يعيش عالمنا الحديث تحولات وتطورات سريعة أثرت في جميع مجالات الحياة، بما في ذلك المجال الفني، حيث تحتل الفنون الرقمية مكانة متميزة، بعد أن باتت وسيلة تعزز جهود تقارب الشعوب وتعزيز التواصل بين الثقافات المختلفة، ويبرز هذا جلياً في دبي ودولة الإمارات، حيث تبرز الفعاليات المتخصصة، المتنوعة، قيمة هذه الأنواع الفنية في تعزيز تواصل الثقافات وحوارها ونشر السلام والانفتاح.
وتشهد هذه النوعية من الفنون، مراحل تطور واغتناء متميزة في دولة الإمارات، جعلتها تكتسب ملامح وقوة تفرد وتأثير كبير تعزز من سماتها، حيث تتصف بكونها تقوم على توظيف التكنولوجيا الحديثة مثل الحواسيب والبرامج المتقدمة لابتكار أعمال فنية متنوعة وجميلة، وتناقش قضايا مهمة، كما تتضمن العديد من الأشكال المختلفة مثل الرسم الرقمي، والتصميم ثلاثي الأبعاد، والرسوم المتحركة، والفن الرقمي المتفاعل وغيرها، وتعتبر وسيلة فريدة وجذابة للتعبير عن الأفكار والمشاعر، مما يمكن الأفراد من دمج ثقافاتهم الشخصية مع التقنية الحديثة.
وفي هذا السياق أكدت الفنانة التشكيلية الدكتورة مريم كتيت أن أحد الأسباب الرئيسية لأهمية الفن الرقمي في تقارب الشعوب هو قدرته على توسيع نطاق المشاهدة والوصول إلى جمهور عالمي، فهو يتيح للفنانين والمبدعين العرض الفني عبر الإنترنت، مما يسهل نقل الرسالة الفنية والتواصل مع الجماهير في مختلف أرجاء العالم، وبفضل الوسائط الرقمية، تستطيع الفنون الرقمية أن تصل إلى شرائح وجماهير مختلفة، مما يعزز فهم الثقافات المتنوعة وتعزيز الحوار الثقافي.
وأشارت إلى أن الفن الرقمي يعمل على تقريب الشعوب وتعزيز الوحدة العالمية من خلال المواضيع الجمالية والرمزية المشتركة بين الثقافات المختلفة، فعندما يقوم فنان بإنشاء عمل فني رقمي يعتمد على العناصر الجمالية والتقنية، فإنه يفتح الباب أمام الجميع لاستكشاف وتجربة هذا الفن، بغض النظر عن اللغة أو الثقافة، وهذا التفاعل يساهم في دمج وتبادل الأفكار والقيم بين الشعوب ويعمل على بناء قاعدة متينة لفهم وتقبل الآخر.
وأضافت: «الفن الرقمي يمتاز بالتحرر من القيود الجغرافية والاقتصادية المرتبطة بالفن التقليدي، فبدلاً من الاعتماد على المعارض أو الغاليريات لعرض الأعمال الفنية، يمكن للفنانين الرقميين القيام بهذه العملية عبر الإنترنت بكل سهولة، وهذا يمنحهم فرصة للظهور والاعتراف بموهبتهم وإلهام القادمين الجدد، وبالتالي يعزز هذا الفن تفاعل الشعوب ويساهم في خلق مجتمع فني ديناميكي ومتنوع».
سمات وقدرات
الفنان التشكيلي حمد النعيمي قال: «بلا شك إن الفن الرقمي يساهم في التقريب بين الشعوب، ولكن يجب معرفة كيف وأين نستخدم هذا الفن ونسوق له، فمثلاً يمكننا من خلال «الرموز غير القابلة للاستبدال» إنجاز عمل فني يرمز لثقافتنا كعرب ويراه الأوروبيون أو غيرهم من شعوب العالم، ولا تكون لديهم أدنى فكرة عنه، مثلاً إذا قمت برسم شخص يرتدي الغترة والعقال، والكثير من الأمور الأخرى التي تعبر عن ثقافتنا وهويتنا، كلها تساهم في تعريف الشعوب بهويتنا وثقافتنا الغنية، وتجعل الآخر يقترب منا ويتعرف علينا بشكل أعمق».
وأضاف: «على سبيل المثال قمت بطباعة الرسومات الرقمية الخاصة بي على الساعات، والساعة معروف أن الغالبية العظمى من الناس تستخدمها في حياتهم اليومية وفي مختلف أنحاء العالم، وبذلك تمكنت من نقل الفن الرقمي الخاص بي من الإمارات إلى مختلف أنحاء العالم وعرفت عنه بطريقتي الخاصة».