علاقات وثيقة ربطت البلاط الإنجليزي وممالك الشرق في القرن 16

إليزابيث والمسلمون..القصة غير المحكية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

استقبل ملك الإنجليز هنري الثامن في سنة 1233م، وليدته «إليزابيث». وتردد اسم اليزابيث حين جلست على عرش إنجلترا طيلة الفترة «من 1558 وإلى 1603»، وبمعنى أنها حكمت بلادها على مدار نصف قرن إلا قليلاً من عمر الزمان.

كان حكمها حافلاً بأحداث جسام وتحولات مشهودة، ولكن زمن إليزابيث الأولى، كما يسمونها - يعرفونه بدوره باسم العصر الذهبي للإبداع في تاريخ الأدب الإنجليزي. كيف لا وقد شهد العصر الإليزابيثي إبداعات ويليام شكسبير، في الشعر والمسرح، وإضافة إلى مسرحيات كريستوفر مارلو..وغير ذلك.

والحق أن هذه المآثر التي شهدها العصر الذهبي المذكور، هي التي ما برحت تتردد على كل لسان. لكن الجديد هو الذي يكشفه كتاب صادر في الآونة الأخيرة تحت عنوان لافت بكل المقاييس. العنوان هو«الملكة.. والسلطان»، للمؤلف الأكاديمي الإنجليزي ﭽيري بروتون، أستاذ دراسات النهضة (الرينسانس) في جامعة لندن.

وثمة عنوان فرعي يحرص المؤلف على إثباته مع تصدير الكتاب في العبارات التالية:«القصة غير المحكية عن إليزابيث والإسلام». (والمتصَّور هو علاقة ملكة إنجلترا سابقة الذكر والعالم الإسلامي في سنوات القرن السادس عشر للميلاد).

يضم كتابنا 11 فصلاً تكاد تفوح بعبق التاريخ. وعبر هذه الفصول يوضح المؤلف كيف أن استبعاد الملكة إليزابيث من إطار المذهب الكاثوليكي كان جديراً بأن يُسْلمها إلى شعور بالعزلة عن سائر أنحاء أوروبا (كأنما جاء بمثابة عملية بريكست خروج بريطانيا من إطار قارتها على نحو ما يحدث في أيامنا الراهنة).

والمهم أن لندن شعرت في ظل هذه العزلة بأن أواصرها التجارية أُصيبت في مقتل كما قد نقول، خاصة وقد كانت إنجلترا تعوّل كثيراً على أنشطة التجارة الخارجية عبر البحار، بعد أن أغلقت الأسواق التقليدية في أوروبا الكاثوليكية أمام تجار إنجلترا التي أصبحت تتبع المذهب البروتستانتي. وزاد الأمر خطورة تلك الخطوة العدائية التي اتخذها عاهل إسبانيا وقتها حين أقسم بأن يهدم قصر بكنجهام البريطاني على رؤوس شاغليه.

وهنا التفتت الملكة إليزابيث إلى الشرق - الشرق الإسلامي بحكم التعريف: أرسلت بعثة إلى شاه إيران.. دخلت في تحالف، غير مسبوق، كما يصفه مؤلف كتابنا، مع السلطان العثماني مراد الثالث في اسطنبول..

ثم عمدت إلى مفاتحة عاهل مراكش في ذلك الزمان من أجل إنشاء علاقة تجارية ما بين ضفاف الأطلسي وشواطئ البحر الأبيض المتوسط.. وهو ما دفع شعبها الإنجليزي إلى الاهتمام، إن لم يكن الاحتفال، بتلك الوشائج المستجدة، التي ربطت بين إنجلترا وأصقاع الشرق:(Orient)، وهو المصطلح الذي لايزال مستخدماً للدلالة على بقاع الشرق الممتد من أقصى الشمال الأفريقي المطّل على المحيط الأطلسي.. إلى أقصى أقطار المشرق العربي الممتدة من العراق شمالاً إلى الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية على المحيط الهندي من جهة الجنوب.

ومن الطريف ما يذهب إليه مؤلفنا، بأنه من دوافع البريطانية إليزابيث الأولى للتواصل مع الشرق وأقطار المغرب العربي، ما كان يتمثل في شغفها الشديد لمادة السكر وحلاوة السكرّيات التي كانت تتناولها إلى حد الإدمان، ولدرجة أن أصيبت بألم الأسنان في بعض الأحيان، وكانت تستوردها من تلك الأقطار.

Email