لؤلؤ الإمارات كنوز العمر

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يتعدى اللؤلؤ بريقه كواحد من النفائس المستخدمة في صناعة المجوهرات، إلى تاريخ وتراث وحكايات إماراتية مجبولة بالحنين وإيقاع أناشيد «النهامين» التي كانت تُغنى أثناء رحلات الصيد التي تصل إلى عدة أشهر، حيث يبحر الرجال في تلك الرحلات، وتبقى النساء في البيوت للاهتمام بالأسرة.

إنها حرفة مارسها الإماراتيون حيث كان الخليج مصدراً للرزق وهو ما جعل من تجارة اللؤلؤ الأكبر في الدولة والمصدر الرئيسي للدخل، فتركت هذه الحرفة آثارها في الحياة الإماراتية، حيث يتم استحضار ذلك الماضي الآن في العديد من الروايات الشفاهية أو في الكتب، بينما تدل المجوهرات المصنوعة باللؤلؤ على خصوصية مختلفة عن أي أحجار كريمة أخرى، وهو ما أكد عليه عدد من المتحدثين لـ«البيان» مشيرين إلى أن القصص القديمة المتعلقة باللؤلؤ حاضرة في الذاكرة الإماراتية، فهي حياة الأجداد وذكرياتهم وبطولاتهم في الغوص بالأعماق.

وصف المؤرخ والباحث الإماراتي الدكتور حمد بن صراي الغوص للبحث عن اللؤلؤ قديماً بالحياة، قائلاً: «وصل اللؤلؤ في حياة أهل الخليج، إلى أعماق الحياة الاجتماعية والاقتصادية، لفترة طويلة من الزمن حيث توقف في عام 1939 لأن اليابانيين بدؤوا يزرعون اللؤلؤ ويضربون بها أسعار الأسواق، فتوقفت معظم رحلات البحث عن اللؤلؤ في الإمارات، وبدأت تظهر تلك المهنة في الكويت والدمام في السعودية وغيرها من دول الخليج، وهذا الأمر شكل حافزاً لأهل الإمارات وعمان للعمل في بقية دول الخليج العربي، وبالتالي انهار الهرم الاجتماعي المبني على تلك المهنة».

وتابع بن صراي: «في المجتمع سمى الناس بناتهم على أسماء اللآلئ المستخرجة مثل «لولوة»، و«حصة» و«حصباء»، و«موزة» وغيرها من أسماء تدل على أنواع اللؤلؤ المستخرجة وعلى استدارتها وصفائها، ومن الممكن أيضاً أن يتم تشبيه إحداهن باللؤلؤة». وتابع: «كما شكلت رحلات الصيد قصصاً تعكس تحديات وعذابات تلك الحقبة، حيث من الممكن أن يذهب البعض في رحلات الصيد ولا يعودون».

قيمة كبيرة

وقالت مصممة المجوهرات والكاتبة حليمة الصايغ: «كما هو النفط الآن يشكل المرتبة الأولى في الاقتصاد، كانت تجارة اللؤلؤ تشكل المرتبة الأولى وصاحب ذلك حرف وتطورات اقتصادية أخرى، لكن أغلب كبار الشخصيات قبل قيام الاتحاد كان لهم علاقة مباشرة أو فرعية في اقتصاد اللؤلؤ، ونحن عائلة اشتغلت بالصياغة وكان جدي صائغاً وكان يشارك في سفن استخراج اللؤلؤ» وذكرت: «أثرت الحياة الاقتصادية على الوضع الاجتماعي وكان هناك استقرار وظائف ارتبط بالنوخذة والغواصين والتجار إلى آخر محطة وهو صائغ المجوهرات، وكان للؤلؤ قيمة توازي الألماس حالياً، وحتى اللؤلؤة كانت تورث كنوع من الادخار المالي».

وتابعت: «الآن أصبح هناك اختلاف بين وجود اللؤلؤ الطبيعي والزراعي أو حتى الصناعي، وبحكم تخصصي أبحث عن اللؤلؤ الطبيعي كون قيمته المالية أكبر ولجأت في بعض تصاميمي لاستخدام الطبيعي فهو ليس بدائري بل عشوائي، فإحدى هذه الحبات استخدمتها كجسد طائر وأوجدت تحفة بالتصميم».

توثيق

وصدرت في الإمارات العديد من الكتب التي توثق تجارب البعض مع اللؤلؤ مثل كتاب «لآلئ العمر» من تأليف حسن إبراهيم الفردان، الذي قال في مقدمة كتابه: «بالنسبة لتجارة اللؤلؤ وأسرارها ورجالها وأدواتها، فقد كنا نتعرف عليها في هذه المجالس وفي خارجها وحين كنا نصحب آباءنا إلى البحر، كنا نرى هناك ملحمة آبائنا وأجدادنا مع الطبيعة». واستعرض الفردان في كتابه قصصاً واقعية في تجاربه مع صيد وتجارة اللؤلؤ، وعرف بعدد من المشتغلين في حرفة اللؤلؤ التي وصفها بالجميلة، والذين كانوا يتخذون من منطقة «الراس» في بر دبي مكاناً لصناعتهم، بجانب عوائل أخرى في إمارات الدولة وتحدث بالتفصيل عن رحلات الصيد، ومغاصات اللؤلؤ «الهيرات» التي كانت تقصدها السفن الإماراتية.

Email