«قبل الطبيعة» معرض يترجم لغة الحجر ويروي قصص صخور الإمارات

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

«كل حصاة صغيرة على الأرض فريدة من نوعها، وهذا نوعٌ من الجمال، الذي يسود الطبيعة من حولنا، ويحتضن تأملاتنا ولحظاتنا العابرة، ليبقى الامتنان قيمة روحانية تنعش ذاكرتنا بين الحين والآخر»..

هكذا افتتح الفنان النرويجي كامران سميمي حديثه مع الـ«البيان»، حول ممارساته الفنية، ومراحل تنفيذ معرضه الفردي الأول في إمارة دبي، الذي جاء بعنوان «قبل الطبيعة (أنا المبتكر والمدمر)» واستضافة غاليري «الخط الثالث»، في منطقة السركال أفينيو.

يحمل معرض «قبل الطبيعة (أنا المبتكر والمدمر)» بين طياته، العديد من المضامين الفلسفية، والسرد المختزل لذاكرة المكان والزمان، عابراً على أوتار المشاعر والانفعالات المرتبطة بفكرة التكوين والتطور، كونه يغوص بعمق في التفاعل المعقد بين التقاليد القديمة والطموحات الحديثة، حيث أكد كامران سميمي:

«إن فكرة المعرض الرئيسة تتمحور حول اندماج السرد الثقافي المتنوع، عبر محاولاتي الفنان لإدخال الحياة في القصص الكامنة المنسوجة في المناظر الطبيعية، استكشفتها بعيداً عن التقاط الجوهر اللامادي للمواد الطبيعية، عبر قضائي ثلاثة أسابيع للتحضير للمعرض في دبي، والتقاط صخور متنوعة من البيئة الإماراتية، بهدف دمج المطلعين على أعمالي بالقوى الخفية التي تشكل وجودهم».

تجارب مؤثرة

ويضيف سميمي: أشعر بالامتنان العميق والتقدير نحو كل من ساهم في تقديم أعمالي ضمن معرضي الفردي الأول في إمارة دبي، وأخص بالشكر غاليري «الخط الثالث» السركال أفينيو، وأعتقد أنها من أكثر التجارب المؤثرة بالنسبة لي على صعيد ممارساتي الفنية، التي ربطتني ببيئة دولة الإمارات. وإضافة حقيقة لهويتي المتعددة الثقافات، فأنا نرويجي من أصل إيراني.

ونشأت وترعرعت في ريف هاواي، ما ساهم في تعميق سردي لتضاريس جبال الإمارات، وتجذر ممارستي في إحساس عميق بالمكان، وتقديم أعمال تتمتع بهذا الاندماج الخفي مع أشكال الطبيعة العضوية لجبال وصخور الإمارات، لإنتاج سلسلة لوحات «الترجمات»، ضمن سياق المعرض أيضاً، جانب منحوتته «العمود الغير المكسور» من الحجر الجيري، تم تركيبها في الهواء الطلق في «اليارد» في السركال أفينيو.

ويوضح سميمي: باستحضار دورة حياة الصخور، سواء كانت ديناميكية أم هادئة، أقوم بوضع علامات، وتشكيل، وتوسيع على شكله، وفقاً لهذا التفاعل، مع التأكيد على شخصية الحجر الأصلية وأناقته الفطرية، عبر معالجة بعض هذه السطوح بعناية بمستحضرات من ورق ذهبي من اليابان، والصبغة الزرقاء من مناطق متفرقة من دبي والشرق الأوسط، إلى جانب أحبار من الهند.

وتلك المواد مجتمعة، تسلط الضوء بشكل أكبر على فرادة الحجر ووجوده، فكل حجر له إرادته ونبضه الخاص.

صور بصرية

وحول أهمية حضور أعمال فنية أو نحتية توثق للذاكرة البصرية لعلاقتنا مع الطبيعة والبيئة من حولنا، يقول سميمي: غالباً ما أتساءل أين يمكنني العثور على آثار أسلافنا في هذا العالم العابر.

أعتقد أنه إذا كانت تكمن في مكان ما، يجب أن تكون في الصخور، الأرض، المطر والأشجار. من خلال التفاعل مع هذه الصخور الكبيرة، أتأمل في العلاقة بين الروح والمادة. ليكون القماش، والطلاء.

وكذلك الخشب والصخور، وسيلة للتواصل والتوثيق، وإيماءاتي الفنية من منحوتات ولوحات، تفسر وتترجم القصص التي تحكيها هذه الحجارة والصخور، وتحول ممارساتي الفنية رحلاتها على هذه الأرض إلى صور بصرية، تحمل بصمة المكان المتفردة بطابعها وتكويناتها، كما هو الحال مع النقوش التي استوحيتها من تكوينات صخرية في وادي شوكة، والمناظر الجبلية شمالي دبي.

وفي ما يتعلق بإضافة 3 لوحات تشكيلية تشبه الخرائط وذات حركة تعبيرية متصلة لقصة ترويها الحجارة بعنوان «الترجمات»، إلى جانب المنحوتات الصخرية في المعرض، يقول سميمي: انطلقت في رحلتي البحثية والاستكشافية، متأثراً بالهندسة المعمارية المعاصرة في دبي، إلى ما حولها من بيئات جبلية في وادي شوكا، هو منطقة جبلية جافة جداً وصخرية.

وكانت مشبعة بالغاية. كنت مُندهشاً بجمال تلك الحجارة القديمة الدقيق، وصخرية، وقمت بفرك سطح القماش بأقلام الزيت، مختاراً بشكل غريزي الألوان التي استخدمتها، بهدف الغوص في سرديات الذاكرة والتاريخ المنسوجة في جذور المدينة، وباتت الصخور المتناثرة عبر الصحراء المحيطة، ووسيلتي للملاحظة الدقيقة لإحياء روح المناظر الطبيعية، والجوهر اللامادي للمواد من حولنا.

طاقة الحجر

وبما يتعلق بفكرة الانتماء للطبيعة والذاكرة البصرية، التي تستحضر جذوره ونشأته في ثقافات متعددة، وتأثير ذلك في ممارسته الفنية وبصمته في مجال الفنون البصرية، يعتقد سميمي: شعرت أن العالم الطبيعي هو مكان يمكنني الانتماء إليه، وكنت حراً في أن أكون نفسي، وأستكشف وأجرب. أشعر يوماً ما أنني أندمج عاطفياً أو اجتماعياً في هاواي.

ومع ذلك، أتاح لي الوقت الذي قضيته في الطبيعة مع عائلتي، الفرصة لزيارة البراكين، أو جمع أحجار البازلت مع والدي، وتلك كانت إحدى الذكريات والتراكمات الوجدانية التي تترجم طابع أعمالي، التي صنعت معظمها من حجارة البازلت، التي أعمل على تقطيعها بدقة، وتركيبها بطريقة مختلفة قليلاً.

ثم أغلفها بصبغة النيل الزرقاء، أو بورق الذهب، كعملية شفاء لتكريم الفضاء الداخلي، الطاقة داخل الحجر التي كشفتها الآن للعالم.

وبالنسبة لي، حجر البازلت هو الأكثر قيمة، أما الذهب، يمكنك شراؤه من المتجر. أما تكوينات الحجر المستخدم، هي نسخة فريدة وغير متكررة، وبالتالي، فهو لا يقدر بثمن، فالتباين بين الموارد وكيف نتفاعل مع عالمنا، وكيف ندير ما نجده، يثير السؤال حول ما هو جدير بالقيمة، وما هو لا قيمة له.

 

Email