«طيران الإمارات للآداب» جلسات تمزج الأدب والفنون

ت + ت - الحجم الطبيعي

في رحاب الفن التشكيلي ومركز جميل للفنون بدبي، حط مهرجان طيران الإمارات للآداب رحاله، فاتحاً أمام زواره مسارات عديدة، لأن يطوفوا في معرض «زمن الذات» لشومون باسار لاستكشاف ماهية «الفرد» في عصرنا الآني، ومعارض أخرى لمجموعة من الفنانين مثل هيوا ك، سنوج دي ونمراتا نيوغ وديفيد هيرش وحسن خان، ليعرجوا من خلالها إلى دروب الأدب.

ويشهدوا مجموعة الفعاليات التي أقامها المهرجان في ليلته الأولى، ليؤكد من خلالها قدرته ودبي أيضاً على تجاوز التحديات وما أحدثه فيروس «كورونا»، من تغييرات في حياتنا اليومية. 

المهرجان أطل علينا، أمس، مجدداً، بتشكيلة واسعة من الفعاليات والجلسات التي استضافت ثلة من العارفين في الأدب، والفنون على حد سواء، حيث لقيت إقبالاً ملحوظاً من زوار المهرجان الذين وجدوا في رحابه المعلومة، وفرصة لاقتناء مجموعة من الكتب، التي فردتها إدارة المهرجان في الردهة الرئيسية لمركز جميل للفنون، حيث تقام فعاليات الأسبوع الأول من المهرجان، تمهيداً لانتقالها إلى فندق إنتركونتيننتال دبي فستيفال سيتي، نهاية الأسبوع المقبل.

منذ انطلاقته، تعد هذه هي المرة الأولى التي يوزع فيها المهرجان فعالياته على أماكن مختلفة من دبي، وحول ذلك قالت أحلام بلوكي، مدير مهرجان طيران الإمارات للآداب، لـ «البيان»:

«بعد مرورنا بعام صعب واجهنا فيه الكثير من التحديات، آثرنا هذا العام دعم المشهد الثقافي في دبي، من خلال إيجاد صيغة تكاملية، تمكننا من تجاوز هذه التحديات، وإعادة الروح إلى فعاليات المشهد الثقافي بدبي، من خلال التعاون مع مجموعة من المراكز العاملة في ذات المجال».

وأضافت: «تعاوننا مع مركز جميل للفنون، والسركال أفنيو، بلا شك يلبي طموحات المشهد الثقافي في دبي، من خلال تسليط الضوء على مجموعة من المواهب العاملة في هذا المجال». وعبرت أحلام بلوكي عن سعادتها بأن يكون مهرجان طيران الإمارات للآداب، بمثابة افتتاحية لجملة الفعاليات التي تقام سنوياً في دبي.

وقالت: «أعتقد أن من أهم ميزات الإنسان تكمن في قدرته على التأقلم مع أي وضع، وبالنسبة لنا فقد كنا آخر مهرجان يقام في 2020 على أرض الواقع في دبي، قبل أن يتجه العالم بأسره نحو الإغلاق، ونحن حالياً من أوائل المهرجانات التي تطل هذا العام، وتقام واقعياً على مستوى العالم، وبالتأكيد أن ذلك يثبت بأن دبي دائماً تكون سباقة في كل شيء».

رغم واقعية وحيوية فعالياته، إلا أن إدارة المهرجان عملت هذا العام على الدمج بين الجلسات الفعلية والافتراضية، لتتيح من خلالها الفرصة أمام الجميع لمتابعة الجلسات، وفي هذا السياق، قالت أحلام: «هذا العام لدينا جلسات حية وأخرى افتراضية، ولدينا مجموعة من المشاركات الدولية التي يقدمها كتاب وأدباء من مختلف دول العالم، والذي سينضمون إلينا خلال الأيام المقبلة عبر الجلسات الافتراضية».

وأشارت إلى أن المهرجان أصدر هذا العام تذاكر خاصة بالجلسات الافتراضية، لا يتجاوز قيمتها 100 درهم. وقالت: «الحضور الافتراضي أتاح لنا فرصة الوصول إلى كافة أنحاء العالم، حيث بات بإمكان أي فرد حول العالم متابعة الجلسات أينما كانت، وأعتقد أن هذه خطوة مهمة، تمنح المهرجان حضوراً عالمياً، وتكسبه زخماً أكبر، ليس على مستوى الدورة الحالية فقط، وإنما على الدورات المقبلة أيضاً».

سريان سياسة «التباعد الاجتماعي» في أروقة المهرجان، لم يمنع زواره من الاستمتاع بحديث الكاتبة الأمريكية من أصول هندية أفني دوشتي عن تجربتها الإبداعية التي تجسدت في رواية «سكر محروق»، حيث التقت الكاتبة جمهور المهرجان في جلسة امتدت لنحو 60 دقيقة، طافت خلالها في عوالم الرواية التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة المان بوكر.

حيث ألقت على مسامع الناس، بعضاً من مشاهد الرواية التي قالت عنها أفني إنها تجسيد لعلاقة متوترة بين أم وابنتها. وأشارت إلى أن أحداث الرواية تقع في مدينة بون بالهند، وتتبع محاولات أنتارا في التعامل مع التدهور الإدراكي لوالدتها تارا، والاستياء الحاد الذي نشأ عن شعورها بالإهمال.

وقالت: «سعيت في الرواية إلى تسليط الضوء على سؤال مفاده «من أنا؟»، كما حاولت أن أسعى إلى فهم طبيعة العلاقة بين الطرفين، وإلى مدى واقعيتها أو خلاف ذلك»، وبينت أفني في حديثها عن تركيبة الشخصيات، أنها سعت جاهدة لأن تصورها بشكل أمين، وأن تحاول أن تسبر أغوار عقلها قدر الإمكان، كما تطرقت أيضاً للحديث عن طبيعة التكنيك الذي اتبعته في كتابة هذه الرواية.

وفي ردها على سؤال حول طبيعة النصوص التي يمكن أن تعيد كتابتها أو حذفها من الرواية لو أتيحت لها الفرصة لذلك، قالت أفني: «في الواقع لا يمكنني تحديد هذه النصوص.

ولكن إذا أتيحت الفرصة أمامي، أفضل ترك النصوص كما هي وأن أشرع في كتابة نص جديد بالكامل، وبتقديري أن هذا هو الأمر الأهم، كونه يتيح لي تقديم عمل جديد»، وبينت أنها عادة لا تلجأ إلى عملية البحث كثيراً، أثناء الكتابة. وقالت: «أعتقد أن عملية البحث قد تضعف «العاطفة» التي يرتبط بها النص، وتحرمني ككتابة من تصوير هذه المشاعر في النص».

على الطرف الآخر، لم تكن جلسة أفني الوحيدة في المهرجان، فقد جادت الكاتبة والممثلة دانابيل غيتيريز، خلال تقديمها لورشة العمل «ألف كلمة» بما تمتلكه من معرفة في طرق كتابة القصائد والنصوص المستوحاة من الأعمال الفنية والمنحوتات، والمعروفة باسم «شعر الاكفراستي».

والذي يمنح الشاعر أو الكاتب الفرصة للانخراط في أي عمل فني أو منحوتة ما، واستخدامها كأداة تمكنه من كتابه النص الأدبي، وخلال الورشة سعت دانابيل إلى تعريف الحضور بتقنيات الكتابة حول الفنون، متيحة لهم الفرصة لاستلهام نصوصهم الخاصة من خلال مجموعة الأعمال المعروضة في مركز جميل للفنون.

الأمر كذلك انسحب أيضاً على ورشة عمل «أغنية ستيلا» التي قدمتها الكاتبة ستيفاني روبرت وزميلتها الفنانة جوجو آرت هاوس، حيث سلطت ستيفاني الضوء على كتابها الأخير «أغنية ستيلا»، بينما سعت جوجو لحث الأطفال والمشاركين على إطلاق العنان لخيالاتهم لمساعدتهم على الكشف عن إبداعاتهم الفنية، والتي يمكن أن تتواءم مع طبيعة النصوص الأدبية الموجهة للأطفال واليافعين.

Email