«عودة ميرة».. مشاعر تفيض حباً وحنيناً

ت + ت - الحجم الطبيعي

في روايتها «عودة ميرة» تغوص الكاتبة الإماراتية عائشة العاجل في خفايا الحياة والتفاصيل المتكشفة عن فقد الحبيب؛ أسرار كانت طي الكتمان، ومواقف وأحداث طفت على سطح الحقيقة التي لا يشوبها شك، وأشخاص يظهرون بأدوار كانت خفية وأصبحت أمام شاشة الأحداث لتشكل أبطالاً مساندين لهم تأثيرهم في تسارع الأحداث. وهكذا يفعل فقد العزيز، حيث تفيض المشاعر وتستفيق الذاكرة لتعود إلى أيام سادها جو التآلف والمحبة والتنزه في حدائق المحبة والتآلف.

تأويل

موت ميرة، الناشئ عن حادثة غامضة، تختلط فيه أجواء الرومانسية متلبسة أجواء روايات الجريمة وغموضها، لتفتح تلك الرموز عن تأويلات متعددة تتعلق في أسباب الوفاة والجاني وما ينشأ عنه من تخمينات وشكوك وتسليط لأصابع الاتهام. غير أنها مع ذلك تخرج عن «رتم» الروايات التي تسودها أجواء التحقيقات البوليسية لتكتسي بتفاصيل تعود بعجلة الزمن إلى الوراء، فتتطاير بين ثناياها مشاعر الحب القديم، والزواج المتهلهل، ومشاعر الأب والأم اللذين فقدا أغلى ما يملكان، الابنة الغالية.

تعتمد عائشة العاجل في سردها على أسلوب تعدد الشخصيات، بحيث إنها تتيح لكل منها التعبير عما تكنه من أسرار تغيب عن الشخصيات الأخرى، متبعة في ذلك أسلوب روايات الغموض، في علاقاتها مع «ميرة»، وهنا تتباين المواقف، وتتعدد الاحتمالات، وتفتح أبواب التأويلات على مصراعيهـا.

تداخل

ترصد الكاتبة في روايتها العلاقات الإنسانية وتشعباتها المتعددة، وبخاصة العاطفية منها، في علاقات تتشابك وتتداخل فيما بينها مكونة سلسلة الأحداث القادمة، وتربطها بما كان من أحداث سابقة، ويظهر ذلك التداخل في علاقة ميرة مع زوجها وأهلها، وعلاقة كل واحد من أبطال الرواية مع ميرة نفسها، ومع شخصيات ثانوية أخرى، كما ذكرنا آنفاً، أصبح لها قدم البطولة في تكوين الأحداث.

وهكذا فإن القارئ يستقي الأحداث بطريقة جاذبة بعيدة عن السرد البحت، بل يجد نفسه يتابع سلسلة أحداث وكأنها مصورة أمامه عبر شاشة أحداث افتراضية، بسيناريو متقن، تفننت فيه الكاتبة بكتابة الأحداث بشكل مصور ومتسلسل، حتى تصل بالقارئ إلى مبتغاه وما يستدعيه خياله ورغبته في إماطة اللثام عن المجهول الذي رافقه في جميع تفاصيل الأحداث.

تأثير

ومن أجواء الرواية نقرأ فقرات جاذبة وتعبيرات ملأى بالاستعارات والتشبيهات السهلة، غير أنها عميقة التأثير في نفس القارئ، فمن ذلك نقرأ: «... كانت علاقته بميرة أكبر من وساوس نورة، فهي ليست علاقة حب وخيانة، وإنما حيوات لم تقنعه، وكان ذلك كافياً لتكبر ثقتها بنفسها، كونها امرأته التي يعود إليها كلما ثقلت حمولته، وعلت أمواج الخيبة في وجه أشرعته.

التفت عبد الرحمن ليرى أن الوقت قد سرق منه دفتره الذي ملأه بالقصص والمحطات، وما استقر عند نقطة ولا فاصلة. هل كانت ميرة تعرف بزواج عبد العزيز من أخرى، وكتمت في نفسها غصتها، مؤثرة ألا تعيش ابنة خالتك وصديقتك نورة المأساة نفسها؟».

Email