شذرات من يوميات لا وجود لها 01

ت + ت - الحجم الطبيعي

كوباكابانا في ريودي جانيرو

التقيت، أنا وزوجتي، سيدة عند منعطف في شارع كونستانت راموس في كوباكابانا، وكانت في حوالي الستين من عمرها.. تجلس على مقعد متحرك، وبدت ضائعة وسط الزحام. فعرضت عليها زوجتي المساعدة، وقبلتها طالبة منا أن نصحبها إلى شارع سانتا كلارا.

كانت أكياس بلاستيكية قليلة تتدلى من مقعدها المتحرك، وبينما كنا نمضي إلى وجهتنا، حدثتنا أن تلك الأكياس كانت تحتوي على كل ما تملكه، وكانت تنام تحت واجهة المحل، وتحيا على ما ينفحها به أهل الخير.

وصلنا إلى المكان الذي أشارتا إليه، وكان هناك مشردون آخرون، فبادرت المرأة إلى إخراج زجاجات حليب من أحد الأكياس البلاستيكية، وأعطتها لهؤلاء. ثم قالت في معرض تفسيرها تصرفها:" الناس يحسنون إليّ، وأنا بحاجة إلى أن أحسن إلى آخرين".

هاكوني في اليابان

تمكنت من إقناع ناشر" ماساو ماسودا"، أن يدعوني أخيراً، إلى حفل شاي تقليدي. وهو يعتقد أنني لن أفهم هذا الحفل على الوجه الصحيح، إذ قال لي مراراً وتكراراً:" ما من شيء خاص يحدث هناك".

انطلقنا بالسيارة إلى جبل قرب هاكوني، فدخلنا غرفة صغيرة، حيث قدمت لنا أخته التي ترتدي زي الكومونو التقليدي، الشاي. وكان هذا هو كل ما هنالك، غير أن كل شيء ينجز بجدية بالغة ووفق نظام دقيق، إذ إن هذه الممارسة اليومية تتحول إلى لحظة توحد مع الكون.

وشرح معلم الشاي أوكاكوسا كاسوكو ما يحدث في المكان: "حفل الشاي إعجاب بما هو جميل، وكل جهده يتركز على محاولة الوصول إلى الكمال عبر أعمال الحياة اليومية المجردة من الكمال. وكل جماله يتمثل في احترام الأشياء البسيطة التي نقوم بها، إذ يمكنها أن تنقلنا إلى عليين".

إذا كان اجتماع بسيط لشرب الشاي يمكنه أن يدخلنا إلى عليين، فما الذي يمكننا أن نقوله عن الفرص الأخرى التي تتاح لنا في كل يوم ولا ندرك جوهرها الحقيقي، بحكم انشغالنا في تفاصيل الحياة الصغيرة والعابرة؟

Email