نسخة مطابقة لسجل تطور الجنس البشري

تاريخ الطب منذ القديم حتى اليوم

ت + ت - الحجم الطبيعي

قدّم الطبيب الفرنسي والأستاذ في جامعة باريس السابعة، عدة كتب عن تاريخ الماسونية وتاريخ الطب. وبعد أن أعدّ عملاً عن تاريخ الطب حتى بدايات القرن العشرين، يعود من جديد إلى الموضوع نفسه، لكن بحيث يشمل عمله "تاريخ الطب، منذ القديم حتى اليوم"، كما يدل عنوان كتابه الأخير.

يرجع روجيه داشيز بدايات ظهور الطب إلى الأكثر قدماً بين البشر. ذلك أن رغبة الشفاء كانت موجودة لديهم، إلى جانب عدد من الوصفات البدائية وبعض التمائم والحركات والتمارين البدنية. فهذه الممارسات كلها تناقلتها الأجيال.

ولا يتردد المؤلف في القول، انه في المنطقة الواقعة بين آسيا الوسطى وضفاف نهر النيل، ظهر "الأطباء الأوائل"، وهذا ما يشرحه على مدى العديد من صفحات الكتاب. ويذكر في هذا الإطار الكهنة المصريين والجرّاحين اليونانيين. ويشير إلى أن الأطباء المصريين، الذين كانوا من بين الكهنة في البداية، كانوا يمثلون النخبة في المجتمع. هذا ما تدلّ عليه وثائق عديدة تعود إلى آلاف السنين، كما تدلّ عليه رسوم على جدران المعابد المصرية القديمة أو على ورق البردي.

يعيد المؤلف ظهور "ممارسي الطب"، إلى حوالي 3500 سنة قبل العصر الميلادي. ويحدد عدداً من السبل التي تطوّر فيها مسار الطب. إذ توزّعت بين "قفزات، من دون ناظم لها في فن شفاء المرضى"، بفضل أطباء بارعين. أو ربما على يد أطباء مبهمين احتفظوا بأسرار علمهم الطبي.

يتحدث المؤلف عن ما يسميه "الطب ما قبل التاريخ"، فيشرح ما توصّل إليه الآشوريون والبابليون من المعارف الطبية. كما يحدد القول ان أقدم الآثار المكتوبة ذات العلاقة بالطب، تعود إلى قانون حموراري في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، والذي تضمّن نوعا من القواعد الخاصة بنشاط الطبيب وعواقب أخطائه المهنية.

ويبين أنه كان الآشوريون قد عرفوا قيام "أول مكتبة طبية". أما بالنسبة للغرب فيحدد المؤلف القول ان علماء الحقبة الإغريقية القديمة، هم الذين أسسوا لمسيرة الطب في الغرب، وذلك تحديدا عبر "الفصل بين السحر والطب".

يلفت المؤلف إلى أن الحفريات الأثرية التي قامت بها بعثات عديدة متخصصة، في بلدان تمتد من المغرب إلى باكستان، دلّت بوضوح على أن الحضارات التي قامت في تلك المنطقة امتلكت معارف شتى في مجالي الطب البشري العام وطب الأسنان كأحد فروع التخصص. والإشارة أن بعض الأسنان التي عثر عليها، تحمل بعض آثار التداوي. وتعود إلى حاولي 9000 سنة.

يروي المؤلف أن الرومان القدماء، كانت لهم أيضا مساهماتهم في تقدم مسيرة الطب في الغرب. وتدل رفاة جسد محنط بالثلج، عثر عليها عام 1991 في منطقة واقعة بين النمسا وإيطاليا، على أن تاريخ الطب في أوروبا يعود إلى فترة سابقة كثيرا على ما كان متعارف عليه قبل ذلك. يشرح روجيه دوشيز في فصل بعنوان: "ظلال وأضواء للطب في العصر الوسيط".

أنه كانت الكنيسة الكاثوليكية هي التي تتولى رعاية وإدارة المستشفيات ومصحّات الطاعون والجذام. وتشرف على تعليم الطب في الجامعات حيث عرفت مدينة مونبلييه أول كلية للطب البشري في فرنسا عام 1220 وفي تولوز عام 1229. ويؤكد المؤلف أن أوروبا استفادت كثيرا من العالم الإسلامي المتقدّم آنذاك. وأن كتاب ابن سينا الشهير "قانون الطب" مارس تأثيراً كبيراً على الطب في الغرب حتى القرن السابع عشر.

ويويضح المؤلف أنه يشكل القرن العشرين قرن الاكتشافات الطبية بامتياز، على صعيد الأمراض وعلاجها. ففي عام 1901 اخترعت "المعالجة الكيميائية". وفي عام 1944 أجريت أول عملية قلب مفتوح، ليقوم الطبيب الجرّاح كريستيان برنار بأول عملية لزرع القلب عام 1967.

وفي العموم، فإن الكتاب يجمع بين التاريخ الثقافي والتاريخ العلمي والفلسفة، وأثر هذه المشارب كلها في مسيرة التاريخ الطبي الإنساني.

 

 

المؤلف في سطور

 

روجيه داشيز، طبيب فرنسي. يدريس مادة الطب في جامعة باريس السابعة. سبق له أن قدّم عدداً من المؤلفات، منها : 1000 كلمة للتعريف بالماسونية، اختراع الماسونية.

 

الكتاب: تاريخ الطب.. منذ القديم حتى اليوم

تأليف: روجيه دوشيز

الناشر: تالاندييه- باريس- 2012

الصفحات: 640 صفحة

القطع: المتوسط

 

 

Histoire de la médecine

Roger Dechez

Tallandier - Paris- 2012

640 pp

Email