أشعار اتصفت بطلاقة الخيال وبديع التركيب والبناء

في أدب مصر الإسلامية.. قريحة إبداعية ناضجة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لفترات طويلة استقرت الآراء على أن أدب العصر الوسيط في مصر والمنطقة العربية، سيّئ، أو على الأقل لا يعبر عن قريحة إبداعية ناضجة، وهو الرأي الذي رفضه الناقد د.أيمن تعيلب في مقدمة كتاب «في أدب مصر اﻹسلامية»، موافقاً في ذلك رأي الكاتب د.عوض الغباري مع أول سطور كتابه.

وبمطالعة أشعار تلك الفترة سريعاً يرى جودة النظم الشعري واﻹبداع في التناول، كما وجده من أشعار الشاعر ظافر بن محمد بن صالح الأنصاري العدوي، في القرن الثامن الهجري، يقول:

تميل فتخجل الأغصان تيهاً

وتزرى في التلفت بالغزال

وتتعدد الأمثلة في القرون السابع والثامن والتاسع الهجري، ويصف أشعارها جميعاً بطلاقة الخيال وبديع التركيب والبناء، حيث عبر الشعراء عن مكانة ومحبة نهر النيل، كما في قصائد تميم بن المعز لدين الله الفاطمي، الذي يرى في النيل بهجة وسروراً، حيث يلاحظ القارئ مع متابعة قصيدة تميم الفاطمي، ممازجته بين النيل ومظاهر التطور الحياتي مثل التشبيه بفنون الأرابيسك أي الزخارف العربية، والتجريد والرمز السمة الأساسية في الفن اﻹسلامي.

ويلاحظ الكاتب أن بعض الشعراء يتعاملون مع التقلبات السياسية بالبلاد بقدر من إيثار العافية طلباً للأمان، ومنهم الشاعر ابن وكيع التنيسي، وهو في ذلك يلجأ إلى الطبيعة، والبعد عن كل ما يعكر صفوه، مع نفوره من الاشتغال بالسياسة.

الكاتب رصد في دراسة له بعنوان «ظاهرة التأليف الموسوعي في العصر المملوكي في مصر من منظور حضاري أدبي»، التعرف ببعض علماء مصر في تلك الحقبة ممن حافظوا على الثقافة العربية بتأليفهم الموسوعات الكبرى عوضا عن فقدان المكتبة العربية بعد سقوط بغداد على يد التتار.

وتم إنشاء الأزهر، ثم من مصر انتشرت السيرة النبوية، وانتشرت قراءة ورش عن نافع، كما جدد اﻹمام الشافعي مذهبه الفقهي. وأسس «ذو النون المصري» التصوف العربي الإسلامي، وتوجه «ابن الفارض» سلطان العاشقين.

وأثرت الشخصية المصرية التي تميل إلى الفكاهة في إنتاج أدب فكاهي متميز، فشخصيته مزيج بين الهزل والجد، كما هي مزيج بين حب الدين والدنيا. وهو ملاحظ مع موضوع جاد وهام هو صرامة الأيوبيين وانتصار حطين، طالعنا مؤلفو مصر بأدب فكاهي مثل كتاب «ابن مماتي»: «الفاشوش في حكم قراقوش».

ويعتبر الغزل في الأدب المصري علامة أخرى للشخصية المصرية، مثل أشعار البهاء زهير وغيره.

ومع تعدد اجتهاد شيوخ الأزهر كعلماء للدين، طالعنا بعضهم بفكاهيات نادرة، مثل الشيخ الشبيني الذي كتب في العصر العثماني، كتابه «هز القحوف فى شرح قصيدة أبي شادوف».

تلك الوسيطية المصرية بررها الكاتب بأثر الموقع الجغرافى للبلاد، مع مناخها المعتدل، حتى اعتبر الغزل من علامات الأدب المصري والشخصية المصرية. وقد أشاد ابن خلدون بابن هشام المصري النحوي ووصفه بأنه أنحى من سيبويه. أما العصر المملوكي في مصر، عصر العمارة المتميزة، وحقق الظاهر بيبرس الكثير من اﻹنجازات بمصر، بعد أن انتصر على التتار.

Email