واحة القوز

«كورت يارد» قصر ثقافي بروح اقتصاد دبي الإبداعي

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تتخذ العديد من الوجهات الثقافية منطقة القوز الإبداعية وطناً لها، لتستمد من سحر وجمال مدينة دبي دوافع جديدة، لما تقدمه من دعم في شتى حقول الإبداع، ولتكون ملاذاً للشباب والهواة والمحترفين، لعرض إبداعاتهم، ولمناقشة أفكارهم، ولتحقيق طموحاتهم وأحلامهم.

وتعد مؤسسة «كورت يارد» منذ عام 1998 الوجهة الأولى للموهوبين والشباب الناشئين والباحثين عن مجتمع يشبه أحلامهم، لمناقشة أفكارهم الفنية الفريدة، فهي أشبه بقصر عتيق للثقافة والفنون في قلب منطقة القوز الإبداعية، يروي قصة مدينة دبي ومجتمعها وثقافتها بلغة مجردة، عبر معمارها الهندسي الملهم، وفنائها المحاط بواجهات من الفولاذ والزجاج، كما تعد «كورت يارد» من أهم المحطات الثقافية والمبتكرة الريادية، التي تمثل وجهات دبي على خريطة الفنون العالمية.

حراك فني

وقد تغير المكان بشكل كبير منذ تاريخ تأسيسه على يد المهندس المعماري داريوش زاندي، الذي أشرف على إقامة العديد من المعارض الفنية واستوديوهات الفن.

وحول بدايات التأسيس لهذا الصرح الفني يؤكد داريوش زاندي مؤسس فناء «كورت يارد» أن حبه للفن بشكل عام بدأ خلال المرحلة الجامعية، وأثناء دراسته للهندسة المعمارية والتصميم الحضري في مدينة نيويورك، ويشير إلى أنه كان عضواً نشطاً في المشهد الفني في مدينة نيويورك في منطقة «سوهو» في السبعينيات، وانتقل بعد بضع سنوات إلى الإقامة في دبي، حيث عمل ببلدية دبي كمهندس أول ومخطط للمدينة عام 1981.

ويتابع داريوش زاندي: شملت مهامي ترميم المباني التاريخية، وتحويلها إلى متاحف، مثل منزل الشيخ سعيد، وقلعة نايف، ومتحف دبي، كما وضعت مخططات عمرانية رئيسية لإمارة دبي، وعملت في مشاريع لمعالم شهيرة مثل حديقة الصفا، وحديقة المشرف.

مبادرات تفاعلية

ويضيف داريوش زاندي: خلال السنوات الأولى من إقامتي في دبي أسهمت جنباً إلى جنب مع مجموعة من الأصدقاء المقربين والزملاء، بتطوير أول معهد فني في دبي، «مركز دبي للفنون»، وشغلت منصب نائب رئيس مجلس إدارة جمعية التراث المعماري الإماراتي لسنوات، كما استطعت تأسيس الاستوديو الإبداعي متعدد التخصصات Total Design.

ومعرض Total Arts، وهو ما يحقق حلمي في ابتكار مجتمع للفنون الإبداعية في دبي، وكان مفهوم فناء «كورت يارد»، الذي يشبهه الكثير من الزائرين بقصور غرناطة العتيقة، قائماً على فكرة إنشاء مركز مجتمعي متعدد التخصصات قابل للتطبيق، والذي يمكن أن يضم مجموعة متنوعة من الوظائف والمعارض والأنشطة الثقافية في مدينة تضم مختلف جنسيات العالم.

ويؤكد أن «كورت يارد» مكان يلتقي فيه الناس ويتفاعلون ويتعلمون عن بعضهم البعض أثناء الانخراط في الفن والثقافة.

قصة دبي

وفي ما يتعلق بالوصف العام للمكان يقول داريوش: يروي الفناء قصة دبي نفسها ومجتمعها وثقافتها بلغة مجردة، تم إنشاؤها بواسطة الهندسة المعمارية الملهمة المحاطة بواجهات من الفولاذ والزجاج. اليوم تتضمن المؤسسة معرضاً فنياً ومسرحاً بسعة 70 مقعداً، وبوتيك زهور وأكسسوارات منزلية فريدة ومتجر هدايا وطباعة واستوديوهات تصوير أفلام وتصوير ومساحات لمصممي الديكور الداخلي والفنانين.

ويوجد بوابتان تواجهان طريقين رئيسيين، بينهما فناء طويل محاط من الجانبين بعشرة مبان ذات واجهات مختلفة، تعرض الهندسة المعمارية للخليج، وهو ما يشكل جوهر الفناء. تتكون المباني نفسها من العديد من المكونات الأخرى، التي تم إنقاذها على مدى السنوات الـ 25 الماضية ضمن مبادراتي وأبحاثي المستمرة من جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة والخليج، والآن تم إعادة تصميمها بذكاء، والحفاظ عليها بشكل مثالي في «كورت يارد».

ذاكرة بصرية

ويوضح داريوش: يشكل مدخل الفناء مستطيلاً، ولا يفلت من مساحة بصر المشاهد، الذي يبدأ من تفاصيل ساحته ذات الأرض المرصوفة بالأحجار، والتي تتخللها في الوسط نافورتان معدنيتان تمتشقان الهواء، ليتراشق الرذاذ في محيط صحنها المرتكز على رؤوس أربع إوزات، لتتجمع قطرات المياه في ساقية من السيراميك الأزرق تتفرع أسفل النافورة، لتصل في ما بين النافورتين.

وعلى الضفتين، تتوزع المنحوتات والكراسي الحجرية والخشبية القديمة، التي تظللها خضرة وورود بشتى الألوان، والتي تمتشق الجدران المحيطة بالفناء. تتبع العين الخضرة لتتوقف على تفاصيل البناء، الذي ينتقل مع كل باب، من واجهة طراز معماري إلى آخر، من الإسباني إلى المغربي فالإماراتي، وغيرها.

 

Email