يحوز دلالات غنية

الرقص الشعبي في النوبة..إرث حيوي

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يتناول كتاب «الرقص الشعبي في النوبة.. دراسة أنثروبولوجية في فن الأداء الحركي»، لمؤلفه محيي عبدالحي، أنماط الرقص الشعبي في مجتمعي النوبة المصرية والسودانية، ويضعها ويحللها في سياق اجتماعي ثقافي من خلال التعرف على طبيعة الرقص الشعبي في النوبة وأنواعه وأشكاله ومكوناته وخصائصه وطرق أدائه، وما يصاحبه من أدوات موسيقية وأزياء.

كما يرصد الكتاب في فصول ومباحث موسعة، تتسم بالدقة والتشعب، الوظائف والدلالات الثقافية للرقص الشعبي في مجتمعي الدراسة، قارئا في علاقتهما بالسمات والعناصر الثقافية المتوارثة وما طرأ عليها من تغيرات، ذلك بهدف الكشف عن هذه الحركات المتمثلة في الرقص الشعبي لتقديمها كإرث ثقافي لا مجرد حركات راقصة.

يقدم المؤلف عبدالحي بكتابه المكون من ستة فصول، معلومات تاريخية وعصرية، مستفيضة في خصوص موضوع الدراسة، ممهدا لذلك بالتعرف على أنواع وأشكال ومكونات الرقص الشعبي وخصائصه الثقافية، كأحد فنون الأداء الحركي في مجتمعي النوبة السودانية والنوبة المصرية..

كذلك التعرف على أوجه التشابه والاختلاف للأداء الحركي في الرقص الشعبي بين مجتمعي الدراسة. وفي المحور الأخير يضيء المؤلف على وظائف الرقص الشعبي المختلفة في مجتمعي النوبة السودانية والمصرية.

يرتكز الفصل الأول الى المدخل النظري للفنون الحركية، موضحا أن العلم الذي اهتم بدراسة حركة جسد الإنسان يحمل اسم «كينوسيولوجي»: «Kinesiology»، مشيرا إلى أن لغة الجسد تستخدم بصورة غير شعورية وتعبر عن مشاعرنا وانفعالاتنا واحتياجاتنا، ويؤكد المؤلف أن دراسة حركة الإنسان بدأت مع مستهل القرن التاسع عشر.

وبعد ما يقدمه عبدالحي، من تعاريف للمفاهيم النظرية للفنون الحركية، يبدأ الفصل الثاني بعنوان «الاتجاهات النظرية الحديثة في دراسات الحركة»، ويشير إلى خدمات وفوائد العلوم للحركات الإنسانية مثل علم الميكانيكا الحيوية وكذلك علم النفس، فضلا عن العلوم الاجتماعية والأنثروبولوجيا ودراسات الجسد.

أما الفصل الثالث، فيقدم فيه الباحث جملة توضيحات بشأن مجتمعي البحث في ما يخص موضوعة الرقص الشعبي، ذاكرا ما لبلاد النوبة من تاريخ في حضارة البشرية الإنسانية، وشارحاً الأصول التي تكونت منها بلاد النوبة، إذ يلفت إلى أن النوبيين ينتمون إلى قبيلة النوبادي اليدوية التي كانت تجول في الأجزاء الجنوبية من ليبيا والمغرب.

ويشير عبدالحي إلى أن نوبيي مصر والسودان مشتركون في العديد من مظاهر التراث الشعبي ولديهم استعداد فطري للترابط والتعاضد، كما أن للأداء الحركي والرقص الشعبي حضوراً كبيراً في ثقافة النوبة المصرية والسودانية.

ولا يقف الكتاب عند ملامح الشبه في منطقة الرقص الشعبي فحسب؛ بل يتطرق ضمن الكتاب إلى ملامح الشبه التي تربط بين المجتمعين من النواحي الاجتماعية والثقافية والشكلية..والاقتصادية أيضا، حتى التشابه في احتفالات الزفاف والعادات والتقاليد في الملابس..

وذلك بحسب ما جاء في الفصل الرابع.أما الفصل الخامس فيتطرق المؤلف خلاله إلى وظائف فنون الأداء الحركي، مبينا في هذا الفصل أن الرقص الشعبي له وظيفته التي تتجاوز التعبير عن طريق الكلام، بل هي إضاءة رمزية للحقائق الإنسانية، لهذا يركز جزء من هذا الفصل على المنظور الرمزي أو الدلالي لفنون الأداء الحركي..

مشيرا إلى أن الرموز وسيلة فعالة في عمليات الضبط الاجتماعي ولها طابع جمالي، ويبين الفصل ذاته وظيفة الرقص الشعبي في مجتمعي النوبة في مصر والسودان، ومشاركته في كثير من المناسبات، وأبرزها الأفراح والاحتفالات.

أما الفصل السادس فيقارن فيه المؤلف بين فنون الأداء الحركي في مجتمعي النوبة في مصر والسودان، لافتا إلى الخلافات الطفيفة التي أضيفت الى الفنون الأدائية في البلدين؛ نظرا للمحيط الذي تقع فيه في البلدين.

وبوجه عام، تمتاز هذه الدراسة المتخصصة، بضمها لخرائط وفهارس وصورا توضيحية لكل من الفنون الأدائية في البلدين (نوبة السودان ونوبة مصر)، وكذلك رموز الشخوص المشاركة في الأداء الحركي، علاوة على الخرائط الموضحة لحدود البلدين؛ وهو ما يجعلها دراسة شافية للراغبين في الاطلاع على ثقافة الحركة في بلاد النوبة بين مصر والسودان.

Email