مكتبات دمشق العريقة تنسحب من المشهد الثقافي

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في ظل الواقع الصعب لسوق الكتاب في سوريا نتيجة الحرب والحصار والأزمة الاقتصادية، لم يكن غريباً، أو مفاجئاً، إعلان إغلاق مكتبة نوبل الشهيرة، بعد نحو نصف قرن من العمل لتلتحق بذلك بركب شقيقاتها اللاتي سبق وأن أغلقن أبوابهن خلال السنوات القليلة الماضية وتحولن إلى متاجر أو مكاتب صرافة أو حتى مطاعم.

وكانت قد سبقت «نوبل» إلى إغلاق أبوابها عديد المكاتب العريقة «ميسلون» و«اليقظة» و«الزهراء»، و«عالم المعرفة»، و«الذهبي». إن الوضع الاقتصادي للسوريين نتيجة تداعيات الأزمة وتأثيرات الحرب على الحياة وأسعار الاحتياجات المعيشية، وتدني الأجور مقارنة بسعر الصرف، وارتفاع أسعار الكتب إلى درجة بات من الصعب معها اقتناء كتاب بالنسبة للشريحة المهتمة بالثقافة، من موظفين، أو طلبة، أو ممن يطلق عليهم «ذوي الدخل المحدود»؛ وهي في مقدمة الأسباب التي تجبر مكتبات عريقة على الإقفال، نظراً لتراجع عمليات البيع، إذ لم يعد باستطاعة مالك المكتبة تغطية نفقاته الضرورية، وحين يصل ثمن الكتاب إلى أكثر من 20 ألف ليرة مع الحسم، وهو ما يعادل أجر موظف لمدة أسبوع لهذه الشرائح، يفضل هؤلاء الذهاب إلى شراء حاجات أكثر ضرورة لحياتهم اليومية.

«ما في سوق»

«البيان» حاولت استطلاع آراء عدد من أصحاب المكتبات في قلب العاصمة، مثل «شاشاتي» و«النوري» وغيرهم دون أن تتمكن من الحصول على إجابات، إذ اكتفى هؤلاء بالاعتذار عن التصريح، مكتفين بالقول باللهجة المحلية «ما في سوق»، وغالباً لن تجد في المكتبة سوى صاحبها أو العاملين لديه.

مكتبات عديدة ومنها شهيرة في دمشق نحَّت الكتب جانباً، وعلى رف جانبي وُضِعت روايات لكتابٍ بارزين، يتعين أن تسأل لتعثر عليها، وقد اتجهت هذه المكتبات مع بدء العام الدراسي الجديد إلى بيع القرطاسية ومستلزمات طلبة المدارس.

مكتبات أخرى خاصة في ريف العاصمة وسّعَت أعمالها لتشمل تعبئة العطور، وبيع هدايا المناسبات إلى جانب تقديم خدمات تصوير الأوراق «فوتوكوبي» التي تؤمن لصاحبها دخلاً معقولاً مقارنة ببيع الكتب.

ثقافة استهلاكية

الروائي السوري خليل صويلح، رأى أن إغلاق المكتبات أبوابها، ليس حالة طارئة، فالأمر بدأ تدريجياً، منذ عقدين على الأقل، بمواكبة شيوع الثقافة الاستهلاكية التي استبدلت الكتاب بوجبة بروستد، أو طاولة للعب النرد.

وقال: في نهاية المطاف سيباع العقار بالمتر، وذلك بصرف النظر عمّا كان قبلاً، فلا فرق على الإطلاق بين رفّ لبيع الكتب أو رفّ لعرض الأحذية، بالنسبة لبورصة الصيارفة الجدّد، كما بات تحميل الكتب الإلكترونية مجاناً، وقرصنة الكتب، بديلاً للمكتبة القديمة، لكن جوهر الكارثة تتطور عكسياً بانهيار الطبقة الوسطى، هذه الطبقة التي كانت المكتبة المنزلية بالنسبة لها أساسية، قبل أن يصبح الميكرويف أكثر أهمية من الكتاب. ثم علينا ألّا نتجاهل القيم الجديدة التي لا تضع القراءة في صلب اهتماماتها، عدا كتب الطبخ والأبراج والروايات المسليّة.

تراجع كبير

صاحب «دار التكوين» للتأليف والترجمة والنشر سامي أحمد أكد أن الدار لا تعتمد على المكتبات المحلية لتسويق إصداراتها، نظراً للتراجع الكبير في نسبة المبيعات عن سنوات ما قبل الحرب، على الرغم من أن سعر النسخة من رواية ما لكاتب معروف في سوريا تصل إلى 17 ألف ليرة مثلاً «نحو 6 دولارات»، فيما تباع في الخارج بما يصل إلى 30 دولاراً.

Email