رمضانيّات بيت الشِّعرالتونسي.. قصائد وموسيقى تحت سقف واحد

ت + ت - الحجم الطبيعي

«نحب البلاد

كما لا يحب

البلاد أحد

ولو قتلونا

كما قتلونا

ولو شردونا

كما شرّدونا

لعدنا غزاة

لهذا البلد»

لا يخفى على عشاق الشِّعر، من المحيط إلى الخليج، أن هذه الأبيات تعود للشاعر التونسي الملقّب «شاعر البلد» الرّاحل محمد الصغيّر أولاد حمد الذي أسّس أول بيت شعر في الوطن العربي سنة 1993، ألا وهو «بيت الشعر التونسي» الذي أصبح مزارًا للشعراء التونسيين والعرب وحتى الأجانب. أدار «شاعر البلد» هذه المؤسسة إلى سنة 1997 ثمّ تناوب على إدارته الشاعر منصف المزغنّي والشاعر محمد الخالدي ويديره حالياً الشاعر أحمد شاكر بن ضيّة.

في قلب المدينة العتيقة في العاصمة تونس، داخل معلم تاريخيّ يُعرف بـ«دار الجزيري» شُيّد في القرن السابع عشر، اختارت وزارة الثقافة التونسية هذا المكان الرمزي مركزاً لبيت الشعر التونسي الذي ما انفك منذ تأسيسه ينظم التظاهرات الشعريّة، لعلّ أهمها «رمضانيّات بيت الشعر».

في العادة يجتمع الشعراء في «دار الجزيري» للاحتفال بالشعر لكن الظروف الصحية منعت كل الأنشطة الثقافية في رمضان 2021. إدارة «بيت الشعر» اختارت ألا تحرم محبي هذه المهرجان وقررت تنظيم السهرات عن بعد من 27 أبريل الماضي إلى 6 مايو الجاري يشارك فيه 72 ضيفاً من شعراء وموسيقيين وإعلاميين، من بيوتهم على منصات رقمية، لتأثيث سهرات شعريّة وفنيّة.

«البيان» اتصلت بمدير بيت الشعر أحمد شاكر بن ضيّة الذي أكد لنا أن الفكرة نابعة من محاولتهم التوفيق بين نقطتين: البروتوكول الصحّي الذي يمنع التجمعات من جهة وتمسكهم باستمراريّة هذا التقليد الشعري الرمضاني من جهة أخرى. فتظاهرة «رمضانيات بيت الشعر» تأسّست منذ أكثر من 20 عاماً وكانت فرصة تتعانق فيها الكلمات، أين تغرّد الأبيات وتشدو القصائد، في سهرات شهر رمضان المعظم.

يقول محدثنا إنه أراد، من خلال الالتجاء إلى الرقمنة والتواصل الحديث، إيصال رسالة مفادها أنه مهما كبرت الأزمات تبقى الثقافة هي القاطرة التي تجمع الناس وهي الملجأ لتنوير الفكر، عندما تنقطع كل السبل إلى ذلك.

لكل أزمة نقطة ضوء، فالجانب المشرق من منع التجمعات الثقافية بسبب الوضع الصحي، يقول محدثنا، هو أن هذه التظاهرة الرمضانية التي كانت وطنية، أصبحت، بفضل كورونا، عربية، لتشهد هذا العام مشاركات من لبنان والمغرب ومصر والعراق والجزائر إضافة إلى عدد من الشعراء التونسيين في المهجر، تحديداً في هولندا وفرنسا وأمريكا. من جهة أخرى شهدت هذه الدورة من «رمضانيات بيت الشعر» متابعة من الجمهور العربي الكبير.

شهدت التظاهرة افتتاحاً رسمياً مع وزير الثقافة بالنيابة الحبيب عمّار، كما تم برمجة عروض موسيقيّة ليلية مع أسماء بن أحمد، ياسر الجرادي، عادل بوعلاق، روضة بن عبد الله وغيرهم. من بين الشعراء العرب ضيوف «رمضانيّات بيت الشعر» نذكر عدنان الصائغ من العراق، ماجدة داغر من لبنان، فدوى الزيّاني من المغرب، ياسر الزيّات من مصر، سميّة محنّش من الجزائر، إضافة إلى عدد كبير من شعراء تونس مثل ياسين الحمزاوي، أسمهان الماجري، وليد أحمد الفرشيشي، لمياء المقدّم وغيرهم.

تندرج هذه السهرات ضمن برنامج تنشيط مدينة تونس وإحياء لياليها الرّمضانية، رغم التحديات الصحية، تحافظ تظاهرة «رمضانيات بيت الشعر» إضافة إلى طابعها الثقافي الإبداعي، على طابعها الترفيهيّ والسياحيّ، في انتظار أيام ينقرض فيها الوباء، لتعود أصوات الشعراء لتشدو داخل أسوار بيت الشعر التونسي.

Email