دبي - رشا عبدالمنعم
تشكل الاستدامة ومساراتها في الفنون البصرية بدبي، حجر الزاوية لمفهوم الإبداع والتصميم والابتكار، تحت مظلة الاقتصاد الإبداعي والصناعات الناشئة، ومن هذا المنطلق يرسخ برنامج «تنوين» منذ العام 2013 ممارسات التصميم والابتكار كمرتكزات للتطور ضمن مجالات وجوانب متعددة تحت إشراف مركز تشكيل للفنون، وعبر النسخة الــ 10 من البرنامج تعاون 5 مصممين مع مجموعة من المهندسين والعلماء على مدار 11 شهراً، لطرح تصاميم منتجات عملية تشكل استدامة الخامات عنصراً أساسياً وملهمة في فكرتها.
وفي سياق مشاركتها ضمن البرنامج ابتكرت المصممة والمهندسة الميكانيكية تشينارا درويش تصميم طاولة طعام تحت عنوان «سلسلة الكيمياء»، وعلى حد قولها تجسدت مهمتها في إبداع تصميمات ترفع مستوى الوعي حول التحديات البيئية الملحة، وتعزيز المناقشات الهادفة، وتحفيز الناس على اتخاذ إجراءات إيجابية من خلال استخدام مواد صحية وآمنة ومستدامة برونق أنيق.
معامل محلية
وقالت تشينارا: خلال بحثي، تتبعت المعامل المحلية التي تعيد تدوير النفايات البلاستيكية، وحظيت بمناقشات مثمرة، وتعرفت على ممارساتهم لتطوير منتجات جديدة من النفايات الملاحية الصناعية التي يخزنها. قبل انضمامي إلى «تنوين»، بدأت في تطوير علامة تجارية تصنع أثاث الأطفال من النفايات البلاستيكية، وبعد انضمامي إليهم، قررت التركيز على البحث والتطوير في منتجي للمساهمة في تحقيق مستقبل أفضل.
وفيما يتعلق بمراحل تصنيع الطاولة المستدامة من نفايات البلاستيك تقول تشينارا: لقد احتفظت بجميع العينات لتذكرني بمراحل رحلتي، ففي البداية حاولت تكرار أشكال وأساليب ومجموعات ألوان محددة، ولكن كل نتيجة كانت تبدو وكأنها مصطنعة. وفي الورشة الخامسة من البرنامج، اخترت التركيز على لون واحد بظلال مختلفة. كان ذلك عندما وجدت نمطي الخاص، لقد استغرق الأمر من 20 إلى 30 تجربة لتحقيق الدقة التي تصورتها.
صلصال محلي
وعن تصميمها المستوحى من تراث الإمارات تؤكد المصممة مروة عبدالرحيم: مجموعة «المشكاة» عبارة عن مجموعة من ثلاث تركيبات إضاءة مطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد باستخدام مزيج من الصلصال المحلي والمستورد. المنتج مستوحى من طرق البناء التقليدية المتمثلة بالطوب الطيني، حيث يتم خلط الصلصال بالماء حتى ينتج عنه قوام بلاستيكي مرن، ثم يتم وضعه في قوالب وتركه ليجف في الشمس ويتصلّب في النهاية ليشكل قوالب بناء قابلة للتكدس فوق بعضها. تتألف «مجموعة المشكاة» من ثلاث وحدات إضاءة فريدة من نوعها، كل وحدة مصممة لتصوير مرحلة معينة في عملية تحوّل الصلصال.
مصباح الحناء
في حين تشير وفاء الفلاحي، وهي مصممة إماراتية متعددة التخصصات، إلى أن تصميم مصابيح «جذور» ترمز إلى الترابط، وتؤدي دور مصدر الغذاء للشجرة؛ حيث توفر مصادر التغذية الحيوية التي تسري كالدماء عبر الأوردة لتوصل العناصر الغذائية التي تبقي الجسد حياً كما أن الجذور تشير لجذور تراثنا، فهي صلة وصلنا بأصولنا.
وتضيف وفاء: يعد استكشاف مواد المستدامة من منطقة الشرق الأوسط الهدف الأساسي لمشروع الإضاءة الخاص بي، عبر مكونات مثل الفولاذ والبلاستيك القابل للتحلل والممزوج بالحناء القابلة للتحلل الحيوي، والتي تنسجم مع الموارد المحلية. كما يعزز تنوع الهيكل الفولاذي كفاءة استخدام الموارد، ويستعرض إمكانيات المنطقة للممارسات المستدامة. وتعمل تركيبات الإضاءة بمثابة محور مشترك، مستذكرةً شعور الألفة المليئة بالذكريات الجميلة في بيوت العائلة.
مكتب دائم
وفيما يتعلق بتصميم منتجات تقوم على مفهوم الاقتصاد الدائري، ابتكر كل من فنانة الخزف مريم العطار والمهندس الكهربائي محمد النجار تصميم «دروب» وهو عبارة عن رفوف أو مكتب دائم، ويؤكد محمد أن العمل يرتكز على الخشب والصلصال والأسمنت، واعتمد الصلصال كنقطة ارتكاز نظراً لخبرة مريم كفنانة تشكيلية تعمل بالفخار، كما يعتبر الخشب بتصميمه الأسطواني مادة مرنة ترمز للعمارة الوحشية التي شاعت في التصاميم الهندسية في دولة الإمارات في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، والتي لا تزال تشكل جزءاً من المشاهدة الحضرية في الدولة.
وتوضح مريم: سعينا في البداية إلى إنشاء دورة إنتاج مستدامة باستخدام الصلصال، ولكن عندما توسعنا في الإنتاج، أخذ الفخار يتشقق (وتأثر بحرارة الأتون العالية) ولمسنا حينها ضرورة تقليل المخاطر بهدف الاستمرار في إنتاج وحدات متطابقة ومناسبة للسوق؛ لذا، لجأنا إلى استخدام مخلفات الفخار في خليط الأسمنت، وقمنا باستعادة الأخشاب من بكرات الكابلات التي يستعملها مصنّعو الأسلاك والكابلات، واستغرق الأمر عدة تجارب لتحسين متانة الخشب ومرونته.