممة في مركزنا، وكنا نعمل أنا وسيدة أخرى فيه، وعندما شاهد جودة العمل، تبرع براتب موظفين آخرين، لتسريع وتيرة العمل».

وتابعت راجحة أن «الشيخ جمعة الماجد محب للعمل والثقافة والمخطوطات، ومشروعه هو جمع أكبر عدد من صور المخطوطات في العالم، مقابل تقديم مساعدات وتدريب للمهتمين في عملية الترميم، والغاية هي تسهيل عمل الباحثين في جميع أنحاء العالم، عبر إنشاء أرشيف مكتبة إلكترونية شاملة».

وعن العمل في المركز خلال الحرب، قالت راجحة: «إن العاملين في المركز، هاجروا سافروا، ما أثر في العمل بشكل كبير، كما ساهمت جائحة «كورونا» في توقف العمل في المركز أيضاً»، لافتة إلى أنه «تم استئناف العمل عندما سمحت التعاميم الصادرة عن الحكومة، بعودة العمل في المؤسسات».

المخطوطات والوثائق

وعن نوعية المخطوطات والوثائق التي يتعامل معها المركز، قالت راجحة إن «المخطوطات متعددة المواضيع، وهي (مصاحف، ديني مسيحي، كتب ليتورجية طقسية، أناجيل، أقوال الآباء، تفسيرات الأنجيل، عقائد، قانون كنسي، لغة عربية، علوم، كيمياء، وصفات طبية، قصص، تاريخ، حوادث)».

وأضافت: «نتعامل مع أي مخطوط بحاجة إلى ترميم دون تمييز أو تفريق، مهما كان موضوعه، فأي مخطوط قد تعرض لإصابة، نعمل على ترميم هذه الإصابات، والتي قد يكون سببها الحشرات، اهتراء، بقع شمع، غبار، قوارض وغيرها».

وبالنسبة للغات التي كتبت فيها المخطوطات والوثائق التي خضعت للترميم، قالت راجحة إن «الوثائق والمخطوطات مكتوبة باللغات العربية، السريانية، واليونانية، وأحياناً نجد مخطوطات مكتوبة بلغتين مناصفةً، ككتب الطقوس الدينية، التي أحياناً تكتب بالعربية واليونانية».

وتابعت: «الوثائق الموجودة لدينا، عبارة عن مراسلات بين الأبرشيات، أو بينها وبين البطريركية، أو قرارات قضائية، أما المخطوطات، فهي تتكلم عن موضوع محدد، وتتضمن في بعض الأحيان وثائق تاريخية، كالمخطوطات التوثيقية».

وأردفت: «بالإضافة إلى ترميم الوثائق، فإننا نصنع ورقاً خالياً من الشوائب أو الحموضة، ونصنع منه ظروفاً لحفظ الوثائق، فوجود شوائب أو حموضة في الظرف، يؤثر في الوثيقة، ويؤدي إلى تلفها، ونضع الظروف بعلب مخصصة»، لافتةً إلى أن «جميع المخطوطات التي نعمل عليها، هي لصالح بطريركية أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، وهناك مخطوطات موجودة في الأبرشيات (مطرانية المحافظات، كحمص وحلب واللاذقية)».

وذكرت أن هناك «أشخاصاً يملكون مخطوطات بشكل شخصي، فبعضهم يهب هذه المخطوطات للبطريركية، وبعضهم يطلب ترميم المخطوط مقابل أن نحصل على نسخة ضوئية منه، وطبعاً بعد الحصول على موافقة البطريرك أو وكيله».

دراسة المخطوط

وعن الخطوات المتبعة في عمليات الترميم، قالت راجحة إن «أولى الخطوات، هي دراسة المخطوط وتصويره وترقيميه، إضافة إلى إخضاعه لعدة اختبارات، لمعرفة نوعية الحبر وقابليته للانحلال، ونوعية الورق ورابط الصفحات، هل هي متينة أم لا، ونسبة الحموضة للورق، وجميعها اختبارات كيميائية».

وأضافت راجحة «كما نخضع المخطوط لاختبارات فيزيائية، لمعرفة قياس الورقة وسماكتها (غراماج الورقة)، عبر عملية حسابية، حيث نقوم بتحديد ثقل الورقة، وتقسيمها على مساحتها، فيظهر لنا غراماج الورقة (غرام /‏ متر مربع)، وهذا يفيدنا في عملية صناعة ورق الترميم، حيث إنه يجب أن يكون أقل سماكة من أوراق المخطوط».

وتابعت راجحة «نقوم أيضاً بقياس الدرجات اللونية للمخطوط، حيث نأخذ أفتح درجة لونية في الصفحة، لصناعة ورق الترميم، لأن الأطراف دائماً ما تكون أغمق من وسط الصفحة، حيث تؤثر عوامل الإضاءة على الميلانين الموجود في الورق»، مشيرة إلى أنه «يجب أن نقوم بتصوير المخطوط بجميع تفاصيله وصفحاته قبل الترميم وبعده».

أنواع الترميم

وبعد دراسة المخطوط أو الوثيقة، تأتي عملية التنظيف، حيث تقول راجحة إن «هناك نوعين لذلك، تنظيف جاف بالفرشاة، وأحياناً نستخدم المشرط لإزالة بقع الشمع على صفحات المخطوط أو غلافه، أو التنظيف بالكحول، ثم نقوم بإزالة الترميم السابق، إن وجد، فهناك مخطوطات كانت ترمم عبر وضع لاصق شفاف، وتحتاج هذه العملية إلى دقة كبيرة، حتى لا تتأذى الأوراق أو تزال الكتابة، ونستخدم في هذه العملية الصمغ (ميتيل السيليلوز)، وقد نضطر للإبقاء على الترميم السابق، حفاظاً على الكتابة، فتكون الكلمات مكتوبة فوق اللاصق».

وتابعت «بعد ذلك نصنع ورق الترميم، وهي خبرة اكتسبتها من خلال الدورات التي خضعت لها في مركز جمعة الماجد، في دولة الإمارات، وقد قدم لنا جهازاً خاصاً لصناعة الورق كهدية، أما باقي مراكز الترميم، فتعتمد على الورق الجاهز».

Email