السينما المستقلة في مصر ازدهار خارج معادلة شباك التذاكر

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

حالة فنية اعتبرها البعض في البداية غريبة وغير مألوفة على المُشاهد المصري والعربي وصناع السينما، وهي أن يقوم مجموعة من الشباب بتقديم فكرة حديثة واقعية تشبه الشارع وشباب المرحلة بتقاليدهم وعاداتهم وأفكارهم دون انتظار مردود أو إقبال جماهيري، وشغفهم عرض الأفكار مهما بدت غير مألوفة.

«أفلام السينما المستقلة» هي التسمية التي أطلقت هذا النوع من الأفلام ، وتعتمد على شركات إنتاج صغيرة ولكنها مؤمنة بالأفكار التي يتم تقديمها، وبالرغم من أنه لا يتم إنفاق ميزانيات طائلة على هذه النوعية من الأفلام، إلا أنها لمست أحاسيس وأحلام وأفكار الشباب، ونجحت في التحول إلى بوابة يمكن الاطلاع من خلالها على أهم المواضيع الراهنة والملحة، والمدهش أن عدداً من هذه الأعمال وصل إلى مهرجانات دولية كبيرة وحقق إنجازات فيها.

نشأة

كانت البداية مع أفلام مثل «ميكروفون»، «هليوبليس»، ثم «ليل خارجي»، الذي حصد أحد أبطاله جائزة أفضل ممثل في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي منذ 3 أعوام، وأفلام أخرى أثارت الجدل ولكنها حققت نجاحاً كبيراً مثل «ستاشر»، الذي شارك في مسابقة مهرجان كان في دورته الـ73، وحاز على السعفة الذهبية، وفيلم «كباتن الزعتري»، الذي شارك في مهرجان صندانس، واحد من أكبر المهرجانات السينمائية في الأمريكيتين، وغيره من المهرجانات الكبرى، وفاز بجائزة أفضل فيلم وثائقي عربي في مهرجان الجونة.

وفي عام 2021 ظهر فيلم «ريش» المثير للجدل، الذي استطاع حصد 3 جوائز بمهرجان كان في دورته الـ75، الجائزة الكبرى لـ«أحسن فيلم»، كما توّج المخرج عمر الزهيري بجائزة «أفضل مخرج»، إلى جانب جائزة «أفضل سيناريو» نالها كاتب الفيلم أحمد عامر، كما حصد جوائز أخرى بمهرجان قرطاج وغيره، كما كان آخر هذه الأفلام «سعاد»، الذي ترشح للعديد من الجوائز وفاز مؤخراً بجائزة أفضل ممثلة روائية دولية «بسنت أحمد - بسملة الغيش».

معاناة

وفي هذا السياق، قالت المخرجة دينا عبد السلام، إن صناع الأفلام المستقلة تكون لديهم من خلالها نظرة إنسانية للعمل الفني أكثر منها للتجاري، فيكون اهتمامهم منصباً على الإنسان وهو مصدر الإلهام الأكبر للعمل. وأضافت لـ«البيان»، إن الصعوبات في مجال الأفلام المستقلة وبخاصة الأفلام ذات الميزانيات البسيطة كبيرة، ولكنني ومع مرور الوقت بدأت أرى أن صانع الأفلام باستطاعته قهر تلك الصعاب بأشكال شتى، وأعتبر نفسي مثل المنتج المبتكر الذي يستطيع أن يبتكر طرقاً جديدة ويستجلب أفكاراً تساعده على تخطي الصعاب. وتستطرد المخرجة دينا عبد السلام قائلة: حاولت التغلب على تلك الصعاب التي يكون أغلبها مادياً من خلال حصولي على بعض المنح الصغيرة من مكتبة الإسكندرية في فيلمين، وأسهم ذلك بشكل بسيط، ولكن اضطررت أن أشارك في إنتاج تلك الأعمال لإنجازها، وأسهمت إحدى شركات الإنتاج الفني في إنتاج فيلمي الروائي الطويل «وش القفص»، كما شارك في إنتاجه أشرف مهدي.

وتضيف دينا عبد السلام: أما الدعم المعنوي فهو دائم ومستمر من الجمهور الذي يشاهد الأفلام في المهرجانات وقاعات المراكز الثقافية، وهناك دعم من بعض النقاد وصناع الأفلام والمتخصصين الذين رأوا في تجربتنا شيئاً يستحق الإثابة، مما يجعل تجربة الأفلام المستقلة تزدهر وتحاول أن تواصل نشاطها. وتؤكد دينا عبد السلام أن المنصات الإلكترونية منحت الفرصة لأنماط مختلفة وجديدة من الأفلام كان من الصعب عرضها في السابق على القنوات الفضائية، وبالتالي اتسع المجال وأصبح أرحب من ذي قبل، ولكنها أيضاً خلقت مجالاً شرساً تزداد فيه المنافسة يوماً بعد الآخر.

دعم

من جهته، يرى الناقد الفني إيهاب التركي أن أكبر ما تعانيه الأفلام المستقلة هو قلة الدعم والناتج النهائي الذي يأتي متواضعاً في بعض الأحيان، لكن أزمة الفكر والرؤية الفنية هي أكبر الأزمات من وجهة نظري؛ لأن هذا النوع من الأفلام لديه هامش أكبر من الحرية يحاول أن يستغلها بصورة مبدعة وخلاقة. وأضاف إيهاب التركي لـ«البيان»، إن أغلب إنتاجات أفلام السينما المستقلة تصل إلى العالمية وتنافس بجوائز مهمة كما رأينا في مهرجان «كان» خلال السنوات القليلة الماضية، ومهرجانات عالمية أخرى وتحصد جوائز مهمة، وبالتالي يجب أن يكون هناك اهتمام مادي بهذا النوع من الأعمال حتى تظهر بمظهر لائق عالمياً. وعن تحقيق هذه الأعمال للنجاح وإثارتها للجدل في بعض الأحيان، قال: «المنصات أصبحت تسهم بدور مهم في الترويج للأفلام المستقلة، وأصبح عدد كبير من هذه الأفلام متوفراً بالفعل على المنصات الإلكترونية وهذا بمثل دعماً لهذه النوعيات، بالإضافة إلى تواجد سينما زاوية خلال السنوات الأخيرة، التي ساعدت الصناع على الإبداع والتأكد من أن أعمالهم ستجد منصة سينمائية تقوم بعرض محتواهم.

أساس

يتعارض الناقد أمجد جمال مع ما قيل من قبل، ويرى أن فكرة الاستقلال السينمائي ليست متواجدة بمعناها الحرفي كيفما نشأت في هوليوود منذ سنوات، فالظروف الذي يتم بها إنتاج الأفلام المستقلة هي ذات الظروف التي يتم بها إنتاج الشركات الأخرى والفارق الوحيد هو تقليل التكلفة المادية، وإن اعتبرناها أعمالاً مستقلة فكرياً هي أمور نسبية ليست جميع الأعمال يمكن الحكم عليها بهذا الشكل.

وأضاف لـ«البيان»، أن الأفلام المستقلة أو ما يُطلق عليها ذلك هي ليست ذات جماهيرية وشعبية كبيرة حتى وإن كان يتم عرضها في سينما زاوية؛ فلا يمكن الحكم عليها من عرضها بدور عرض واحدة لا يزداد عدد المقاعد بها عن 1000 كرسي، وتظل في السينما لمدة أسبوعين، فهذا النوع من الأفلام ليس له جماهير عريضة، فالشعب المصري ذو عدد كبير جداً ومن يشاهد هذه الأعمال هي فئة نخبوية.

واستطرد، أنه بالحديث عن الاستقلال المادي لهذه الأفلام، فهي في النهاية يتم صناعتها بناء على منح يتم الحصول عليها من مهرجانات عالمية لأن تلك الأفلام تشبه أفكار هذه المؤسسات المانحة وتقوم بطرح الأجندات الخاصة بهم، وبالتالي نجد أن هذه الأعمال لا يتوقف إنتاجها، وبالتالي هي أفلام تُصنع لكي تبحث عن المؤسسة التي تدفع لها أموالاً حتى وإن كانت لا ترد، ويمكننا من خلال ذلك اعتبارها أفلاماً مخصصة للداعم وليست مستقلة كما يطلق عليها.

 

Email