الفيلم القصير سرد يدمغه التكثيف والإيجاز بدأ إنتاجه في سوريا منذ 3 عقود تقريباً، وعلى الرغم من إقبال الشباب على خوض غمار هذا الفن والدعم الذي يلقاه، فإن تجارب إنتاج هذا النوع لم تصغ رؤى فنية قادرة على الاستمرار بسبب عدم إقبال القطاع الخاص على إنتاج هذا النوع من الأفلام.

قص مقتضب

وقال المخرج السينمائي السوري عصام الداهوك لـ«البيان»: إن الفيلم القصير ينهض على إضاءة لحظة خاصة وحاسمة في حياة الشخصية، وفي هذه اللحظة يكون الصراعُ في أوج احتدامه، هي اللحظة المفتَرق، وهي لحظة كشف لأنها تفصحُ عن خبايا النفس، وتطلعات، وتوق، وأحلام الشخصية، وتوضحُ موقفَ الشخصية من الأحداث، والظرف المحيط، والشخصيات الأخرى، وهذه اللحظة، أيضاً، تحيلُ الذاكرة إلى لحظة القص في السرد الفني باحتسابها (لحظة تنوير).

وأضاف الداهوك: «إن هناك باحثين كثراً يربطون بين فن الفيلم القصير وفن الأقصوصة، في الفيلم القصير سرد بصري رشيق، دمغتُه التكثيف والإيجاز، وطاقة الإيحاء في الصورة لا استطراد ولا إطالة وأحياناً لا تفسير ولا إيضاح في الفيلم القصير كأنه «القص المقتضب»، والفيلم الطويل هو القص الضافي (الرواية)».

تجارب

واستطرد: إن فن الأفلام القصيرة وافدٌ إلى منطقتنا العربية، وبدأت في سوريا منذ نحو ثلاثة عقود تجاربُ في هذا المجال ولكنها لم تؤسس أو تصغ رؤى فنية قادرة على الاستمرار والتطور، فصناعة الفيلم القصير تقتضي وجود شركات إنتاج تتبنى هذا النوع من الفن، وحيث إنه لا شباك تذاكر للأفلام القصيرة (ما ثمن تذكرة الدخول لمشاهدة فيلم مدته دقيقتان؟) لذلك فإن الشركات الخاصة عادة لا تنتجُ أفلاماً قصيرة.

وتابع الداهوك إن «هذا الفن ما يزال من ناحية المفهوم الفني قيد النقاش والجدل إذ لا توجد بحوث متخصصة انضجت هذا المفهوم وضبطت هذا المصطلح».

وأشار الداهوك إلى اهتمام جيل الشباب في سوريا بإنتاج أفلامهم الخاصة المصورة بكاميرات الهاتف المحمول، ونحن حريصون على عرض هذه الأفلام ولكنها لا تخلو من مطبات فنية ولعل أبرزها الارتجال والتجريب ما يعني أن هذه الأفلام أيضاً لا تسهم في تأسيس لهذا الفن.

قال الروائي وكاتب سيناريو أفلام قصيرة فرحان ريدان «إن الفيلم القصير نوع سردي بصري، نوع من الأجناس السردية، وإذا كانت اللغة هي الوسيط، بين النص والمتلقي، في السرد القصصي، فإن الوسيط هو الصوت والصورة، بين الفيلم والمتلقي، في الفيلم القصير، الصوت بما يعنيه من حوار وموسيقى ومؤثرات طبيعية، والصورة بما تختزنه من طاقة إيحاء وظلال ونور ولون وحركة».

وأضاف ريدان: إن فن الأفلام القصيرة في سوريا ليس في أفضل أحواله، وأرى أن تطوره بطيء، ويمكن لفن الفيلم القصير أن يتطور إذا اهتمَّتْ بإنتاجه ودعمه مؤسسة ثقافية عامة أو مؤسسة إنتاج فني خاصة. ولفت إلى أن دعم إنتاج الأفلام القصيرة يبدأ بداهةً بتوفير المعدات والأجهزة التقنية اللازمة ودفع أجور طاقم الإخراج وطاقم التصوير والطواقم الفنية الأخرى وأجور السيناريست والممثلين والاهتمام بالدعاية والإعلان والترويج الإعلامي للفيلم المنجَز.