في الحلقة الـ 34 من البرنامج الوثائقي «قصتي»

محمد بن راشد حامي الاتحاد «مسؤولية تاريخية»

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

«في حياة كل إنسان فواصل، فاصل بين مرحلة وأخرى، فاصل بين حياة وأخرى، فاصل بين حلم وبداية حلم جديد»، تعبير فلسفي، آثر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، البدء به، ليكون مدخلاً صلباً لقصة «مسؤولية تاريخية»، الحاملة لرقم 21، في كتاب سموه «قصتي.. 50 قصة في خمسين عاماً».

هذا التعبير شكل مفتاحاً لشهادة تاريخية، يطلعنا من خلالها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، على ملامح الظروف التي كانت تحيط بالدولة في فترة البدايات، وكيف أسندت إليه «مسؤولية حماية الاتحاد».

مع بداية سرده للقصة، التي شكلت جوهر الحلقة الـ 34 من برنامج «قصتي» الوثائقي، المستلهم من كتاب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي تولى إنتاجه المكتب التنفيذي لسموه، ويعرض على شاشات تلفزيون دبي ومنصاته المتعددة، يقدم سموه مفتاحاً آخر لهذه الشهادة، بقوله: «كان الفاصل الرئيس في حياتي، بين مرحلة الفتوة ومرحلة الرجولة، هي كلمة راشد بن سعيد: محمد.. أريدك أن تكون مسؤولاً عن حماية الاتحاد».

قراءة

وفق السرد، فقد كان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، آنذاك، يقف على عتبة الـ 19 من العمر، ويقول سموه: «كنت أسمع وأقرأ في تاريخنا عن قادة عظام، قادوا جيوشاً وهم صغار السن، كأسامة بن زيد، وقتيبة بن مسلم وغيرهما، لكنني كنت أنظر إلى ذلك كخيال تاريخي، حتى تم إسناد هذه المهمة لي، وأنا ابن 19 عاماً فقط، تأسيس جيش لدولة بلا جيش، وتجهيز خطة دفاع لدولة لم تولد بعد، والعمل على توحيد قوات سبع إمارات. جيش يستطيع أن يملأ الفراغ الذي سيتركه البريطانيون، خلال ثلاث سنوات فقط، ويستطيع توفير حماية لهذه الدولة الصغيرة، في منطقة مضطربة».

عظمة تلك المهمة، كانت كفيلة بأن ترتقي بأفكار ومهارات سموه، والذي يؤكد أنه لم يكن خائفاً من هذه المسؤولية، حيث يقول: «ما كان يدهشني، أنني لم أكن خائفاً من هذه المسؤولية، بل أحسست بأنها ارتقت بأفكاري وتفكيري وإمكاناتي»، مبيناً أنه بدأ العمل فوراً لتنفيذ المهمة، ويقول: «أصدر الشيخ راشد، مرسوماً بتعييني قائداً للشرطة والأمن العام بدبي، في فبراير 1968، وشمل القرار انتقالي إلى المملكة المتحدة، للالتحاق بتدريب عسكري، كنت أسعى إلى أفضل تدريب عسكري أستطيع الحصول عليه».

مغادرة الإمارات نحو المملكة المتحدة، مثّل نقلة نوعية في مسيرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حيث كان يستعد لدخول معترك جديد، ويختبر حياة أخرى، تسهم في تنمية مهاراته وإمكاناته أيضاً، ويروي لنا سموه أنه اختار في البداية: «مدرسة اللغات العسكرية في بيكونزفيلد»، وإنه تم إجراء كافة الترتيبات خلال فترة قصيرة، ويقول: «سافرت إلى إنجلترا، ومن ثم إلى المدرسة في بيكونزفيلد، لأخضع للتقييم، كانت نتيجة التدريب البدني والمهارات صادمة لي، حيث استدعاني القائد العسكري، وأوضح لي أن مهاراتي ولياقتي ستكون أعلى من المشرف الذي سيدربني».

تدريب

تلك النتيجة، ساهمت في تغيير مسار تدريب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والذي طلب على إثرها اجتماعاً مع وزارة الدفاع في لندن، وبحسب تعبيره، فقد تقرر أن يسجل في «كلية مونز للضباط»، في ألدرشوت.

وهنا، يصف لنا سموه، كيف شعر بالراحة حيال هذا القرار. ويقول: «شعرت بالراحة، واتصلت بوالدي لأبشره بالأخبار السارة. كان أفضل ما في الأمر بالنسبة لي، ما سمعته عن كلية مونز، أن البرامج التدريبية فيها أقسى من غيرها.

وكنت مستعداً لبذل قصارى جهدي»، ويضيف سموه: «كانت مونز، الوحدة الملكية العسكرية 161، جزءاً من أكاديمية ساندهيرست لتدريب الضباط، وتم تغيير اسمها لاحقاً، لتصبح كلية مونز للضباط»، ويتابع: «كنا مجموعة النخبة، وظلت مونز القاعدة التدريبية الرئيسة للفرسان وقوات المدفعية في بريطانيا، ولكن بعد بضع سنوات من خروجي منها، تم دمجها مع ساندهيرست».

كوهيما

عبر سرده، يمنحنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، الفرصة لنعايش الأحداث، ويذكرنا بجزء من قصة «كوهيما»، التي أوردها سموه في ذات الكتاب، حيث يقول: «بعد انضمامي إلى سرية كوهيما، لم يكن لديهم أدنى فكرة عني، وقد كان هذا في صالحي، لأن حياتي سرعان ما أصبحت أصعب، عندما عرف قائدي المباشر هويتي، أعتقد أن أكثر ما كان يخشاه، أن يُقال إنه عامَلني بشكل مختلفٍ، محاباةً».

رغبة سموه بالتعلم، وإدراكه لطبيعة المسؤولية الملقاة على كاهله وأهميتها، جعله يتحمل المشقة والتعب، والألم البدني، ويقول: «عشقت المشقة، وتَعلمت كيف أتحمل الألم البدني، وقد جئتُ لهذه الغاية، وإن كانت الضريبةُ تشقُّقَ قدَمي، وإصابتي بالقروح الجلدية، بسبب البرد، وحرماني من النوم، وضيق وقت الطعام».

نشأة سموه في ربوع الصحراء، وتأقلمه مع أجوائها، ساعده كثيراً في تجاوز تلك المرحلة، ويؤكد لنا ذلك بقوله: «أما في ما يتعلق بالفحوصات الطبية، والتعامل مع الأسلحة، وقراءة الخرائط، فقد منحتني الصحراء أساساً مدهشاً، جعلني أتقن كل تلك الأمور».

صوت والده المغفور له، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، لم يغب عن باله، فقد ظل صداه يتردد في عقله وقلبه دائماً، مستشعراً بذلك عِظم المسؤولية، وفي هذا السياق، يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «كنت أسمع صوت والدي في عقلي وقلبي دائماً، ستكون مسؤولاً عن حماية الاتحاد! كانت تلك العبارة، تمنحني طاقة غير طبيعية، حتى لو تطلب الأمر أن أبقى مستيقظاً طيلة فترة التدريب القاسية، لأتقن كل شيء».

 

 

Email