«دبي للثقافة» تتولى إدارتها تعزيزاً لمكانة الإمارة على خريطة التراث العالمي

مواقع دبي الأثرية.. كنوز حضارية تعود إلى 300 ألف سنة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تمتلك دبي أكثر من 17 موقعاً أثرياً مهماً، تعكس جوهرها الغني وتاريخها العريق وتراثها الأصيل، حيث أسهمت أعمال المسح الأثري التي شهدتها الإمارة على مدار فترة زمنية طويلة بالكشف عن العديد من المواقع المهمة، ومن بينها «ساروق الحديد الأثري»، و«الصفوح الأثري»، و«جميرا الأثري»، و«العشوش الأثري»، وغيرها من المواقع التي ترجع في تاريخها لعصور مختلفة، ما يؤكد امتلاك الإمارة لجذور حضارية قديمة تمتد لأكثر من 300 ألف سنة، تبدأ من العصر الحجري القديم الأسفل (1.5 مليون – 300.000 قبل الميلاد)، ومروراً بالعصر الحجري الحديث (8000-4000 قبل الميلاد) وحتى العصور الإسلامية المتأخرة (القرن التاسع عشر)، ما يعكس أهمية الدور الذي لعبه سكان دبي القدماء عبر الزمن وعلاقتهم مع الحضارات الأخرى في الشرق الأدنى القديم.

وتمثل مواقع دبي الأثرية التي تشرف عليها هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة)، مصدراً مهماً للمعرفة للباحثين والجمهور، وشهادة حية على تنوع نسيج المنطقة الثقافي، حيث تعكس الهيئة من خلالها التزامها بمسؤولياتها الثقافية الهادفة إلى صون التراث المادي وغير المادي من خلال تمكين أفراد المجتمع من زيارتها والوصول إليها، وضمان استمرارها في تعريف الأجيال القادمة بأهمية دبي التاريخية وعمقها الثقافي، ما يساهم في ترسيخ مكانة الإمارة على خريطة التراث العالمي.

«ساروق الحديد»

ويتربع «ساروق الحديد الأثري» (2600- 550 قبل الميلاد) الذي اكتشف عام 2002 من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، على رأس قائمة مواقع دبي الأثرية، حيث يعتبر واحداً من أغنى المواقع الأثرية الواقعة في الجزء الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية، ويعتقد أنه كان أحد المراكز الرئيسة لصهر المعادن خلال العصر الحديدي، وخلال أعمال التنقيب التي شهدها الموقع تم العثور على آلاف القطع الأثرية النادرة، ومن بينها أوانٍ برونزية وفخارية وحجرية، وخناجر وسيوف وفؤوس وسهام برونزية وحديدية، وأدوات الزينة من أصداف بحرية مزخرفة وآلاف من حبات الخرز المصنوعة من أحجار كريمة وشبه كريمة، والعديد من الأختام، إلى جانب القطع الذهبية والفضية، وغيرها.

«جميرا الأثري»

أما موقع «جميرا الأثري - العصر الإسلامي» (900-1800 ميلادية) الذي اكتشف في عام 1969، فيرجع بتاريخه إلى عصر الخلافة العباسية، ويضم بقايا مدينة إسلامية قديمة تعكس بمظاهرها ازدهار الحضارة الإسلامية خلال العصر العباسي (القرن العاشر)، ويضم 12 مبنى أثرياً، تسعة منها سكنية إضافة إلى الخان والمسجد والسوق، وتميزت المباني بعمارتها الإسلامية والزخارف الجصية الهندسية والنباتية التي كانت تزين الواجهات والأبواب والنوافذ. ويبرز هذا الموقع الدور الحيوي الذي امتازت به منطقة جميرا على الطريق التجاري ما بين عُمان وشبه الجزيرة العربية وبلاد الرافدين والشرق الأقصى.

في حين يضم موقع «الصفوح الأثري» (2500-2000 قبل الميلاد) الذي اكتشف في 1988 بقايا مستوطنة تعود في تاريخها إلى حقبة الألف الثالث قبل الميلاد، وخلال أعمال التنقيب الأثري التي شهدها الموقع ما بين 1994-1995، تم اكتشاف 3 مدافن محفورة في الأرض تعود إلى فترة «حضارة أم النار»، ويحتوي الموقع أيضاً على مدفن دائري الشكل مشيد من كتل حجرية مشذبة، يصل قطره إلى 6 أمتار ونصف المتر، وبني وفقاً للطريقة التي كانت متبعة في بناء مدافن حضارة أم النار، وعثر فيها على العديد من الهياكل العظمية والقطع الأثرية من أسلحة نحاسية وأوانٍ حجرية وفخارية، والعديد من حبات الخرز.

«العشوش الأثري»

ويعد موقع «العشوش الأثري» (الألف الثالث قبل الميلاد)، من المواقع الأثرية الفريدة التي اكتشفت في المناطق الداخلية الصحراوية التابعة لدبي، ويعتبر من أوائل الأدلة على انتشار المستوطنات السكانية في المناطق الصحراوية البعيدة عن شاطئ الخليج العربي. ويضم موقع «القصيص الأثري» (2500-550 قبل الميلاد) الذي اكتشف في سبعينيات القرن الماضي، مستوطنة كبيرة تعود إلى العصرين البرونزي والحديدي، إلى جانب مقبرة تشتمل على نحو 120 مدفناً فردياً وجماعياً، والمئات من القطع الأثرية مثل الأسلحة المعدنية والأواني الفخارية والحجرية والحلي والخرز والأصداف.

«مرغم الأثري»

ويحتوي موقع «مرغم الأثري» (1300 -600 قبل الميلاد) الذي اكتشف خلال العام الماضي، على مقبرة أثرية تأخذ الشكل شبه الدائري، وتشبه في تصميمها المعماري المقابر الأثرية التي ترجع لفترة عصر حفيت (3200-2500 قبل الميلاد)، وتضم المقبرة غرفة دفن واحدة بطول 1.60 متراً وبعرض يصل إلى 0.96 متراً، واكتشف داخلها هيكل عظمي مسجى ومحاط بعدد من القطع الأثرية أو الهدايا الجنائزية، ومن بينها زبدية من الحجر الصابوني، وبعض القطع الخام من حجر الصوان.

84 مدفناً أثرياً

وتشمل القائمة مجموعة مواقع في منطقة حتا، حيث أسفرت أعمال المسح الأثري التي شهدها موقع «مدافن جبل اليمح في حتا» (2500- 1300 قبل الميلاد)، عن توثيق وتسجيل 84 مدفناً أثرياً تنتشر تحت سفح جبل اليمح ضمن مجموعات تقع على مقربة من بعضها، وجميعها مشيدة من كتل من الحجر المحلي، وتمتاز هذه المدافن بنمطها المعماري الخاص الذي ينتمي إلى عصور حضارات حفيت، وأم النار، ووادي سوق وحضارة العصر الحديدي، وعثر فيها على العديد من القطع الأثرية منها بقايا أواني الفخار وأواني الحجر الصابوني، والأصداف المزخرفة والخواتم النحاسية، وحبات الخرز المصنوع من العقيق الأحمر والخزف وحجر المرو والزجاج، والتي كشفت عن الكثير من المعلومات التاريخية المهمة، وتم حتى الآن ترميم نحو 29 مدفناً أثرياً، فيما تعمل «دبي للثقافة» حالياً على تأهيل وتطوير الاكتشافات في الموقع.

«وادي جيما»

وتضم منطقة حتا مواقع أثرية تعود إلى العصر الإسلامي المتأخر (القرن 17 - بداية 19 الميلادي)، وتمثل حقبة مهمة في تاريخ دبي القديم والمعاصر، ومن أبرزها: مواقع «سهيلة الأثرية» التي تحتوي على قرى عدة مختلفة في مساحاتها، ولكنها تتشابه في عناصرها المعمارية وطريقة البناء والتوزيع الداخلي للبيوت، كما يكشف تصميم مباني هذه المواقع عن طبيعة نظام الحياة الاجتماعية الذي كان سائداً في ذلك الزمن.

ويعتبر «موقع وادي جيما» أحد أهم المواقع الأثرية المكتشفة في منطقة حتا، وهو عبارة عن قرية إسلامية سكنية زراعية تعود إلى الحقبة الإسلامية المتأخرة، وتتألف من مبانٍ سكنية ومدرجات زراعية فريدة من نوعها تحتوي على شبكة من قنوات الري المعقدة، وتكمن أهمية هذا الموقع في طبيعة عناصره المعمارية وجمعه بين البيوت والمدرجات الزراعية الكبيرة، وكذلك هندسته القيمة المتمثلة في جدران الدعم والحماية والسدود التي كانت مخصصة للتحكم في مياه الأمطار، وتشمل قائمة المواقع الأثرية في منطقة حتا، «القرية الإسلامية» والتي تضم مجموعة من البيوت إضافة إلى مسجد يقع على ربوة عالية، وتميزت هندسته المعمارية بجدران الدعم والحماية التي تعود بشكل مبدئي إلى العصور الإسلامية المتوسطة والمتأخرة في الفترة من القرن السابع عشر وحتى القرن التاسع عشر الميلادي، وتعتبر «القرية الإسلامية» نموذجاً يكشف عن أسلوب حياة بعض سكان حتا إبان العصور الإسلامية المتأخرة.

Email