أنسي الحاج من قصيدة النثر إلى شقائقه

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتضمَّن كتاب أنسي الحاج «من قصيدة النثر إلى شقائق النثر.. مختارات من أشعاره وخواتمه»، لمؤلفه الناقد العراقي عبد القادر الجنابي، دراستين.. مع مختارات من أشعار (أنسي الحاج 1937 – 2014): أربعون قصيدة، ومختارات من «خواتم» 150 شقيقة.

وتتناول الدراسة الأولى أنسي الحاج من خلال قصيدة النثر، أمَّا الثانية، الشوط الثاني من التجربة. كما ضمَّ الكتاب ملحقاً تناول فيه المؤلِّف حضور الليل في شعر أنسي الحاج.

وتسمية شقيقة/ شقائق، مبيناً أنها إنَّما جاءت بمعنى أشقَّاء وشقيقات تتعارض مع مفهوم قصيدة النثر، أو لنقل هي نثر شعري.. أو بمعنى آخر هي شعرٌ فكري!! فالفكر كما يتكلّم وليس كما يُكتَتب. الكلامُ، هنا، هو الكتابة.

لا يتحوَّل من حال إلى حال، وإلا فإنَّ الكلام يفقد حمولته الإيحائية حين يتحوَّل إلى كتابة. وهذا ما يحصل عندما يحاول كاتبٌ أنْ ينقل كلاماً محكياً إلى كلام كتابةٍ، فيتغيَّر اللسان.. يتحدَّد، وتُستبدل فيه الدقة بالتعبير. لذا فالأمر مختلف لدى أنسي الحاج، فهو يعتمد أساساً في كلِّ أعماله، على كلماتِ الكلام.

وليس على كلمات الكتابة، وهذا غير ممكن إلا بالاستناد إلى أفكار حقيقية صادقة، وكلمات فيها كثيرٌ من الشفافية والملء، بحيث إنَّ كلَّ كلمة تُصبح عَدَسةً تضبِطُ تَرْكيزَ صوَر الفكر على شبكية الكتابة التي هي ليست سوى شاشة. أفكارٌ هي صادقةٌ وشفافة.. لأنَّها بكل بساطة، تساير حركة الفكر الحقيقية.

ثمَّ يرى الجنابي أنَّ الرسالة التحرّرية لشعر أنسي الحاج الخالي من أيِّ تلميح أيديولوجي، تكمن، من جهة، في أنَّه وضع توجُّهاً شعرياً كلاسيكيَّ المنحى كان سائداً، على الرفِّ، مرّةً وإلى الأبد.

ومن الجهة الأخرى، في قدرته على زجّ اللغة الشعرية في معمعان التجريب الطليعي بنقل القصيدة من نطاق الدمدمة في الأذن إلى صور تسمعها العين؛ من قاموس الكلمات المزوَّقة وذات الوقع الرومانسي المستهلك، إلى معجم الكلمات الحيويَّة الصادمة، الخشنة لكنَّها معبِّرة بدقّة عن ثيمة الموضوع.

ويقدِّم المؤلِّف عبد القادر الجنابي بعض المختارات من أشعار الحاج وخواتمه التي، يقول بشأنها: لم أتبع في مختاراتي الترتيب الزمني وإنما أردت أن أضع لها ترتيباً جديداً يعطيها بعداً حيوياً يجعلها كأنَّها كتبت اليوم، بقدر ما كانت مستقبل حاضرها آنذاك، فهي لا تزال في الخطّ الطولي من مستقبل القصيدة العربية الحديثة: النومُ مع الخيال أحلى من النومِ مع الذاكرة.

اليدُ أعمقُ من الفم. كلَّما ازدادت حريَّتهم خفَّ وزنهم.

Email