رواية تغوص في ذاكرة الأيام الإماراتية

«سمكة الرمل».. إصرار يهزم السقوط

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تغوص رواية «سمكة الرمل» للكاتبة الإماراتية مها قرقاش في ذاكرة الأيام الإماراتية التي عبقت بتراث الغوص وتجارة اللؤلؤ، في بيئتها الجبلية وشخصية بطلتها، لتروي لنا قصة «نورة» تلك الفتاة التي نشأت نشأة بساطة، لا تعرف من خلالها حياكة المكائد أو إثارة الضغائن.

وتدور أحداث الرواية في خمسينيات القرن العشرين، حيث ناهزت نورة سنّ الرشد، في عامها السابع عشر، وغدت امرأة مختلفة عن نظيراتها في منطقة جبلية بأطراف شبه الجزيرة العربية، حيث أشعة الشمس اللاهبة.

وفي الوقت الذي تشاركهن فيه ضنك المعيشة وصعوبات الحياة دونما شكوى أو تذمر، كانت متوقدة وتميل إلى الاستقلالية. وبعد وفاة أمها وتردّي أبيها في جنون أدى إلى تردي أحوال الأسرة برمتها. تفرّ نورة من واقعها إلى زواج مرتَّب لها مسبقاً، لتساق من جديد إلى مصيرها الذي تفرّ منه بدافع الإحباط وتحطيم القلب والحسرة. وبعد أن تصبح الزوجةَ الثالثةَ لرجل أكبر منها كثيراً، تكافح للتأقلم مع بيتها الجديد بجوار البحر، حيث تتخيل نفسها «سمكة رمل»، وهي من الزواحف الصحراوية التي شاهدتها في الجبال، وإذا ما علقت في المكان الخطأ فإنها تستميت للهرب، وتهشِّم نفسها مرة تلو المرة على الصخور الصلبة. ولكن ما يلبث أن يسطع نور فيضيء ظلمة نورة البائسة، مفضياً إلى مفاجآت مروعة وأسرار ستغير مسيرة حياة تلك الفتاة.

لقد بقي منظر «سمكة الرمل» مرافقاً لنورة بعد زواجها.. وتدور رحى الأيام بها، في ظل مكثها في ذلك البيت مع زوجتين هي ثالثتهما.. تتعرض لمكائد من الزوجة الكبرى، التي تستدرجها وتستغل طيبتها وقلة خبراتها الحياتية، وحتى جهلها بأمور العلاقات المجتمعية السائدة، وإذا بها تقع في براثن أخطاء تعمَّدت «ضرتها» أن تدفعها نحوها.. وفي النهاية تصل لمرحلة اللاعودة؛ إما أن تستمر في حياتها وتكافح، وإما أن تستسلم للأخطاء والتحديات والمصاعب، وبذلك تنتهي حياتها إلى جحيم وتعاسة أبدية.. وهنا تقفز أمامها صورة «سمكة الرمل» تلك الحرباء التي واجهت كل التحديات والصعوبات، وعادت مرة بعد أخرى رغم الدماء التي تضرّجت بها، وما لبثت أن وجدت لنفسها مخرجاً لتستمر في الحياة دون أن يسيطر اليأس عليها، أو أن يدفعها السقوط مرة إلى أن تستسلم.

يبدو واضحاً في السرد القصصي للرواية التركيز على التفاصيل البيئية والمعيشية التي كانت سائدة في ذلك الوقت، مع تناول الشخصيات بالوصف الجسدي والنفساني، حتى إنها تصف أنفاس الشخصيات وهي تنفعل، وكأن القارئ يعايش تلك الأحداث وهو جزء منها. فهي ترى أن «سمكة الرمل» تمثل قراءة جذابة من حيث كونها وصفاً لزمن وأسلوب حياة محدودين جداً، يمتزج بمشاعر كونية، وبفهم للحب والغيرة والصداقة والبقاء.. كان هدفها أن توفر جواً عاطفياً للرواية، من خلال إظهار ما يجري من خلال المرشح العاطفي لدى نورة، فهي زوجة ثالثة عالقة في بيت تحفه الخطط والمكائد، فأردت أن يتفاعل القارئ وأن يدخل في رأس نورة ويرى العالم بالطريقة التي تراها هي.

لا تخفي الكاتبة جهودها في تصوير روايتها والعمل على جلب الأحداث بصورها وأشكال أشخاصها وما يحيط بهم، فقد قضت وقتاً طويلاً وهي تبحث في فن العمارة التراثية والغوص على اللؤلؤ ومراكبه، وطرق التجارة العربية والأزياء النسائية القديمة والأقمشة المستخدمة وطرق التجارة العربية، وتقنيات الخياطة.

الكتاب:«سمكة الرمل»المؤلفة:مها قرقاش / ترجمة: غالب المصريالناشر:قنديل للطباعة والنشر والتوزيع - 2017الصفحات:530القطع:المتوسط

Email