مقدمات موسوعات الوثائق البريطانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

صار من قبيل المنهجية العلمية احتواء المصنفات على مقدمات تضم الفكرة الرئيسة للكتاب، ومنهجية العمل، وكيفية إعداد المؤلَّف، ومن هنا تأتي ضرورة كتابة المقدمة، والإتقان في إعدادها وكتابتها لأنها تمثل الوجه الأول للكتاب. ومن هنا تأتي ضرورة قراءة المقدّمة بتأن، لأنها تحتوي على الأفكار الرئيسة، والخطوات العملية، والأهداف.

وأغلب موسوعات الوثائق البريطانية تحتوي على مقدمات وضعها محررو ومعدو هذه الموسوعات، بينوا فيها الرموز الرئيسة لهذه المصنفات المهمة. وفيها تتبين الأهداف من وضع هذه المصنفات. ومن حسن الحظ أن مكتبة دائرة الآثار والمتاحف برأس الخيمة تحتوي على عدد مهم من هذه المؤلفات المهمة، وهي التي حررها عدد من الكتاب البريطانيين. وهذه الموسوعات، هي:

Gazetteer of Arabian Tribes، (دليل القبائل العربيّة)، من إعداد وتحرير ريتشارد ترنش (Richard C. Trench) صدر في 15 مجلّداً، إضافة إلى ثلاثة مجلّدات تضمّ عدداً كبيراً من الملاحق، عام 1996. و The U.A.E: Internal Boundaries and the Boundary with Oman، من إعداد وتحرير جوليان وولكر (Julian F. Walker) صدر في مجلّدات عديدة عام 1994. و Survey of the Shores and Islands of the Gulf، من إعداد وتحرير أندرو كوك (Andrew S. Cook) صدر في مجلّدات عديدة عام 1990.

وslands and Maritme Boundaies of the Gulf، من إعداد وتحرير أندرو كوك (Richard Schofiedl) صدر في مجلّدات عديدة عام 1990. و Records of the Emirates: Primary Documents، من إعداد وتحرير پينيلوپ توسون (Penelope Tuson) صدر في مجلّدات عديدة عام 1990.

و The Gulf & Red Sea Noval Reports: 1820-1960، من إعداد وتحرير أنيتا بورديت (Anita L. P. Burdett) صدر في مجلّدات عديدة عام 1993. و The Political Diaries of the Arab World: The Political Diaries of the Gulf. من إعداد وتحرير ج. م. دينيچ (J. M. Dening) ومايكل أرمستورنچ (Micheal Armstorng) صدر في مجلّدات عديدة كذلك، في عام 1995.

المقدّمات الحاوية

في مقدّمات هذه الموسوعات نلاحظ الإشارة إلى عدّة مسائل، وفي الوقت نفسه فإنّ عدداً من هذه المسائل تتشابه بين كلّ المقدّمات، حيث يرد ذِكرها بصيغ مختلفة، ولكنّها جميعها تنحو منحى واحداً تقريباً. وهذه المسائل، هي:

أوّلاً: الإشادة بالسلطات البريطانيّة التي صدرتْ منها هذه الوثائق، أو التي صدّرتْ هذه المراسلات، أو التي أُرسلت لها هذه المكاتبات.

ثانياً: تعود هذه المكاتبات والوثائق إلى حقبة زمنيّة طويلة تكاد تبلغ ثلاثمائة عام، وهي فترة اختلطت فيها الأمور وتداخلتْ فيها المصالح.

ثالثاً: التنويه بالقضايا التاريخيّة والمعالم الجغرافيّة والمؤثّرات الاقتصاديّة والاجتماعيّة.

رابعاً: ظهور مصطلح رائد، وهو: ملاحة الجغرافيا السّياسيّة للخليج (the maritime political geograhpy of the Gulf) على المستوييْن المحلّي الخليجي والعالَمي خلال تلك الحقبة الزمنيّة الطويلة.

خامساً: اعتبار استقلال الهند والباكستان في عام 1947 عاماً حاسماً في تاريخ العالَم الحديث والمعاصر. وأنّه العام الفاصل بين الإدارة البريطانيّة الاستعماريّة غير المباشرة والمباشرة في عموم الشرق.

سادساً: الإشارة إلى دليل الخليج الذي أعدّه وحرّره جون لوريمر.

سابعاً: الإشارة إلى دور القوى الغربيّة في منطقة الخليج العربي، وأثرها على الأوضاع السياسيّة والعسكريّة والاقتصاديّة للمنطقة وتأثيرها المباشر على القوى المحلّيّة.

ثامناً: الإشارة إلى الأهمّيّة الاستراتيجية والاقتصاديّة لمنطقة الخليج، بما فيها من جزر وسواحل ومنتجات وبيئات.

تاسعاً: الإشارة إلى الاهتمام البريطاني الكبير بالمنطقة بما فيها من مواضع وجزر وسواحل.

عاشراً: الإشارة إلى تأثير منطقة الخليج وجزرها على العلاقات الإيرانيّة البريطانيّة.

حادي عشر: الاهتمام العظيم بنفط الخليج.

ثاني عشر: الإشارة إلى العلاقات البينيّة بين سواحل ومرافئ وجزر الخليج العربي.

ثالث عشر: الاتفاق على قيام السلطات البريطانيّة بمسح سواحل الخليج بدءاً بعام 1820، وما نتج عن ذلك من تقارير هائلة اتّكأتْ عليها بريطانيا في الإدارة واتخاذ القرارات والمواقف. كما بقيتْ مثل هذه التقارير المبكّرة القاعدة التي اعتمدتْ عليها المعرفة الأوروبيّة حول المنطقة.

رابع عشر: قيام شركة الهند البريطانيّة الشّرقيّة بإجراء مثل هذه المسوحات رغبة منها في استيضاح واستكشاف منطقة الخليج لكونها أحد أهمّ الممرّات المائيّة في العالَم.

خامس عشر: ظهور مصطلح: «تدوين وتسجيل المعلومات الطبوغرافيّة والجيولوجيّة والعرقيّة» (the recording of topographical, geological and ethnographical information) الذي يشير إلى تلك المسوحات المهمّة التي أُجريتْ في سواحل الخليج ومياهه وأراضيه، ثمّ أصبحتْ مصدراً حيويّاً للمسؤولين البريطانيّين المهتمّين باستكشاف المنطقة.

سادس عشر: الأخذ بعين الاعتبار بما دُوّن في الوثائق البريطانيّة من معلومات وإشارات وتقارير ومراسلات وكتابات حين وضع الحدود بين دول الخليج.

سابع عشر: التنويه بأدوار القبائل في منطقة الخليج العربي، وتنقّلاتها بين السواحل والدواخل وأعمالها وأماكن رعيها وتداخلاتها وولاءاتها السياسيّة، وقوام قواها ومناطق إقامتها. وبمثل هذه الولاءات اعتمدتْ السلطات البريطانيّة في تحديد الحدود السياسية بين دول الخليج. مع الإشارة إلى كون هذه القبائل تمثّل وحدات متكاملة.

ثامن عشر: الاحتفاظ بالعديد من المكاتبات والمراسلات باللغة العربيّة، وترجماتها إلى اللغة الإنجليزيّة، وأحياناً توجد فقط الترجمات إلى اللغة الإنجليزيّة، وفقدان أصولها العربيّة. وهي بالتالي تمثّل أهمّيّة للباحثين.

تاسع عشر: كثير من الوثائق المتقدّمة كُتبتْ بخطّ اليد باللغة الإنجليزيّة، وتتطلّب شخصاً حصيفاً يتمكّن من قراءتها.

العشرون: الإشارة إلى ما دوّنه الرحّالة الأوروبيّون حول المنطقة، ومشاهداتهم المختلفة حولها.

حادي وعشرون: الإشارة إلى التقارير الموجودة ضمن مخرونات خاصّة لدى عدد من المسؤولين البريطانيّين.

ثاني وعشرون: توجد محاولة لتقويم السياسة البريطانيّة تجاه منطقة الخليج العربي عن طريق الاتفاقيّات والمعاهدات والتوافقات مع شيوخ الخليج.

ثالث وعشرون: الإشارة إلى مسمّى قديم وخاطئ إلى ساحل الخليج.

رابع وعشرون: التركيز على علاقات إمارات الخليج مع سلطنة عمان، والسعوديّة.

خامس وعشرون: التنويه بما يسمّى: «السّلْم البريطاني» الذي تحقّق في المنطقة مع جثوم السلطة البريطانيّة على الخليج. وهو يطابق مصطلح: «السياسة الملاحيّة البريطانيّة» (British maritime policy).

سادس وعشرون: الإشارة إلى الاعتداءات والادّعاءات الإيرانيّة بجزر الخليج العربي.

سابع وعشرون: الإشارة إلى دور الأسطول الملكي البريطاني في ترسيخ وفرض النّفوذ البريطاني في الخليج العربي. مع التلميح بصعوبة المحافظة العمليّة على صلاحيّة السفن البريطانيّة بأسباب المناخ.

ثامن وعشرون: اعتمدتْ المعلومات المدوّنة في المراسلات والتقارير وغيرها على ما يسجّله المسؤولون في الوكالات والمقيميات عبر الخليج العربي. إضافة إلى المصادر المحلية الخاصة التي تزودهم بالمعلومات، كما يتم جمع المعلومات من أخبار التجار والرحالة والزوار أو ما يدونه المسؤول المباشر والمشرف المباشر على الوكالة أو المقيمية من خلال جولاته وزيارته ولقاءاته وملاحظاته ومشاهداته. ولهذا كثرتْ هذه المدوَّنات حتى بلغت الملايين.

تاسع وعشرون: كانت الإدارة البريطانيّة تبحث عن شخصيّات إداريّة وعسكرية ودبلوماسية ومدنية متميزة، وتأخذ من الإدارة العليا، سواء كانت في الهند أو في بريطانيا جهداً للعثور على الشخص المناسب نظراً للظروف المناخية والاجتماعية والبيئية المعقدة والصعبة في منطقة الخليج، التي تتطلب صبراً وتأنّياً واحتمالاً وذكاء وحنكة وحكمة.

الثلاثون: تباين التقارير بين الجودة والضعف والإتقان والدقة والعمومية والعمق والضحالة بناء على نوعية المسؤول وذكائه وحُسن تصرفه وعلمه ومعرفته.

نقش

وبطبيعة الحال فإنّ هذه الوثائق ليست كلّها، بل هي مجموعات مما تمكن المحررون من جمعه والوصول إليه. وهي تمتد لفترة طويلة جداً من القرن السابع عشر إلى عام 1971. وهي بالتالي مئات الآلاف من الوثائق إن لم تكن تصل إلى الملايين. وبلا شك فإن وثائق كثيرة جداً لا تزال محفوظة، وصور رائعة لا تزال مخزونة تنتظر الباحثين والمفتشين والنابشين والجامعين والمدققين.

مخزونات ومكنونات

تضمّ هذه الموسوعات ما تمكّن المحررون من تجميعه من الوثائق البريطانيّة، سواء كانت تلك التي في الهند أو في بريطانيا، سواء كان ذلك من مكنونات وزارة الخارجيّة والمستعمرات والبحريّة الملكية والطيران الملكي، وفي حكومة الهند البريطانيّة بفروعها أو كانت تقارير استخباريّة متقنة.

Email