تستضيف مدينة دبي معرضاً مميزاً، هو الأول لأبرز نحاتي الزجاج، الفنان الأمريكي دال شيهولي، الذي عكف خلال مسيرة مهنية امتدت ستين عاماً على ابتكار صياغات جديدة لنفخ الزجاج بألوان وأشكال تتحدى الأفكار التقليدية وتكشف عن القدرات الجمالية للمادة، مبدعاً بعضاً من الأعمال الأشهر في الفن المعاصر.

ويمثل المعرض المقام للفنان في غاليري «ليلى هيلر» بدبي تحت عنوان «شيهولي:

أربعة عقود من الأعمال المبدعة» شهادة حية على سعي الفنان الدائم لدفع حدود فن الزجاج عبر إبداعات ساحرة تجسدها مجسمات ضخمة وأعمال دقيقة متميزة، دأب الفنان على صنعها من عام 1985 إلى 2023، أي خلال أربعين عاماً من مسيرة طموحة، يصفها النقاد، بأنها وضعت معياراً للزجاج في الفن المعاصر وأعادت تعريف لغة التجريد المتعارف عليها.

تقنيات

وفي المعرض، المستمر حتى 24 سبتمبر المقبل، مجسمان كبيران أبدعهما شيهولي حديثاً، وأكثر من 50 منحوتة في الزجاج.

بالإضافة إلى أعمال ثنائية الأبعاد، تجسد كل قطعة تقنيات الفنان المبتكرة واستخدامه الجريء للون والشكل، وتلك نجدها في أعماله، سواء في سلاله الشهيرة وأشكاله البحرية الدقيقة، أو أعماله العفوية بالألوان النابضة «الماكيا»، والأسطوانات الناعمة، ومحار اللؤلؤ الرائعة، وغيرها.

تعيد منحوتات دال شيهولي الزجاجية الضخمة تعريف المساحة الموضوعة داخلها برقصة ساحرة من الضوء والظل، سواء كانت متغيرة أو أحادية اللون، ونشاهدها تعيد تشكيل البيئات المحيطة بحضورها المضيء.

كما نطلع على رسوماته «رسومات الضوء» والتي توفر إطلالة على نشأة إبداعاته، وتلك الروائع ثنائية الأبعاد تعمل على ترجمة رؤاه إلى أعمال شغب من الألوان والأشكال الديناميكية كنسيج من إلهام.

معيار جديد

وكان شغفه بالوسيط الزجاجي قد قاده إلى عقود من التجارب التي نقلت أعماله بعيداً عن التقاليد نحو استنباط أشكال عضوية، كما إلى الدفع بحدود الحجم لإنشاء تركيبات معمارية ضخمة تدرس قوة الشفافية والضوء العابر للون.

رسم وعمارة

ويعد الرسم أساسياً في ممارسة الفنان، مستخدماً تنوعاً من الوسائط بما في ذلك الاكريليك والألوان المائية والفحم والجرافيت، وحتى النار لإنشاء أعمال فنية تعبيرية ثنائية الأبعاد، كذلك اهتمامه بالهندسة المعمارية وكيفية تفاعل الشكل مع الضوء والفضاء.

وفي جميع أعمال شيهولي، تتفاعل تركيباته الفنية الطموحة الموجودة في الأماكن العامة والمتاحف والحدائق النباتية في أنحاء العالم بشكل متناغم مع بيئاتها، وتؤثر في التصورات المكانية بإلهام تجارب أكثر عمقاً.

سر الزجاج

وغالباً ما أشار الفنان في أحاديثه إلى سر الزجاج وسحره، قائلاً «عملي إلى اليوم يدور حول مجموعة بسيطة من الشروط: النار والزجاج المنصهر والتنفس البشري والعفوية وقوة الطرد المركزي والجاذبية».

وهذه كلها تتقبل الطابع الفوري للزجاج ولا سيما ميله إلى الاستجابة لأدنى الفروق الدقيقة في الضغط الناتج عن أدوات منفاخ الزجاج. ويوضح شيهولي أنه «إلى جانب هذه الخاصية الإيمائية هناك استجابة مباشرة للتنفس البشري»، وهذا هو الفن ثلاثي الأبعاد الوحيد الذي يفعل ذلك، كأنه عمل من أعمال الطبيعة أكثر من كونه مشغولاً بيد فنان.