الاستمرارية والقراءة والتجربة الخاصة أهم العوامل المساعدة

المبدعون الشباب: الكتابة عالم يرتقي بوعينا

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتواصل الجهود في رعاية المواهب الأدبية، وتتلاقى الأهداف في تشجيع الشباب وتمكينهم في مجال الكتابة بكل أنواعها، ولذلك يبقى التوجيه أحد أبرز المعايير لتحقيق انطلاقتهم في عالم الأدب، من أجل تفعيل وتعزيز مسيرتهم الإبداعية.

«البيان» تعتبر منصة للكتاب الشباب وتساهم في تطويرهم وفتح الآفاق أمام إبداعاتهم، وهي أحد روافد دعم المبدعين الشباب من الكتّاب والمؤلفين ومختلف القطاعات الثقافية والإبداعية، وبذلك تترجم رؤية الدولة في الاستثمار في الشباب، وتعزيز استدامة التنمية، بما يمثلونه من مستقبل مشرق للثقافة.

«ذنب أبيض»

«البيان» التقت مجموعة من الشباب للتحدث حول أعمالهم الأدبية ومشاريعهم المستقبلية؛ وهم من أصحاب التجارب المتنوعة، فمنهم من نجح في إطلاق بعض إصداراته ومنهم من لاتزال نصوصه الأدبية قيد التنفيذ.

الكاتبة عائشة عدنان، الحاصلة على بكالوريوس أدب انجليزي من جامعة الإمارات تحدثت عن إصدارها الذي جاء تحت عنوان «ذنب أبيض»، قائلة: إنه يسبر أعماق المراهقين وما في صدورهم من حياة وأفكار، وكيفية نظرة الآخرين لهم، وبعض الأمراض النفسية التي لم ييتم تناولها بطريقة أدبية كنوبات الهلع.

محتويات مرئية

وقالت عائشة عدنان: أختار فكرة الرواية أو القصة وأسعى لأن تكون محببه للنفس ولها هدف معين. وفي سياق عملية التأليف تتخلق شخصيات الرواية بمرور الأيام ومع تبلور الأحداث، واعتمد على تطوير نفسي من خلال خبرات الحياة والكتب والمحتويات المرئية فهي تزيد من أفكار المرء وتلهمه كي ينسج عالماً بديلاً.

وقد واجهت بعض التحديات المادية والمعنوية في البداية، ولكني استطعت تخطيها بحكم حبي وشغفي للخيال والكتابة.

ملكة الكتابة

وتنصح عائشة الشباب بتنمية ملكة الكتابة لديهم، معتقدة أن طريقهم إلى ذلك يتحقق بأن يكتبوا من أجل أنفسهم أولاً، وأن لا يتوقعوا الكثير من الآخرين. كما تنصحهم بأن يكتبوا ما هو محبب لأنفسهم حتى لو كان غير مألوف، وأن يتحلوا بالصبر خلال فترة الركود الأدبي.

«تايم لاين»

من جانبها، رأت الكاتبة أمل الدرمكي، وهي طالبة ماجستير لغة عربية في مجال النقد والأدب، أن لكل كاتب جانب وذوق أدبي في الكتابة. وعن نفسها قالت: ميولي كانت باتجاه كتابة النصوص الأدبية القصيرة. وسعيت إلى تطوير قدراتي في هذا المجال من خلال المداومة على الممارسة والاستمرارية.

وقد واجهت عقبات لأني لم أشارك الآخرين فكرة الكتاب أو محتواه، كما أنني احتجت الرجوع إلى كتب الأدب في اللغة العربية لإصدار كتاب خال من العيوب اللغوية.

ومما لا شك فيه أن حبي وشغفي بالكتابة يجعلاني استمر في هذا المجال. وأنصح شباب اليوم بتفريغ الطاقة السلبية بالكتابة، وتجنب الشكوى والبحث عن الحلول عند الآخرين، لأن من لم يمر بنفس تجربتك لن يشعر بك، لذلك بعد الله ألجأ إلى الكتابة، ومع استمراري بذلك ألاحظ بأن هناك تطوراً مبهراً.

وأضافت: يحتوي الإصدار الأول للكاتبة بعنوان «تايم لاين» على نصوص أدبية قصيرة. كل نص منها يمثل موقفاً مر عليّ شخصياً في حياتي. وتم توثيق هذه المواقف باليوم والتاريخ والساعة. لذا، فالأحداث المكتوبة هي واقعية ويمر بها الكثيرون، وهذا أحد أسباب نجاح الإصدار لأنه قريب من مشاعر القارئ وقد يجد البعض نفسه بين الصفحات.

13 موضوعاً

ولفت الكاتب راشد سلطان الرفاعي إلى أن كل إنسان يحب الكتابة لا بد له أن يقرأ الكثير من الكتب لتعزيز أفكاره واكتساب الخبرة الكتابية التي تأتي مع الممارسة، إضافة لوجود الشغف وحب الكتابة وإظهار المشاعر المكبوتة بالكتابة وأن لا يستسلم، فكل شخص لديه حلم سيصل إليه بالرغم من كل العقبات وصعوبة المحاولات.

وقال: واجهت عدة عقبات في بداية الكتابة، منها كيف أبدأ بشيء مختلف، من فكرة وكلمات تجذب القارئ، وتواصلت مع العديد من دور النشر لنشر الكتاب، ولم نتفق لعدة أسباب منها أسباب مادية ومنها بسبب أزمة «كورونا»، فالبعض كان لا يستقبل إصدارات جديدة، ولكن في النهاية وبالصبر والإصرار على الإنجاز تم إصدار الكتاب.

وأردف: يتناول إصداري «على ممر القدر الذي سنغيره» 13 موضوعاً وهو ما بين الخواطر والمقالات التي تشجع وتدعم الأشخاص في حياتهم، وتساعدهم على الاجتهاد والاستمرار والمحاولة والتوكل على الله ليصلوا إلى أهدافهم وأحلامهم، فبالدعاء يتغير القدر.

«العدالة الظالمة»

وتدربت الكاتبة ملاك المرزوقي، وهي طالبة طب الطوارئ والإسعاف على الكتابة على يد الكاتب محمد خميس، حيث تمكنت بمساعدته من أدب الرواية، وفي هذا الصدد قالت: إنني أطور نفسي في مجال الكتابة من خلال البحث عن المفردات الجديدة والاطلاع على أساليب اللغة العربية المختلفة، وأختار محتوى الكتاب من خلال توجه الناشئة والشباب فكرياً.

ومع ذلك، واجهت عدة عقبات عند إصدار كتابي الأول، لكنها تلاشت بعد الإصدارات الأخرى، وإحدى هذه العقبات هي فقد الإلهام عند كتابة رواية طويلة والشعور بالملل، ما يؤدي إلى التأخر في التسليم.

مبادئ وأخلاقيات

وقالت ملاك المرزوقي: شغفي وإبداعي ومخيلتي الذهبية تعد من الأسباب التي جعلتني أستمر في الكتابة، وأقوم من خلال الكتابة بتوجيه الناشئين والشباب بصورة مبطنة نحو مبادئ وأخلاقيات لا بد من الالتزام بها وهذا يدفعني للكتابة بشكل مستمر، وأنصح الكتاب الشباب باختيار مواضيع كتابية تناسب قدرتهم الأدبية ليتمكنوا من اكتساب الشغف الذي ينمي مهاراتهم ويدفعهم للعطاء.

واشتركت الكاتبة مع مجموعة من الكتاب الشباب في إصدارها الأخير بعنوان «العدالة الظالمة» والذي يتناول قصة عن حادثة تسبب بها أحد الكتاب الثمانية الذين تم اختيارهم بعناية، وقد اختلفت فكرة الكتاب بشكل عام لإرضاء أذواق الأدبية بفضل تعدد طرق رواية الأقوال الروائية من شخص إلى آخر، مما يؤدي إلى المصداقية في طرح الفكرة، وقد نفذت جميع النسخ في معرض الشارقة الدولي للكتاب الأخير.

أساليب ومفردات

وأوضح عبدالله الخوري، وهو أحد المشاركين في كتابة «العدالة الظالمة» وطالب إدارة الأعمال في جامعة الإمارات، أن مشاركته في كتابة الرواية ساعدت على تطوير مهاراته الكتابية، وقال:

‏ قصة الرواية بوليسية تبدأ بمقتل فتى، ويأتي المحقق ويستجوب المشتبهين، وهم الكتاب، ولكل كاتب طريقته بالكتابة، وهذا ما يجعل الكتاب مختلفاً، وبما أننا مجموعة ساعدنا ذلك على اختيار القصة وأحداثها، ما أسهم في تنمية المهارات الكتابية لدي.

حيث كنت أحاول بأن تناسب قصتي أساليب سرد الكتّاب لقصصهم، وشجعني على الاستمرار في الكتابة الإحساس بمتعة ابتكار أحداث مشوقة تمتع القارئ. لذا، نصيحتي للكتاب المبتدئين تتركز على الاستمرار في القراءة للتعرف على أساليب ومفردات جديدة في الكتابة.

صعوبة النشر

من جهتها، تفضل الكاتبة مريم الجوهي في اختيار فكرة الرواية، أن تكتب جميع الأحداث مع أسماء الشخصيات لتكوين صورة مكتملة عن الكتاب. وبعد الانتهاء من الكتابة، تضع عدة عناوين لتختار الأفضل بينها، وقالت: أقرأ كثيراً ولعدة كتّاب لأطور من نفسي في الكتابة، وبالرغم من وجود الصعوبة في النشر في البداية، إلا أنني لم أفقد الحماس في الاستمرار.

وقد جمعت كل الكتب وعدلتها إلى أن حان الوقت لنشرها جميعاً، حبي للقراءة والكتابة وردة فعل القراء يجعلني استمر ومهما كانت التحديات يجب علينا تجاوزها والحمد لله تم نشر العديد من القصص القصيرة.

ومريم خريجة بكالوريوس في تقنية المعلومات، ولديها إصدارات بالعربي والانجليزي منها مشاركة في كتابة «العدالة الظالمة» و«سارة والدمية» ومجموعة قصص قصيرة بالإنجليزي للأطفال لتقوية لغتهم وتعليمهم مبادئ الأخلاق والاحترام.

فاطمة محمد: الأشياء من حولي ساعدتني على الكتابة

بالرغم من اختلاف التخصص، إلا أن حب الكتابة قاد الدكتورة فاطمة محمد، تخصص تربية وتعليم وطب أطفال، إلى المشاركة في عالم الأدب وشغف الكتابة، بكتاب بعنوان «من اثنين»، ويتحدث عن التفاصيل الحياتية والعائلية التي نعيشها يومياً.

لذا فعائلة «من اثنين»، هي فعلاً عائلة من اثنين، الأم التي أخذت دورها ودور الأب في التربية لطفلها الوحيد المصاب بـ مايكروبثولميا، وهو مرض يصيب العين بالعمى. وبذا هناك الكثير من التحديات والحديث الذي لا ينتهي عن حالة طفلها الذي يعاني مما يعتبره البعض إعاقة وهو ليس كذلك.

حيث لا وجود للإعاقات الجسدية التي يعتبرها البعض نقصاً، أو لعنة أو عرضاً من أعراض السحر. الإعاقة دائماً ما تكون في السلبية، أي حينما تسود السلبية في الحياة والانتقادات وننسى الأشياء التي يهبنا الله لنا كل يوم ونحن بصحة وعافية.

العربية الفصحى

وقالت د.فاطمة محمد: الأشياء من حولي هي التي ساعدتني على كتابة هذا الكتاب، من الأصدقاء، الأهل والدراسة، وكل ما مررت به سواء كان صعباً أو سهلاً يمكن التعايش معه. كما هناك تطوير النفس الذي يأتي من قراءة الكتب. وبما إنني كاتبة ومؤلفة.

فالكثير من القراءة تساعدني على التعلم، سواء على الصعيد الكتابي أو النفسي، كما أن أخذ بعض الآراء يفيد أيضاً. وأضافت: كانت هناك بعض التحديات، منها تحد ذاتي، بيني وبين اللغة العربية الفصحى، لأني لست جيدة كثيراً في التعامل معها.

أما ما يجعلني أستمر في الكتابة هو شغفي منذ الطفولة، وإلى الآن، في كتابة يومياتي في المدرسة والبيت، حيث إنني أجد الكتابة أسهل من الكلام، ونصيحتي للشباب: لا تستح إذا احتجت إلى أي مساعدة سواء كانت كتابية أو غيرها، السؤال معرفة وهو يحل الكثير من المعضلات، ويزيد الفرد علماً ودراية.

Email