دراما المراهقين مساحة إبداعية حيوية نائية عن «الإنتاج العربي»

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

حكايات كثيرة تعودت الدراما والسينما العربية سردها على مسامعنا، حكايات تختلف في حبكاتها ومشاهدها، وحتى لهجاتها.

ورغم كثافة إنتاجها وضخامة ميزانياتها، إلا أن صنّاعها، لا يزالون على بعد مسافة طويلة من «دراما المراهقين والأطفال»، التي تبدو أشبه بـ«منطقة نائية» عن الإنتاج العربي، ما يضطر الصغار إلى اللجوء لجملة الإنتاجات الغربية وما تقدمه المنصات الرقمية، للحصول على «وجبتهم الدرامية»، التي عادة ما تصاغ بـ«أصابع غربية»، لم تدرك طبيعة المنطقة العربية وعاداتها وتقاليدها.

وهو ما انعكس سلباً على الصحة النفسية لجيل المراهقين والصغار على حد سواء، الذين اتخذوا من «أبطال الإنتاجات الغربية» قدوة لهم. أبناء الصناعة الذين تواصلت معهم «البيان»، أكدوا أهمية الالتفات لهذه الشريحة، التي تعدّ «الأكثر تفاعلاً مع العوالم الافتراضية والتقنيات الرقمية»، وأشاروا إلى ضرورة تخصيص ميزانيات لإنتاج أعمال تتناسب وتطلعات أبناء هذه الفئة.

تأثيرات

«المحتوى السينمائي والدرامي العربي الخاص بالمراهقين لا يزال يعاني من الضعف»، حقيقة يؤكد عليها المخرج حيدر محمد، صاحب سلسلة «شعبية الكرتون»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنة الإنتاج العربي مع نظيره التركي أو الكوري مثلاً».

ويقول: «الإنتاج الموجه للمراهقين والصغار قليل جداً عربياً، رغم ملاحظتي خلال السنوات الأخيرة مدى تحسن وتطور جودة صورة الأعمال المنتجة عموماً، إلا أن ذلك لم ينسحب على «النص» والأداء العفوي للممثلين، الذين يحتاجون إلى الكثير من العمل والوقت».

حيدر يؤكد بأن «تقديم محتوى عربي قريب في مستواه من الإنتاج العالمي، سيكون له تأثيرات إيجابية على المراهقين، الذين تعودوا متابعة الإنتاجات العالمية». ويقول: «حجم الميزانيات المرصودة للأعمال ومحدودية الوقت، لا تساعدنا كصناع محتوى على إنتاج أعمال عربية تنافس في مستوياتها جودة الإنتاجات العالمية». في حديثه فتح حيدر العيون على انعكاسات الإنتاج الدرامي والسينمائي

وكذلك المحتوى القادم من الخارج على الصحة النفسية للمراهقين والصغار، ويقول: «كان لعدد من الأعمال السينمائية والدرامية الغربية انعكاسات سلبية على المراهقين من حيث زيادة نسبة التنمر وتحفيز سلوك العنف، وذلك ناجم عن طبيعة الحبكة والقصة التي تستند إليها هذه الأعمال».

مبيناً إنه «في ظل غياب البديل العربي الذي يستطيع جذبهم ناحيته لا يمكن إلقاء اللوم على المراهقين لمتابعتهم هذه الأعمال». عالمياً، لا تكاد آلة الدراما والسينما تتوقف عن إنتاج أعمال مخصصة لهذه الفئة، ومع مرور الوقت استطاعت إثبات حضورها لديهم، وهو ما تتفق معه المخرجة نهله الفهد التي أكدت «ضعف دراما المراهقين والصغار العربية».

وقالت: «في الواقع، نحن متأخرون كثيراً في هذه الخطوة، ومعظم أبناء هذه الفئة يتابعون الأعمال التي تعرضها المنصات واليوتيوب، وهو ما يزيد من الضغط على أولياء الأمور لتكثيف رقابتهم، للمحافظة على الأبناء».

وأشارت نهلة إلى أهمية الالتفات إلى هذه الفئة. وقالت: «من الضروري تخصيص ميزانيات لإنتاج أعمال مكتوبة لهذه الفئة، بحيث تركز على القضايا التي تهم هذه الشريحة، وتعمل على محاربة التنمر والعنف، وتسعى إلى توعيتها أسرياً ووطنياً»، داعية في الوقت نفسه شركات الإنتاج إلى «المضي جدياً في إنتاج هذه الأعمال، في ظل كثافة الإنتاج العالمي، ووجود مهرجانات سينمائية مخصصة لأعمال المراهقين والأطفال». مبينة بأن تأثير هذه الأعمال يكون من خلال «الإنتاج المستمر والمتسلسل، ما يسهم في رفع مستوى الوعي لدى أبناء هذه الشريحة».

ذكاء وتفاعل

المخرجة والمنتجة حنان غيث، والمتخصصة في «برامج الأطفال» وصفت أبناء الجيل الحالي الذين ينتمون إلى «جيل الألفا»، بأن لهم «ملامح وشخصية مستقلة في اختيار ما يتابعون». وقالت: «هذا الجيل يتصف بذكائه في تفاعله مع التكنولوجيا وأساليب الرقمنة المختلفة، ويتعرف عليها مبكراً حتى قبل تعلمه أبجديات القراءة».

مشيرة إلى أن «الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي بات حالياً «واقع الأطفال»، بينما أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تشكل أسلوب حياتهم، وهو ما يجعل منه جيلاً متجدداً ومتغيراً باستمرار، قليل الكلام ولكنه كثير التفاعل في العالم الافتراضي». وأكدت حنان بأن ما يميز هذا الجيل هو «حبه للمحتوى السريع والمبسط وعدم ميله للبرامج التلفزيونية التقليدية.

فضلاً عن ثقته العالية بنفسه وباختياراته». وتقول: «طبيعة ونوعية اهتمامات هذا الجيل، تفتح العيون على تساؤلات عدة يجب مراعاتها قبل الشروع بكتابة وإنتاج أي عمل درامي أو سينمائي موجه لهم، لأن معرفة طبيعة المستهلك وشخصيته وتفاصيل حياته، يعد ضرورة لكتاب النصوص، الذين يتوجب عليهم مواكبة طبيعة التغيير الذي يعيشه أبناء هذا الجيل الباحث عن محتوى سهل وقصير ومبني على التقنيات التفاعلية».

ورغم اتفاقها مع زملاء المهنة على ضعف دراما المراهقين والأطفال، إلا أن حنان آثرت الإشارة إلى مجموعة مبادرات أطلت بها قناة ماجد، التي حملت على كاهلها مهمة إنتاج برامج محلية وكرتونية إماراتية. وقالت: «نشهد في الإمارات والخليج حالياً حراكاً فنياً جميلاً، فإلى جانب قناة ماجد، يوجد هناك تحركات سعودية لإنتاج قصص عربية تتوسد تقنية «الانيمي».

ولكن هذا الحراك لا يعفي من حقيقة قلة الدعم المادي الذي يعد من أهم عقبات الإنتاج في السوق المحلية». مشيرة أيضاً إلى إشكالية نقص «المواهب المحلية، بسبب غياب المعاهد المتخصصة في إنشاء جيل جاهز للإنتاج السينمائي»، قائلة إن كل ما يقدم هو نتيجة «اجتهادات فردية».

Email