«دبي لمسرح الشباب» نحو مرحلة فارقة نبضها الكوميديا

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

مر المسرح الإماراتي بمراحل عدة منذ نشأته في خمسينيات القرن الماضي على شكل تجارب عفوية وبسيطة كان يمارسها الصيادون والبحارة الإماراتيون، ليشهد تطوراً كبيراً في فترة السبعينات؛ حيث تأسست قواعده، في دبي خصوصاً، وصولاً إلى حراك نشطٍ قاده جيل من المسرحيين الموهوبين الذين وجدوا في الدولة حضناً داعماً لمواهبهم ومحفِّزاً على صقلها بالتحصيل الأكاديمي، فظهر المسرح القائم على دراسة في معاهد متخصصة، وبرزت فرق مسرحية أهلية متميزة، بينها فرقة المسرح القومي في دبي. كما شهدت تلك الفترة تألق العديد من الفنانين الإماراتيين.

وتنوع المسرح الإماراتي بين المسرح المدرسي والمسرح الجامعي، ومسرح الشباب، والمسرح العربي، ومسرح الطفل ومسرح المونودراما، وتألقت جميعها كأداة للتنوير وتأصيل الفن المسرحي في المجتمع.

وبرزت أسماء وفرق مهمة، وراحت عجلة تطور المشهد المسرحي الإماراتي ترتقي بوتيرة نوعية، وبرزت العديد من المهرجانات الهامة، ومن بينها مهرجان دبي لمسرح الشباب حيث يؤكد المتخصصون أنه يتجه نحو مرحلة فارقة تركز على الكوميديا الهادفة.

وفي إمارة دبي، تلتزم هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة» بصفتها الجهة الحكومية المؤتمنة على القطاع الثقافي والإبداعي في الإمارة بالعمل على خلق بيئة إبداعية للارتقاء بالفنون المسرحية على المستويات كافة، سواء المهنية أو على مستوى الكوادر أو التمويل، عبر ضمان تنمية مستدامة لهذا القطاع، والمساهمة في تعزيز قيم الفنون المسرحية بين المؤسسات الحكومية والخاصة وتشجيعها على الاستثمار الفني ورعايته، والمساهمة في وضع المسرح الإماراتي على الخريطة الفنية العالمية من خلال دعم وتعزيز التعاون الاستراتيجي مع المنظمات الثقافية والفنية المعنية بالفنون المسرحية في الداخل والخارج.

نجاحات كبيرة

وتُعَد «دبي للثقافة» رائدة وسباقة على مستوى المنطقة فيما يتعلق برعاية الحركة المسرحية، إذ تنظم العديد من المشاريع النوعية التي تُعنى بدعم الحركة المسرحية في الإمارات والمنطقة، وإتاحة المجال أمام الموهوبين من المحترفين والناشئين للمشاركة في العديد من الفعاليات التي حققت نجاحات كبيرة، خلال الأعوام السابقة، ومنها مهرجان دبي لمسرح الشباب.

وفي نسخته المقرر عقدها في أكتوبر من هذا العام، انتصرت دبي للثقافة للمسرح الكوميدي الهادف، لإدراكها أهميته كمسرح اجتماعي، وقدرته على اجتذاب الجمهور بشكل أكبر، لكن بوعي ومسؤولية.

فما رأي النقاد والمختصين بواقع المسرح الإماراتي؟ وهل تجد الأعمال الكوميدية الاهتمام الذي تستحقه من المسرحيين؟ وكيف يرون الحلة الجديدة لمهرجان دبي لمسرح الشباب هذا العام؟

يدعم الدكتور حبيب غلوم، أحد أعمدة الفن المسرحي الإماراتي، هذا النوع الهادف من المسرح منذ بداياته عبر التاريخ، حيث يقول: «هكذا بدأ المسرح، فرجوياً يحكي حكاية مسلية للناس من خلال حكائين خفيفي الظل يتقنون فن نظم الكلام والسرد، ويروون حكايات مسلية ينثرون البسمة كعلاج لطرح قضاياهم ومشكلاتهم الاجتماعية في تجمع حاشد قبل آلاف السنين عند الإغريق في قالب من التسلية والفرجة باستخدام أقنعة مختلفة ليتغلب في نهاية الأمر القناع الضاحك على العابس وهكذا سيعيش المسرح باسماً يحكي مرارة الواقع ويضحك عليه فنضحك معه».

سهل ممتنع

ويرى الفنان حسن يوسف، الممثل والمخرج الإماراتي وأحد خريجي مهرجان دبي لمسرح الشباب، أن المسرحيات الكوميدية هي روح المجتمع والانعكاس الجميل والمرآة الكبيرة لهموم المجتمع وقضاياه؛ وأنها «لا تعالج ولكنها تلمس الجرح وترمي الكرة في الميدان حتى تصل الرسالة المجتمعية الصادقة من خلالها إلى من يهمه الأمر». ويشير الفنان يوسف إلى أن المسرح الكوميدي من أصعب أنواع المسرح، فهي تقع في إطار «(السهل الممتنع)، فمن السهل أن تبكي الناس لكن من الصعب أن تضحكهم».

مشروع حضاري

وتشير الأديبة د. باسمة يونس، عضو لجنة النصوص والعناوين في مهرجان دبي لمسرح الشباب 2022، إلى أن هناك علاقة متميزة تربط الجمهور بالمسرح في الإمارات، وتقول: «انغرس المسرح الإماراتي في وجدان الإماراتيين كمشروع حضاري ضمن المشاريع التي تتبناها القيادة وتعوّل عليها في بناء وتنمية المجتمع. ولم يحظ مسرح بمحبة مخلصة مثل هذه المحبة التي يجدها في الإمارات.

و تضيف يونس: قدم المسرح الإماراتي أعمالاً كوميدية في أكثر من مناسبة، البعض منها في المهرجانات الرسمية. وهذه الأعمال، وإن كانت لا تزال قليلة عدداً، فهذا ليس بسبب تجاهلها، ولكن لإدراك الفنان الإماراتي بأن الكوميديا ليست سهلة وتحتاج كتابتها وتقديمها جهوداً أكبر من مجرد إضحاك الجماهير....

ويرى الدكتور هيثم يحيى الخواجة، الناقد المسرحي والكاتب السوري وعضو لجنة النصوص والعناوين في مهرجان دبي لمسرح الشباب 2022، أنه لنجاح المسرح الكوميدي وتحقيق أهدافه الفنية من جهة، والتأثير على الجمهور من جهة أخرى، لابد أن تعتمد أعماله على فن المفارقة؛ أي كوميديا الموقف، وأن تبتعد عن التهريج والحركات المجانية. وأردف: إن المسرح في الإمارات خطا خطوات حثيثة في التطور والتقدم، فقد حرق المسافات، وأثبت حضوره على الساحتين العربية والخليجية.

ياسر القرقاوي إنجازات كبيرة

أكد ياسر القرقاوي، رئيس مسرح دبي الوطني، أنه بالرغم من العمر القصير للحراك المسرحي في الإمارات العربية المتحدة، إلا أن الإنجازات المحلية والعربية والعالمية كبيرة وملموسة، بفضل جهود الأوائل الذين أسسوا لقطاع الفنون الأدائية بشكل عام، والجهود الطيبة في المسرح بشكل خاص.

وأضاف القرقاوي:الجماهير من مختلف الجنسيات لدينا، وخاصة العربية، تفضل المسرح الكوميدي، وجدير بنا الاهتمام بجميع أشكال المسرح بفنونه المختلفة، وأن نهتم كثيراً بـالكوميديا لأنها أداة جذب للجمهور المحلي الذي يعد ركيزة أساسية لسوق الفنون الأدائية في قطاع الصناعات الإبداعية.

 

Email